#1  
قديم 05-10-2013, 10:35 AM
الصورة الرمزية معلم متقاعد
معلم متقاعد معلم متقاعد غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 1,190
افتراضي الاعاقة وتحديات الالفية الثالثة

 

الاعاقة وتحديات الالفية الثالثة
د.موسى شرف الدين

رئيس جمعية اصدقاء المعاقين لبنان


منذ بدايات الألفية الثالثة بدأت تتشكل تحديات كبيرة أمام البشرية وكل ما يمت لإنسانية الانسان من قيم واعراف وعادات وتقاليد في خارطة زمانية ومكانية لها معاييرها ومقاييسها.

والأخطر من ذلك رياح التغيير العاتية التي عصفت في انماط الحياة والتسارع في وتيرة التحولات لناحية تحكم آليات التواصل المتعددة قي مفاصل الاقدار ومصائر الشعوب. فالعالم أضحى قرية صغيرة

والملايين من البشر والبلايين من الأموال ومئات البلايين من الاتصالات الالكترونية تحصل يوميا وتحول ملكية ثروات البشر إلى أيدي قلة من البشر على حساب الأكثرية الساحقة. وبتنا نعاصر شريعة غاب ولكن باحدث ما ابتكرته التقنيات العلمية.

فلا مكان لمن لا يستطيع اللحاق بالركب ومن يتخلف سيتبدد تحت عجلات هذا القطار الهادر.

إن انعكاس هكذا تغييرات يطال بالدرجة الاولى الشرائح المهددة في كافة المجتمعات وخاصة في الدول النامية.

نقف هنا لنستعيد ما أتت به الرسالات السماوية وما أقرته الشرائع والعهود والبيانات الدولية من حقوق مكتسبة للبشر، كافة البشر، كالحق بالحياة والحق بالحرية والحق بالنمو، والحق بالأمن والحق بالسلم والحق بالتعلم، والحق بالصحة، والحق بالعمل، والحق بالسكن، والحق بالتعبير عن الرأي، والحق بالتمتع بمواطنية وبهوية، والحق بعدم التمييز، والحق بعدم الابعاد والتعذيب والعزل والتهميش والاهانة، وغير ذلك من الحقوق المدنية والشرعية.

لربع قرن من الزمن نلهث سابحين ضد التيار بأمواجه العاتية بصحبة أفراد عائلاتنا والأصدقاء يشدون أزرنا , إذ أننا بدأنا مسيرتنا في خضم تغيرات مصيرية في الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي في لبنان والخارج، حيث بدأت تتكرس مفاهيم الحقوق الأساسية لأبنائنا المعوقين ليس منة, أو شفقة, أو نذرا, أو حسنة, أو صدقة, أو برا, أو تعويذة, أو أريحية, أو كرما, أو عملا خيريا اختياريا, أو دفع بلاء, بل حقا مكتسبا للجميع اللهم إذا اعتبرنا أن أبناءنا مواطنون من كواكب أخرى محملينهم وحدهم عبء اختلافهم مع أنهم يجهدون للحصول على كلمة المرور للولوج إلينا والاشتراك في اللعبة التي نضع وحدنا قيمها, نظامها, وقوانينها, وأعرافها, وعاداتها, وتقاليدها.

مع بداية الألفية الثالثة وما تحمله معها من تحديات وما تتطلبه من تغييرات نحو العولمة واختزال القيم باقتصاديات السوق، لا يسعنا إلا الإصرار على حقوق الفئات المهمشة والاقليات، والأشخاص المعوقين هم الأكثر تعرضاً للتهديد، والأكثر هشاشة من كافة أفراد المجتمع، مما يتطلب جهوداً مكثفة من كافة الأطراف, وهذا يضع الجميع أمام المسئولية الكبرى في هذا، لحمل رسالتنا وتسليط الأضواء على حقوقنا.

إننا على مشارف معاهدة دولية ملزمة، تكرس حقوق الأشخاص المعوقين لتؤمن لهم على مدى حياتهم، وذلك في مبادرة من الأمم المتحدة في محاولة لمواجهة التحديات السائدة.

نتمنى أن تتغير النظرة إزاء ولادة الأطفال المعوقين, رغم أننا نشهد تفاقما لمفاعيل الوصمة الاجتماعية التي تلهب المشاعر، وتقلب الأعراف وتعبث بالقيم. وهناك آمالاَ معقودة على ما تبشرنا به الأبحاث والتجارب والاكتشافات العلمية إزاء التعرف على الخريطة الوراثية لبني البشر، و ما يمكن أن يوظف منها للحد من حدوث الإعاقات والتقليل من عدد المصابين بها.

وتكمن هنا الكثير من الأمور الاجتماعية المتداخلة، فهناك ضغوط متعددة المصادر والموارد، والتي ترتدي طابع البراءة في أغلب الأحيان للتخلص من الجنين المعطوب.

ويبدو أن هكذا ضغوط مرشحة للتزايد مع الوقت, بالرغم من جهود الجمعيات العاملة في مجالات حقوق الإنسان وحقوق المعوقين.

ومن يصمد من الأهل من ضغوط المجتمع يرى نفسه مجدداً أمام تحديات أخرى ليس أقلها تحكم المؤسسات الضامنة – شركات التأمين الخاصة - في هكذا شؤون، وبالتالي اللجوء إلى الخدمات الاجتماعية وزيادة الأعباء على القطاع العام. إضافة إلى تنامي التشجيع والدعم لبرامج الأبحاث والدراسات بهدف عدم إنجاب المعوقين, متناسين أن الإصابة بالإعاقة لا تعود بالضرورة إلى أمور جينية أو وراثية.

فما مصير هؤلاء الذين لا تعود أسباب أعاقتهم لأمور وراثية؟

وما مدى الحيف الذي يلاحقهم ويلاحق أسرهم حتى قبل أن يولدوا.

لابد لنا إزاء ذلك من تسليط الأضواء على مدى الجهود التي يبذلها الأهل لاهثين من اجل حياة أفضل لأبنائهم. فالأسر الساهرة على تربية ورعاية وحماية أبنائها لا تنتظر مردودا حتى بانعدام الجدوى الاقتصادية. ونتبين بوضوح أن المهمات العاطفية والانفعالية تصاحب الجهود الجسدية والذهنية و تنال من صمود وسمعة هؤلاء ولطالما تكون النظرة لهم مغايرة أو اقله دونما أية تقديرات أو تشجيع مما يؤدي إلى إحباطهم والحط من عزيمتهم مع ما ينتج عن ذلك من هدر مادي ومعنوي.

علينا إذا الاقتناع بان الرعاية والتنشئة والتربية هي عمليات مضنية تستحق الدعم والتعزيز والتزود بالموارد اللازمة لمساعدة الأسر على إتمام ما عليهم من واجبات, ليتسنى للآخرين مساعدتهم.

وعلينا كذلك أن نكون منصفين في نظرتنا إلى التفاصيل الجزئية لعملية الرعاية, التي من الصعب إيجاد الكلمات المناسبة لشرح ووصف مسلسل الأحداث المترامية الأبعاد التي تحصل والتي لا يتمكن من قراءتها وترجمتها إلا من يعايشها أو يلعب دور فيها.

وكما نتمنى رعاية أسرية صحية ومعافاة لكبار السن من المعوقين عقليا علينا أن ندرك أن هكذا تمنيات يجب أن تقترن بدعم وتعاون وتكاتف مع أسرهم الذين نادرا ما نتعرف على الجانب الآخر من حياتهم.

نتطلع قدما إلى تنامي وتطور المنظور الاجتماعي إلى هكذا تحديات , وسيكون الأمر رائعا إذا ما واكب ذلك تطور في آليات الخدمة الاجتماعية لتطال حقوق الأبناء والآباء.

لنعمل سوية على ارساء ثقافة تليق بالناس كل الناس وخاصة اوالئك الذين تتهدهم المتغيرات نحو صياغة ابجدية قيمية لسياسة اجتماعية تتخطى النصوص والطقوس لتعبر بعفوية نحو القلوب والنفوس.


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 المكتبة العلمية | المنتدى | دليل المواقع المقالات | ندوات ومؤتمرات | المجلات | دليل الخدمات | الصلب المشقوق وعيوب العمود الفقري | التوحد وطيف التوحد  | متلازمة داون | العوق الفكري | الشلل الدماغي | الصرع والتشنج | السمع والتخاطب | الاستشارات | صحة الوليد | صحة الطفل | أمراض الأطفال | سلوكيات الطفل | مشاكل النوم | الـربـو | الحساسية | أمراض الدم | التدخل المبكر | الشفة الارنبية وشق الحنك | السكري لدى الأطفال | فرط الحركة وقلة النشاط | التبول الليلي اللاإرادي | صعوبات التعلم | العوق الحركي | العوق البصري | الدمج التربوي | المتلازمات | الإرشاد الأسري | امراض الروماتيزم | الصلب المشقوق | القدم السكرية



الساعة الآن 03:08 PM.