@ لنتحدث أستاذ حسن عن الإنجاز الأخير الذي حققه عبد الرحمن؟
- إنجاز الابن عبد الرحمن بتحقيقه ميداليتين ذهبيتين في بطولة الأولمبياد الخاص الدولي السابعة لذوي الاحتياجات الخاصة والتي أقيمت منافساتها الأسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك في مقاطعة شنغهاي بالصين وكانت البطولة حقيقة بمثابة تحدٍ أن يحقق طفل بعمر العشر سنوات وبمثل هذه الظروف الصحية إنجازاً كهذا، وكان الإنجاز الحقيقي وما يثلج صدورنا أن عبد الرحمن كان المصنف الوحيد عالميا عن هذه الفئة.
وكيف تم إعداد عبد الرحمن لهذه البطولة؟
- الإعداد أخذ فترة طويلة واستمر لعدة أشهر بمتابعة شخصية مني ومن الكابتن عبد الرحمن الناصر والذي أشرف على الحصص التدريبية لعبد الرحمن ونقدم له جزيل الشكر حقيقة لأنه رافقنا أيضا إلى الصين على حسابه الخاص، وأكبر العقبات التي واجهتنا تتمثل في تصحيح الأخطاء التي كانت لدى عبد الرحمن وكذلك كيف نستطيع أن نطبق بعض التمارين المخصصة للأصحاء فقط على إنسان لا يستطيع التحكم على الجزء السفلي من جسده إضافة لوجود إعاقة ذهنيه لديه، وبتوفيق الله عز وجل تمكنا من إعداد عبد الرحمن بشكل جيد واستفدنا كذلك من خبير أسترالي زار المملكة في وقت سابق وزودنا بالكثير من الأفكار حول بعض العراقيل التي واجهتنا.
عامان من الإعداد
@ وكم أستغرق التجهيز الفني حتى وصل إلى هذه المرحلة؟
- (الإجابة لمدربه عبد الرحمن الناصر)..بدأت مع عبد الرحمن منذ سنتين تقريبا وكانت طريقة السباحة لديه مختلفة ولا تتجاوز العشرة أمتار حيث كان تحت متابعة ومجهودات والده الشخصية..فبدأت معه تدريجيا حتى وصل لهذه المرحلة..وخلال مشاركتنا في الصين أثار استغراب الجميع لأن حالته الصحية لا توحي بقدرته على خوض هذا السباق فعليا لأن توازن من هم في مثل حالة عبد الرحمن أمر صعب جدا خاصة في لحظة التنفس لأنه سينحرف عن المسار وكنا نبذل جهوداً مضنية في تعليمه السباحة وتحطيم الأرقام القياسية حتى استوعب ما كنا نعطيه من معلومات..والحمد الله كان يسير بشكل جيد وكان الرقم الذي يسجله يتناقص في السباحة الحرة خمسين متراً يوميا ويتطور بشكل مذهل إلى أن تمكن من قطعها في دقيقتين ونصف..وكانت المفاجأة للجميع هناك سواء المنظمين أو الجمهور بمشاركة عبد الرحمن لأنه لم يوجد منافس له في هذه البطولة الرسمية العالمية الوحيدة سواء من الأطفال أو حتى البالغين فتم تصنيفه عالميا على أساس الأرقام التي أرسلناها للجنة المنظمة قبل البطولة والمذهل أنه كسر هذه الأرقام في البطولة ولله الحمد.
@ أستاذ حسن كيف كانت بدايات عبد الرحمن مع السباحة؟
- أستطيع أن أقول أنها كانت غريبة..فكان شقيقه يوسف وبعض أقاربه مشتركين في مدرسة للسباحة العادية وكنت أصطحب عبد الرحمن ليتفرج ويروح عن نفسه..فكان يطالبني يوميا رغم صغر سنه أن ينزل للماء وكنت أخاف عليه بسبب مشاكله الصحية ومعاناته أيضا من الربو الشديد وحاجته اليومية للعناية الشديدة والتطهير..وأمام إصراره أحضرت له ملابس للسباحة من نوعية خاصة حتى تغطي بعض التشوهات الخلقية شفاه الله منها وكي لا تسبب نظرات الأطفال الآخرين الإحراج له وبدأت بتدريبه بخبرة صغيره والاستفادة من المدربين وجمعت معلومات من الانترنت والكتب..وفي أول مرحلة أكملنا شهراً حتى أستطاع أن يحبس أنفاسه تحت الماء لثلاث ثوانٍ..وكان التدريب يومياً وكنت أحاول كبح جماحه بسبب خوفي عليه نظرا لظروفه الصحية ووجدت لديه صبراً وقوة إرادة لم أجدها في رجال أشداء فتحمل تدريب عام كامل من أجل أن يقطع مسافة متر واحد ومن ثم بدأ يقطع عشرة أمتار وبطريقة السباحة الكلابية..حتى وصل إلى ما وصل إليه هذا عدا عن جهوده في المدرسة والتحصيل العلمي والذي يعتبر مرهقاً كثيرا بسبب إعاقته الذهنية..وعندما أتذكر ما عانيناه سابقا في تعليمه وتدريبه أحمد الله عز وجل فهو يقرأ ويكتب وحقق إنجازات لم يحققها أي طفل آخر في العالم وهذا ما كنت أحلم به أن أوصل رسالة لكل العالم بقدرات هذا المعاق وأن أفاخر به كل العالم.
هل فكرتم بالبحث عن أطفال من نفس فئته لمنافسته ومساعدة بعضهم البعض؟
- نعم فكرنا بل وحاولت تشكيل فريق صغير من زملاء عبد الرحمن وهم عامر بلشرف وإعاقته حركية ويعاني من هشاشة العظام وكنت أساعد في تدريبه حتى يتطور وينافس عبد الرحمن ويتقدمان سويا وأيضا محمد فريج العنزي وكان هذا الطفل يعاني من أزمات صحية ولكن شجاعة والده حقيقة ساهمت باقتناعه بفكرتي وبدأنا ندربهم..وكان هذا وللمعلومية بمجهودات شخصية من قبلنا وطلبت مساعدة الأخ عبد الرحمن الناصر لشعوري بثقل الحمل علي وكان العمل تطوعياً منا جميعا.
@ وما هي العقبات التي واجهتكم؟
- كنا بحاجة لآلية معينة في العمل وخطط ودعم كبير وبنية تحتية قادرة على تطوير هؤلاء الأطفال..فنحن لدينا الاستعداد ونجحنا بالفكرة مع عبد الرحمن لأنني قادر على مصاريفه الشخصية ولكن مع بقية الأطفال واجهنا الكثير من الصعوبات لأن فريق عمل كبير كهذا يحتاج لآلية ضخمه جدا وتحتاج لمعسكرات وطاقم كبير من المدربين.
عبد الرحمن دخل حاليا في مرحلة تدريبات الغوص..فهل هذا لمنافسات جديدة خصوصا أن هذا المجال صعب أيضا على الأسوياء؟
- (الإجابة لمدربه عبد الرحمن الناصر)..لا الغوص بالنسبة لعبد الرحمن ترفيه ومتعة له شخصيا وعندما نرغب بالترويح عنه أو مكافأته نبدأ باللعب معه بالغوص تحت الماء لأمتار بسيطة وكنا نرمي بعض الأشياء تحت الماء ليجلبها..فكان لدى والده فكرة بأن نرمي ميدالية تحت الماء ليجلبها وحتى يكون لديه تحدٍ لتحقيق ميدالية في الأولمبياد الدولي وعانينا صعوبات كبيرة حتى نفذ الفكرة وتمكنا من تصويرها تلفزيونيا وكي تحفظ في سجله الشخصي.
أبكى الجماهير الصينية !
@ وهل شعر عبد الرحمن بحجم الإنجاز الذي حققه في الأولمبياد؟
- قبل أن يكون معاق فهو طفل، ولكن عندما وجد مئات المشجعين يصفقون ويهتفون له فقط شعر بفرحة عارمة بل وهناك جماهير بكت تعاطفا معه وفرحة بالانجاز الذي حققه..وعندما حقق الميداليتين أصبح مطلباً للجميع والكل يرغب بالتصوير معه والحصول على توقيعه كتذكار..وأسمته الصحافة الصينية (البطل) وانتشرت صوره في الشوارع وعلى أغلفة المجلات وأبرزت صوره في الصحف إضافة لنشرات رئيسية تلفزيونية تحدثت عنه هذا عدا عن مئات الهدايا التي تلقاها..وحتى العاملين في الفندق كانوا يقدمون له الهدايا يوميا واصطحبوه لأحد المجمعات واشتروا له الهدايا واللعب الأمر الذي وقعنا في حرج نظير لطفهم وتشجيعهم اليومي له.
هناك تجاهل لقدرات هذه الفئة
@ أن يكون هو الوحيد المصنف عالميا..بماذا يوحي ذلك؟
-(الإجابة لمدربه عبد الرحمن الناصر)..نعترف بأن هناك تجاهلاً إلى حد ما من كل البشر تجاه هذه الفئة وعدم اعتراف بقدراتهم على تحقيق إنجازات مذهلة وفي كل المجالات..وأنا لا أتحدث عن عبد الرحمن فقط بل عن كل المعاقين فإن ظلوا على هذه الكراسي متى سيتمتعون ويمارسون حياتهم..كنا نشاهد عبد الرحمن كيف يتمتع وهو في الماء شعور لا يوصف ويقضي الساعات دون كلل أو ملل..كنا نطمح أن نشكل فريقاً حسب إمكانياتنا ولو على مستوى الرياض فقط ولكن واجهتنا مشكلة مع الآباء فخوفهم على أبنائهم لا يساعدنا في تحقيق نتائج ولابد من التعب والألم حتى يتطورون ويحققون إنجازات من صنعهم هم..وعبد الرحمن لما وجد الشجاعة والحزم لدى والده أصبح لديه إرادة وحماس وأنا أتمنى من الآباء أن يكون لديهم العزيمة والثقة بقدرات أبنائهم..وعندما حضر الخبير الأسترالي قال: إن هناك الكثير من هم في مثل حالة عبد الرحمن يحبون السباحة ولكن يحتاجون لصقل موهبتهم وشحذ هممهم..وبعض الآباء يعتبرون أن الأمر تسلية فقط لأبنائهم بينما هو علاج للثقة بالنفس وكذلك تطورت صحتهم بشكل كبير.