#1  
قديم 06-12-2012, 02:54 PM
الصورة الرمزية معلم متقاعد
معلم متقاعد معلم متقاعد غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 1,190
افتراضي برنامج التدخل المبكر لتنمية مهارات اللغة والتواصل لدى صغار الأطفال المعوقين سمعيا

 

برنامج التدخل المبكر لتنمية مهارات اللغة والتواصل لدى صغار الأطفال المعوقين سمعيا

أ.د.عبد الغفار عبد الحكيم الدماطي
أستاذ التربية الخاصة - كلية التربية ـ جامعة الملك سعود

تقديم
في ضوء ما توافر لعلماء اللغة من آدلة وبراهين على سرعة تعلم الأطفال العاديين لغة أمهاتهم، وتَفَوِقهم كذلك على الكبار في تعلم لغة ثانية إلى جانب لغتهم الأصلية فإن موريس Moores,2000) ) قد قام بتحقيق ودراسة ما ارتآه بعض العلماء من وجود فترة مثالية ـ أو على الأقل مهمة ـ لاكتساب اللغة وارتقائها، إذ يرون أن القدرة النوعية الخاصة بنمو اللغة وارتقائها تميل إلى بلوغ أوجِها في حوالي الثالثة والرابعة من عمر الطفل، ثم تميل إلى الانخفاض بصورة ثابتة بعد ذلك.
وطبقا لهذا الرأي فإن موريس Moores,2000) ) يرى أن البدء بأي برنامج لتنمية مهارات اللغة والتواصل لدى الأطفال الصم بعد أن يكونوا قد بلغوا الخامسة من عمرهم قد يكون محكوماً عليه بالإخفاق والفشل مهما كانت الطرق المستخدمة في هذا البرنامج. فبالرغم مما قرره علماء اللغة من أن صغار الأطفال العاديين لا يبدأون في وضع الكلمات معاً في جملة واحدة إلا بعد أن يبلغوا 18 شهراً من أعمارهم إلا أن الثابت أنهم يستقبلون اللغة منذ ميلادهم، وأن هذا الاستقبال يظل مستمرا على امتداد سنوات عمرهم. وطبقا لذلك فإنه يبدو من الضروري بل والمفيد إذن أن يبدأ المسئولون عن تربية ورعاية الأطفال الصم في تقديم برامج التدخل المبكر لتنمية مهارات اللغة والتواصل لدى هؤلاء الأطفال ، لا بعد أن يبلغوا سن السادسة أو الخامسة أو حتى الرابعة من عمرهم، بل يجب البدء بها فور ميلادهم أو فور التحقق من فقدان السمع وثبوته لديهم بصفة قاطعة دون انتظارأو إضاعة وقت (Conlon,2002).
وتحاول الورقة الحالية تقديم تصور مقترح لما ينبغي أن تكون عليه برامج التدخل المبكر في مرحلة ما قبل المدرسة لتنمية مهارات اللغة والتواصل لدى بالغي الصغر من الأطفال الصم.

ما المقصود بالتدخل المبكر والبرامج قبل المدرسية
ونعني هنا بالتدخل المبكر والبرامج قبل المدرسية ترتيب وإعداد برامج يلعب فيها الآباء ــ بالتعاون مع المدرسين والمدرسات المختصين ــ دورا أساسيا في دعم وخدمة من لم تتجاوز أعمارهم ثلاثة أعوام من الأطفال المولودين صمًّا أوالذين أصيبوا بالصمم بعد ولادتهم وقبل أن يبلغوا العام السادس من أعمارهم، بالإضافة إلى دعم وإرشاد أُسَرهم (Conlon,2002).
ويرى الخطيب (1998) أن من بين ما ينبغي لتلك البرامج أن تُهيِّئه لهم ما يلي :
1-إمكانية النمو الاجتماعي والعقلي واللغوي بالاستعانة أساسا بالتواصل البصري.
2-التفاعل الاجتماعي مع آبائهم وأفراد أُسَرهم، ومع غيرهم من الأطفال الصم، ومع راشدين صم كذلك.
3-الحصول على اختبارات وتدريبات سمعية ملائمة.

وفضلا عن ذلك فإن فريمان وزملاءه(Freeman et al.,1981) يرون أنه ينبغي لبرامج التدخل المبكر أن تتضمن بصفة أساسية تقديم إرشادات للآباء بشأن ما يمكنهم القيام به للتعاون مع المختصين في تيسير النمو اللغوي والتواصلي لدى أطفالهم، وبعبارة أخرى ، ينبغي أن تتضمن هذه البرامج ما يلي:
1-توجيه الآباء إلى َضرورة تلبية حاجة الطفل الأصم الأساسية إلى الاتصال بالآخرين بصرياً ووجدانياً عن طريق رؤية ما يدور حوله، إذ ينبغي ألا يشعر هذا الطفل بالعزلة أو أن يُترَك وشأنه.
2-تعريف الآباء بجميع الوسائل الممكنة التي يمكنهم اللجوء إليها للتواصل مع أطفالهم في المنزل كالحركات الطبيعية، والأصوات، والألعاب، وكلمات تُلفَظ على مَقْرُبَة من أذن الطفل، وقراءة الشفاه، ولغة الإشارة، والإيماءات والتلميحات، والتهجي بالأصابع.
3-توجيه اهتمام الآباء إلى أهمية المعينات السمعية للنمو اللغوي، وتعريفهم بخصائصها، وتركيبها، وطرق تشغيلها وصيانتها، وكيفية تدريب أطفالهم الصغار على استخدامها والإفادة منها بشكل سليم وفعّال في تنمية مهاراتهم في اللغة والتواصل.
4- إرشاد الآباء إلى الالتقاء بغيرهم من آباء الأفراد الصم عن طريق رابطات الآباء مثلا، والجمعيات التي تضم أولياء أمور الأطفال المعوقين سمعيا.

ويرى البعض أنه يمكن لصغارالأطفال الصم عموما الاستفادة من مشاركتهم في برامج التدخل المبكر قيل أن يبلغوا سن دخول المدرسة حتى وإن أدى ذلك إلى فصلهم عن أُسَرهم معظم النهار، بل ولمدة أسابيع متتالية. ذلك أنهم من خلال هذه البرامج:
1- سوف يُنَمّون مهارات السيطرة الإيجابية على الوسط البيئي المحيط بهم.
2- وسيُنَمّون كذلك مشاعر التقدير للآخرين ومراعاة شؤونهم.
3- وسيتعلمون التعاون والتواصل فيما بينهم وبين أقرانهم من الأطفال الصم المشاركين في البرنامج.
4- كما ستتاح لهم فرص الاستمتاع باللُّعَب، والإنصات إلى الحكايات والتفَرُّج على الصور، وتمثيل الأدوار.
5- وسيَنْمون بدنياً عن طريق الإيقاعات الراقصة وغيرها من الأنشطة الإيقاعية.
6- بالإضافة إلى اكتسابهم بعض مهارات اللغة والتواصل وبخاصة ما يعتمد منها على حاسة البصر.

المقومات الأساسية للبرنامج
ينبغي للمسئولين عن وضع وتصميم برامج التدخل المبكر الملائمة لصعار الأطفال الصم الذين لم يبلغوا بعدُ سن المدرسة العمل على أن تهدف هذه البرامج بصفة أساسية إلى تسهيل نموهم اللغوي وبناء وتأسيس وتطوير مهاراتهم اللغوية والتواصلية. ولكي نضمن لهذه البرامج فرصة النجاح في تحقيق هذا الهدف فإنها ينبغي أن تقوم على المقومات الرئيسية التالية:
1- إتاحة بعض الاستراتيجيات (الأُطُر) التي يمكن للمسئولين الاختيار من بينها لتقديم الخدمات الإرشادية والتربوية والتدريبية للصغار الصم وآبائهم.
2- إرشاد الآباء وتوعيتهم بأهمية الكشف المبكرعن أطفالهم المعوقين سمعياً والصعوبات التي قد تعترضهم في سبيل هذا الكشف.
3- إرشاد الآباء وتوجيههم إلى السبل الكفيلة بالتعامل بفعالية مع أطفالهم المعوقين سمعيا، وإلى كيفية مساعدة أطفالهم من خلال البرنامج على تنمية مهاراتهم في اللغة والتواصل.
4- تقديم الإرشاد النفسي والعلاجي للآباء الذين قد يحملون إلى البرنامج مشاعر سلبية أو مَرَضيّة ناجمة عن ابتلاء أحد أفراد أسرهم بكارثة الصمم، والتي قد تؤثر على تعاملهم بفعالية مع أطفالهم.
5- اختيار المدرسين الأكفاء الذين تلقوا تدريبا وإعدادا جيدا للعمل في هذا البرنامج.
6- وضْع خطة لتدريب هؤلاء الصغار على التواصل في المنزل مع أسرهم وذويهم، وبناء منهاج لتنمية مهاراتهم في اللغة والتواصل قائم على أساس من مبادئ النمواللغوي العادي وأسسه، وفي إطار من الأوضاع والخبرات المنزلية والأسرية الطبيعية التي ينمو في ظلها الأطفال العاديون.
7- إتاحة عدد من الطرق والبدائل التواصلية التربوية التي يمكن للمعلمين والآباء الاختيار من بينها بما يلائم خصائص واحتياجات وإمكانات كل طفل من أطفالهم.
8- تزويد كل طفل مشترك في البرنامج بمعين سمعي ملائم يكفل له تكبير الصوت وتضخيمه.


 

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-12-2012, 02:55 PM
الصورة الرمزية معلم متقاعد
معلم متقاعد معلم متقاعد غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 1,190
افتراضي

 

وفيما يلي سوف نتناول بالإيضاح والتفصيل كل مقَوِّم من هذه المقومات.
المقوِّمالأول
في نطاق هذه المقومات عموما، ولكي يتملبرنامج التدخل المبكر تحقيق أقصى قدر ممكن من النجاح في مساعدة صغارالأطفال الصم على تنمية مهارات اللغة والتواصل في السنوات المبكرة منعمرهم فإن المختصين في إعداده وتصميمه (Streng et al.,1978) قد اقترحواعددا من الأُطُر والبدائل الاستراتيجية التي يمكن اللجوء إليها فيتقديمه وتنفيذه، والتي يمكن كذلك لكل ثقافة من الثقافات المختلفةالاختيار من بينها بما يلائم إمكاناتها وتطلعاتها ومنظوماتها الخاصة منالقيم الدينية والاجتماعية والثقافية والتربوية، إلى جانب تلاؤمها معما تتميز به من عادات وتقاليد إيجابية وبناءة.
وبداية فإن من بينالاستراتيجيات (الأُطُر) المقترحة التي يمكن اللجوء إليها في إرشادالوالدين إلى الطريقة المثلى التي يسلكونها في تعليم اللغة لصغارهمالصم وتدريبهم على التواصل بها الاستعانة في كل برنامج بمعلم شبيه فيإعداده وكفاءاته المهنية بالمعلم الجوال itinerant teacher، بحيثيمكننا أن نطلق عليه تجاوزا " المدرس الزائر" visiting teacher.
وقد تم بالفعل اللجوء إلى هذا الأسلوب (الإطار) الإرشادي التدريبيفي بلاد مثل بريطانيا، واسكندينيفيا، وكندا، واليابان، كما استخدم فيمناطق كثيرة من الولايات المتحدة الأمريكية (Oyer,1976). ولكن ــوللأسف ــ بعد مرور فترة من تطبيقه تبين للمسئولين أن تلك الزياراتالإرشادية التدريبية التي يقوم بها المدرس الزائر لكل منزل فيه طفل أصملم يُنظَر إليها باعتبارها أمراً عملياً أو واقعياً في كل الأحوال، إمابسبب النفقات الباهظة التي يتطلبها سفر (انتقال) هذا المدرس إلىالمنطقة التي يقيم فيها الطفل وصعوبة الوصول إلى منزله، أو بسبب قلةعدد الأطفال الصم في المنطقة التي خُصِّصت له لزيارتها، كما في المناطقالريفية النائية مثلا، أو بسبب رفض بعض الآباء تَطفُّل هذا المدرسالزائر واقتحامه ــ من وجهة نظرهم ــ خصوصياتهم وشئون حياتهم العائليةالخاصة.

وبالرغم من تلك الصعوبات المحتملة فإن المختصين يرونأنه لا ينبغي لمصممي هذه البرامج التخلي بسهولة عن اللجوء إلىاستراتيجية (إطار) " المدرس الزائر" في تقديم الخدمات الإرشاديةوالتدريبية للأطفال الصم وأولياء أمورهم في منازلهم، أو التخلي عنالاستفادة منها مهما كانت الصعوبات التي تعترضها، إذ قد أثبتت الزياراتالتي يقوم بها هذا المدرس فعاليةً كبيرةً في خدمة صغار الصم الذينيقطنون في المناطق الآهلة بالسكان، وبخاصة إذا توافر عدد من المدرسينوالمدرسات المدربين تدريباً جيداً على القيام بتلك الزيارات والعملالإرشادي مع أُسَر بالغي الصِّغَر من الأطفال الصم، أو من معلمات رياضالأطفال المتمتعات بقدر كبير من الخبرة والكفاءة في مجال إرشاد وتدريبأمهات هذه الفئة من الأطفال الصم.(Streng et al.,1978)
من جانب آخرفإنه إذا لم يكن ممكنا لهؤلاء الصغار ولا لأولياء أمورهم الاستفادة منالخدمات الإرشادية والتدريبية التي يتم تقديمها في إطار من استراتيجية " المدرس الزائر" لأي سبب من الأسباب المذكورة أعلاه فإنه يمكن لمصمميبرامج التدخل المبكر اللجوء إلى استراتيجية (إطار) أخرى بديلة يمكن أننطلق عليها " الوضع المنزلي المدرسي school-house setting" والتي تتمثلفي إنشاء وتهيئة مكان في مدرسة ما من مدارس رياض الأطفال (إن وُجِدت) أو في إحدى المدارس الابتدائية في منطقة ما من المناطق التي يقع عليهاالاختيار لخدمة أكبر عدد ممكن من أبنائها.
وينبغي لهذا الوضع (أوالإطار) أن يكون شبيهاً إلى حد كبير بالأوضاع المنزلية الواقعية التيتعيش في إطارها الأسر عموما، وبالببيئة المنزلية الحقيقية التي يعيشفيها الطفل الأصم من حيث جوِّه النفسي وترتيبه وأثاثه ونظام حياتهالروتيني، حيث يمكن لصغار الأطفال الصم وآبائهم معاً أن يتلَقَّواتدريبات وتعليمات وإرشادات خاصة بكيفية التواصل لتنمية مهارات الكلامواللغة، وبحيث يمَكّن الآباء والأمهات من تعميم الخبرات والمعارفوالمعلومات التي يكتسبونها في إطار هذا الوضع، ونقلها من مواقف الإرشادوالتدريب إلى بيوتهم الخاصة، حيث يقومون بتطبيقها وإدماجها فيتفاعلاتهم الواقعية واحتكاكاتهم اليومية التواصلية معأطفالهم(Simmons-Martin,1976).

كذلك فإنه يمكن للآباء والأمهاتالذين يرغبون في الانضمام إلى هذا البرنامج أن يصطحبوا أطفالهم معهمللقيام بزيارات أوّلية لمبنى المدرسة التي أنشئ فيها بهدف استطلاع مايجري فيه من خدمات، وطلباً للاسترشاد والتوجيه ممن يعملون فيه، على أنتكون مقرونة من جانب المدرسين العاملين في البرنامج بزيارات عَرَضيّةلمنازل هؤلاء الأطفال، حيث يقومون بها لاحقا بعد أن يطمئنوا إلى اقتناعأولياء أمورهم بالبرنامج، وبعد التأكد من نمو علاقة مليئة بالثقةالمتبادلة فيما بينهم.
وفي سبيل تشجيع الآباء على القيام من حينإلى آخر بزيارات منتظمة للبرنامج فإنه ينبغي أن تُهيَّأ لهم وسائلالانتقال إلى مقرِّه في المدرسة التي تقدمه، وأن تُخصَّص لهم فيها غرفاستضافة تكون تحت تصرفهم. وفي أثناء زيارات كهذه ينبغي أن يتلقى الآباءتوجيهات وإرشادات بشأن أطفالهم، وأن يتلقوا كذلك دروساً في لغة الإشارةوغيرها من وسائل التواصل البصري.
ولما كان من المحتمل أن ينضم إلىهذا البرنامج عدد غير قليل من الأطفال الصم الذين يأتون من أماكن نائيةأو متفرقة على مساحات كبيرة فإنه قد يتعين على بعضهم الالتحاق بالقسمالداخلي من البرنامج (إذا وُجِد). فإذا لم يكن ذلك متيسرا لأي سبب منالأسباب فإنه يتعين على القائمين على برامج التدخل المبكر أن يوفروالهم من وسائل الانتقال ما ينقلهم إلى المدرسة التي تقدم البرنامج ومنهاإلى بيوتهم. فإذا توجَّب على بعض الأطفال الالتحاق بالقسم الداخلي منالبرنامج فإن على معلميهم أن يتخذوا من الترتيبات ما يمكّنهم من القيامبزيارات عرضية لآبائهم، وأن يناقشوا معهم آراءهم حول ما يقدمه البرنامجمن خدمات، وما يحرزه أطفالهم من تقدم، وما هو متاح للأبوين من فرصالتعاون مع البرنامج في سبيل توفير أفضل الظروف والمناخات التي تساعدأطفالهم على النمو لغويا وتواصليا.
وبالرغم مما حققته استراتيجية " الوضع المنزلي المدرسي " من نجاح نتيجة لفعاليتها وتوفير ما يقضيهالمدرس الزائر من وقت طويل في السفر والانتقال إلى منازل هؤلاءالأطفال، فإن سترينج وزملاءهـا (Streng et al.,1978) يرون أن عددا غيرقليل من الآباء أو الأمهات قد لا يتمكنون من الاستفادة منه، نظرا إلىأن حجم بعض الأُسَر وظروفها الخاصة ومستوياتها الثقافية(التعليمية) والاقتصادية، بالإضافة إلى بعض العوامل والحواجز النفسية والمصادرالبيئية المحدودة قد تُحِدُّ من فعالية تلك الاستراتيجية والاستفادةمنها بالنسبة لبعض الآباء.

من جانب آخر فإن عدم وعي عدد غيرقليل من مجتمعاتنا العربية بأهمية برامج التدخل المبكر لتنمية مهاراتاللغة والتواصل في السنوات المبكرة من عمر الطفل الأصم، بالإضافة إلىما سوف يتطلبه هذا التدخل من جهود وتكاليف باهظة قد يؤدي إلى تقاعسكثير من المؤسسات التربوية والاجتماعية عن التفكير في إيجاد مثل هذاالنوع من برامج رعاية بالغي الصِّغَر من الأطفال الصم ( للحصول على شرحمفصَّل لأسباب هذا التقاعس انظر: الخطيب والحديدي،1998 ص 63ـ 73 ). وبالإضافة إلى ذلك فإن بعض هذه المجتمعات ــ متأثرة بنظرتها التقليديةإلى التربية عموما ــ لا زالت تعتبر انضمام أمهات الصغار الصم إلى هذاالبرنامج لتلقي الإرشاد والتوجيه والتدريب فيما يتعلق بدورهن في تنميةمهارات أطفالهن في اللغة والتواصل ــ لا زالت تعتبره ــ أمرا غريبا علىنُظُمنا وبرامجنا التربوية الخاصة، وبالتالي فإن تلك المؤسسات قدتستبعد إمكانية تحمُّس أُسَر هؤلاء الأطفال للانضمام إلى مثل هذهالبرامج والإقبال على المشاركة في نشاطاتها.
ومهما يكن من أمراقتناع المسئولين في تلك المؤسسات أو بعض أولياء الأمور بجدوى الخدماتالإرشادية والتدريبية التي يقدمها هذا البرنامج، ومهما كانت الصعوباتالتي قد تعترض سبيله، وأيًّا كان الإطار المادي (المكاني) المخصصلتقديم تلك الخدمات فإنه يتوجّب على العاملين فيه من معلمات ومعلمينوغيرهم أن يوفروا لمن يقبلون الانضمام إليه من الأطفال الصم وأولياءأمورهم جواً نفسياً شبيهاً إلى أقصى حد ممكن بالجو النفسي والمادي الذييجدونه في بيوتهم. وفي سبيل توفير مثل هذا الجو فإنه ينبغي استبعاد كلما يغلب عليه الطابع المدرسي من معدات وأدوات مدرسية وأشياء وموادوأجهزة لتحل محلها مواد وأشياء أخرى شبيهة بمعدات المنزل وأثاثهوترتيبه. ويمكن في هذا الصدد تشجيع من يرغب من الآباء والأمهات على أنيُحضِروا من منازلهم ما يمكنهم إحضاره (أو الاستغناء عنه) من أدواتوأشياء وألعاب بحيث يمكنهم استخدامها في الفترات المخصصة من البرنامجلتدريب أطفالهم. ولكن الأهم من ذلك كله هو أن يكون الجو النفسي الذييوجده العاملون في هذا البرنامج مؤكِّدا لأسلوب البيت وطريقته فيالتعامل بتلقائية والتواصل بشكل طبيعي مع أطفالهم الصغار الصم بدلاً منالتأكيد على الطريقة المدرسية التي تتميز بالسلطة والحزم والانضباط إلىغير ذلك من نُظُم وضوابط مدرسية لا تتلاءم مع هؤلاء الصغار في تلكالمرحلة المبكرة جدا من أعمارهم، ولا حتى مع أهاليهم وذويهم.

المقومالثاني
يتطلَّب الإسراع العاجل في مساعدةصغار الأطفال المعوقين سمعياً على تنمية مهارات اللغة والتواصل ضرورةتبصير آبائهم بأهمية التعرف المبكر على الفقدان السمعي لدى هؤلاءالصغار واكتشافه في وقت مبكر قبل أن تستفحل خطورة الآثار المترتبةعليه.
وفي أول مرة يلتقي فيها الآباء بالمختصين العاملين فيالبرنامج ينبغي إرشادهم وتوجيههم إلى أن الكشف المبكر عن إعاقة الطفلالأصم وتشخيصها ومعالجتها طبّيا ــ إن أمكن ــ يعدّ الخطوة الجوهريةالأولى لتهيئة أفضل الظروف الممكنة للتدخل المبكر لتنمية مهاراتهاللغوية والتواصلية.
إذ ينبغي إرشادهم إلى أن الطفل الوليد عندما لايستجيب للأصوات العالية ولا يبدي قدرة على الكلام في الوقت المناسب فإنمَن حولَه ينزعون عادة إلى استنتاج أن هنالك أمراً غير عادي يحدث معهذا الطفل. غير أن معظم الرُّضَّع من الأطفال الصم لا يكادون يقِلُّونعن أقرانهم من الأطفال العاديين في التنبه والاستجابة لآبائهم وأمهاتهموأشقّائهم، حيث تعوضهم حاستا البصر واللمس وأحاسيس ومشاعر أخرى عمايعانونه من عجز عن السمع، مما يعني أن الآباء والأمهات لا يكتشفونبسهولة أن أطفالهم يعانون من مشكلة في حاسة السمع (الدماطي،2005).
وحتى إذا عُرِض الطفل الرضيع على أرباب التشخيصالمختصين في قياس السمع واختباره فإنه من المحتمل ألا يدركوا أنه طفلأصم، لأنه يستخدم سائر حواسه ويستجيب للضوضاء المنبعثة من حولهباستجابات سلوكية لا تختلف عن سلوك أقرانه من الصغار العاديينالمتمتعين بسمع سليم.

كما ينبغي إرشاد أولياء الأمور إلى أنالصعوبات التي تعترض اكتشاف القدرة على السمع واختبارها لدى الرُّضَّعوصغار الأطفال ربما كانت أهم أسباب تأخر الكشف عما يعانونه من فقدانشديد لحاسة السمع. وقد يكون من المطمئن لبعض الآباء الذين يعبرون عنفشلهم في اكتشاف الصمم مبكرا لدى أبنائهم أن نخبرهم بأنه قد يحدثأحياناً ألا يُكتَشَف الصمم لدى الوليد الصغير إلا في وقت متأخر نسبيا،أي قبل أن يبلغ من العمر ثلاثة أو أربعة أعوام، وأن ذلك أمر محتمل حتىفي بلد مثل أمريكا التي تعتبر على درجة عالية من الخبرة والكفاءةوالمعرفة بإجراءات الكشف والتشخيص والعلاج المبكرة ( الدماطي،2005).
وليس من الأمور السهلة بأي حال من الأحوال أن يعيشالوالدان مع طفل أصم يوماً وراء يوم وهما يعلمان أن في الأمر شيئا دونأن يعرفا مضموناته أو ما ينبغي لهما فعله إزاءه. ونظرا لأن التشخيصالذي لا يعقبه علاج هو إجراء يتسم بالقسوة، فإنه ينبغي دائماً أن يقترنالاكتشاف والتشخيص المبكرَيْن للصمم بخدمات إرشادية للآباء، وتقديمإيضاحات عملية لهم تتعلق بما يمكنهم عمله من أجل أطفالهم (الخطيب،1998). كذلك فإنه ينبغي إرشادهم إلى ضرورة بذل كل جهد ممكن لاختزالالفترة الفاصلة بين اكتشاف فقدان السمع في الطفل والتحقق من أنه لنيبرأ ( يُشفى) منه من جانب والشروع في إلحاقه ببرنامج ملائم للتدخلالمبكر من جانب آخر.

المقومالثالث
ويشمل هذا المقوم إرشاد الآباءالمنضمين للبرنامج وتوجيههم إلى السبل الكفيلة بالتعامل بفعالية معأطفالهم المعوقين سمعيا، وإلى كيفية مساعدة أطفالهم من خلال البرنامجعلى تنمية مهاراتهم في اللغة والتواصل. و تجدر الإشارة في بداية الحديثعن هذا المقوم إلى أن أكثر من تسعين في المائة من الأطفال الصم يولدونلآباء وأمهات عاديين ممن ليست لديهم مسبقا أيَّة خبرة معرفية أو عمليةبالصمم وما يترتب عليه من آثار خطيرة في نمو أطفالهم وتنشئتهم. كما أنأول شيء يقال لهم عن صمم طفلهم لن يبرح ذاكرتهم أبداً. ومن هنا فإنه منالأهمية بمكان أن يكون لدى المرشدين النفسيين والمعلمين العاملين فيبرامج التدخل المبكر فهْم واع وبصيرة نافذة بالاحتياجات الخاصة بكل طفلوأسرته وبإمكانياتها وقدراتها. كما ينبغي لهم أن يتلافوا اتّبـاع نَهْجمُوحَّد في نصح الآباء وإرشادهم، ومن واجبهم كذلك أن ينظروا دائماً إلىإمكانيات كل أسرة وأن يؤكدوا على ضرورة أن يتخذ والدا الطفل الأصمموقفا إيجابيا من نموه وتطوره.
وفي لقاءاتهما الأولى بالعاملين فيالبرنامج فإن أول ما يتبادر إلى ذهن الوالدين بعد أن يتحققا من أنطفلهما أصم هو ما إذا كان سيتعلم الكلام أم لا. ولذلك فإن السؤال الأولالذي يطرحانه عادة هو " هل سيتكلم طفلي ؟ " ونظرا إلى أنه من الصعبدائماً أن نعرف كيف سيتم للطفل الأصم اكتساب مهارات الكلام فإنه ينبغيللعاملين في برامج التدخل المبكر أن يتوخُّوا جانب الحيطة والحذر منإعطاء جواب قاطع عن هذا السؤال، وأن يستعيضوا عن ذلك بتركيز اهنمامالوالدين على ما يمكنهما عمله من أجل مساعدة طفلهم على النمو نفسياولغويا وتواصليا واجتماعيا في المستقبل القريب.

وينبغي أنيُحاط الأبَوان علما بأن طفلهما الأصم يمكنه أن يحقق نمواً طبيعياً فيجميع الجوانب باستثناء التواصل باللغة المنطوقة (الكلام)، كما ينبغيإرشادهما إلى مايمكنهما القيام به استجابة لما يطرأ من تطور على قدراتالتخاطب (التواصل) لدى طفلهما. فالطفل بإمكانه أن يتعلم التخاطبوالتواصل، ولكن وسيلته إليهما يجب أن تتواءم مع حاسة البصر. ولذلكينبغي تعريف الآباء بمختلف وسائل التواصل البصري التي يمكنهم من خلالهاإعانة أطفالهم على تعلمها وتعلم المعينات اليدوية للكلام. كما أنه منالأهمية بمكان أن تُقدَّم لهم إيضاحات عملية لتلك الوسائل حتى تتاح لهمفرصة حقيقية لاختيار الطريقة والكيفية التي يتواصلون بها مع أطفالهمالصم.
وبالإضافة إلى ذلك فإنه ينبغي أن يُشَجَّع الآباء على التعاملمع أطفالهم على أساس من العلاقة الطبيعية التي تربط بينهم وبينأبنائهم. ذلك أن بعض الآباء ـ في غمرة حماسهم البالغ لتقديم ما يرونهمن جانبهم أفضل عون ممكن للطفل ـ قد يبادرون إلى تعليمه اللغة غافلينعن تلبية حاجته إلى التواصل التلقائي. فإذا لم يتم إرشاد الآباء إلىنهج التواصل الشامل ولغة الإشارة التي يمكنهم استخدامها في التعامل معصغارهم الصم فسوف يواجِهون في مستقبل حياة هؤلاء الصغار عديدا منالمشكلات في الاتصال بهم والتخاطب معهم.

كذلك فإنه ينبغيللقائمين على البرنامج تشجيع الآباء على البحث عن أطفال آخرين صم وكذلكعن راشدين صم ممن يقطنون في نفس الحي لكي يتيحوا لأبنائهم فرص التواصلمعهم والاحتكاك بهم. كذلك فإن اتصال الآباء بأُسَرٍ أخرى تضم بينأعضائها فردا أصم ــ أو أكثرمن فرد ــ من شأنه أن يُمَكِّنهم من تبادلالخبرات مع هذه الأسَر وتلقي مؤازرتهم الاجتماعية والوجدانية.
ولكيتحقق برامج التدخل المبكر(قبل المدرسية) أقصى قدر ممكن من النجاح فيتحقيق أهدافها، فإنه ينبغي للمعلمين أن يُطلِعوا الآباء في لقاءاتهمالأولى بهم على الخبرات والتجارب التي سوف يمرون بها هم وأطفالهم فيإطار هذه البرامج. ويُعدُّ التواصل الوثيق بين العاملين في برامجالتدخل المبكر وأسرة الطفل الأصم أمراً بالغ الأهمية لتهيئة ظروفتتضافر فيها الموارد الوجدانية للأسرة وفرص التعلم التي تتيحها تلكالبرامج للأطفال الصم (الشناوي،1998).
كذلك فإنه ينبغي توجيه اهتمامالوالدين إلى أن طفلهما قد يستسلم في بداية البرنامج للسلبية والانطواءإذا لم يكن قد صادف قبل انضمامه إليه أيَّة إيماءة أو لغة إشارة،وبالتالي فإنه ينبغي طمأنتهما إلى أنه لن يمضي على طفلهما في البرنامجسوى وقت قصيرحتى تُحدث وسائلُ التواصلِ البصريةُ الجديدةُ تغييراًجذرياً في سلوكه، فيبدأ التواصل معهما ومع غيرهما من الأطفال والكبارحيث يشرع في تنمية قدراته ومهاراته اللغوية والتواصلية .
وينبغيتنظيم الأنشطة التي يتضمنها أي برنامج للتدخل المبكر بحيث تلبياحتياجات صغار الأطفال الصم وتتلاءم مع خصائصهم، مع ضرورة التحقق من أنالبرنامج يتجاوز حدود مجرد الإشراف على الأطفال إلى تقديم ما يحفزهمإلى تعلم اللغة واكتساب مهاراتها عن طريق الألعاب والتواصل التلقائيبلغة الإشارة أو باللغة المنطوقة (الكلام)، إذ إن الأطفال الصم مهيّأونفي هذه السن المبكرة لاستقبال كافة طرق التواصل بما في ذلك الإيماءاتولغة الإشارة.

وفي نطاق هذا البرنامج ينبغي أن تتم معظمالتفاعلات والاحتكاكات التواصلية بين الأمهات وصغارهن الصم في إطارمطابق بأقصى قدر ممكن للأنشطة التواصلية الواقعية المشتركة التي تتمبينهم في المنزل. ومن هنا فإنه ينبغي لهذا البرنامج أن يقدم لأسرهموذويهم من الإرشاد والتوجيه ما يساعدهم على قهر الصعوبات التي تقفحائلا دون تواصلهم مع أطفالهم. وأفضل وسيلة إلى ذلك هي إرشاد الوالدينإلى القيام في المنزل بنشاطات تواصلية طبيعية مع طفلهما لمساعدته علىتنمية لغته، وذلك بصفتهما والدَيْن لا معلميْن(Streng et al., 1978).
ويوصي المختصون بألا يكون دور الآباء والأمهات في هذاالبرنامج التدريبي نسخة شبيهة بدور المعلمين العاملين فيه، والذينيستخدمون أنشطة ومواد ووسائل قد تكون غريبة نوعا ما عن البيئة المنزليةالطبعية أولا تَمُتُّ إليها بصلة. وقد يرجع السبب في التوصية بذلك إلىحرص هؤلاء المختصين على تجنيب الآباء خطر الوقوع في شراك الاعتقادالخاطئ بأن قيامهم بتدريب أطفالهم على التواصل في بيئة مدرسية لمدةساعة واحدة أو نصف ساعة يوميا هو الطريقة الوحيدة التي يمكنهم منخلالها مساعدة أطفالهم على اكتساب اللغة وتنمية مهاراتهم فيها. فعلىالنقيض من ذلك ينبغي تشجيع الآباء ( بل ومعاودة إرشادهم وتوجيههم منحين إلى آخر) على القيام باستمرار بممارسة أنشطة تواصلية طبيعية تستثيرفي أطفالهم تعلم اللغة والتواصل. وعلى الرغم من أن ذلك ينبغي أن يتم فيإطار بيئة مدرسية إلا أن تلك البيئة يجب تصميمها وتهيئتها وترتيبهاوتأثيثها بحيث تبدو في وضع أقرب ما يكون إلى بيئاتهم المنزليةالخاصة.


 

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-12-2012, 02:57 PM
الصورة الرمزية معلم متقاعد
معلم متقاعد معلم متقاعد غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 1,190
افتراضي

 

المقوم الرابع
أما المقوم الرابع من مقومات برنامج التدخل المبكر لتنمية مهارات اللغة والتواصل لدى الأطفال الصم فهو يتعلق بتقديم الإرشاد النفسي والعلاجي لمن يحتاجه من الآباء بما يضمن تكوين اتجاه إيجابي سليم نحو أطفالهم الصغار المعوقين سمعياً، وبما يساعدهم على التخلص من اتجاهاتهم السلبية أو مشاعرهم المَرَضيّة الناجمة عن ابتلاء أحد أفراد أسرهم بكارثة الصمم،
وبداية تجدر الإشارة إلى أن الغالبية العظمى من معلمي ومعلمات الصم لم يسبق لهم أن تلقوا من التدريب ما يكفي للتعامل مع الاحتياجات النفسية والعاطفية لهذا النوع من الآباء والأمهات. ومن هنا فإن من بين الطرق التي يمكن اللجوء إليها للتغلب على افتقارهم في هذا الجانب الإرشادي والعلاجي من البرنامج أن يستعان بأحد العاملين في المدرسة كالأخصائي الاجتماعي أو أخصائي الإرشاد والتوجيه النفسي(الشناوي،1998)، أو أن يُحتفَظ على الأقل بمثل هذا الفرد للقيام بإرشاد وتوجيه هؤلاء الآباء بالقدر الذي يخفف مما تجيش به صدورهم من مشاعر الحزن والقلق وخيبة الأمل والشك في قدرة أطفالهم على تحقيق أي قدر من النمو في مهارات اللغة والتواصل. ويجدر به في هذه الحالة أن يكون قادراً على تزويد المعلمين والمربين ببصيرة نافذة تمكنهم من التغلغل بعمق في مشكلات التوافق والدافعية الشائعة بين أُسَر صغار الصم وذوبهم. كما يقدم الخدمات المتخصصة لهؤلاء الآباء الذين طالما استجابوا لإعاقة أطفالهم بالحزن والأسى واليأس وخيبة الأمل (الفوزان،2000).

وعلى الرغم من أن هذا الجانب الإرشادي العلاجي من برنامج التدخل المبكر لتنمية مهارات اللغة والتواصل غير معهود في نظمنا التربوية الخاصة، وعلى الرغم كذلك مما يستلزمه هذا الجانب من تكاليف باهظة وجهود متخصصة إلا أنه ينبغي للمسئولين عن برامج تربية المعوقين سمعيا الاقتناع بأن الثمار المرجوّة من ورائه تفوق إلى حد كبير تلك التكاليف والجهود اللازمة لتقديمه، خاصة وأنه يسهم في التعامل بفعالية مع المرحلة المبكرة من حياة الطفل الأصم والتي تعتبر أخصب الفترات وأثمنها لمعالجة مشكلاته في اللغة والتواصل (الشناوي،1998).
فإذا لم يتوفر مرشد نفسي متخصص للقيام بإرشاد الآباء وتوجيههم في هذا الجانب فإن مسئولية التعامل مع مشكلاتهم الأسرية والنفسية المعقدة تقع على عاتق المُدَرسين بالرغم من أنهم ( أى المدرسون) لم يُعَدّوا بالطبع لتحمل مثل هذه المهمة الصعبة(عملا بمبدأ الأخذ بأخفّ الضررين). وإذا لم يكن هناك بُدٌّ من قيام المدرس (أو المُدَرّسة) بهذا الجانب الإرشادي فإنه يتوجَّب عليه أن يكون مستمعاً جيداً يجيد الإصغاء إلى ما يدلي به بعض الآباء من مشكلات يواجهونها مع صغارهم الصم. وقد يكون من المناسب له في اللقاءات الأولى مع الأب أو الأم أن يقضي جزءا كبيراً من الوقت مستمعاً فقط إليهما وهما يتحدثان عن خبراتهما ومشاعرهما منذ ولادة طفلهما واكتشاف الصمم فيه (الشناوي، 1998).
وعلى الرغم من أنه من الطبيعي أن يشعر معظم المدرسين والعاملين في البرنامج بعدم الارتياح لسماع بعض الآباء أو الأمهات وهم يتحدثون عن مشاعرهم الوجدانية الحزينة إلا أننا إذا أردنا مساعدتهم حقا فإنه يتوجب علينا أن نتقمص مشاعرهم وأن نضع أنفسنا في أماكنهم لكي نتمكن من التعامل مع مشاعر الحزن والألم التي يعبرون عنها، والتوفيق بينها وبين مشاعرنا الخاصة بعدم الارتياح لما نسمعه منهم. وقد يكون من الأفضل للمدرسين اللجوء في هذا المقام إلى مبدأ "الاعتناق أو التقمص العاطفي empathy " كأفضل وسيلة للتعبير من جانبهم عن استجاباتهم الإيجابية الهادفة وتقديرهم المخلص لمشاعر هؤلاء الآباء وهم يُفيضون في الحديث عنها (الشناوي،1998).

أضف إلى ذلك أنه يجدر بالمدرس الذي يتعامل مع آباء الأطفال الصم أن يتعلم كيف يتقبل منهم كل ما في وسعهم القيام به من تعديل أو تغيير في شئون حياتهم، وما يتخذونه من استعدادات واسعة للتعايش مع مشكلات أطفالهم وتقَبُّلهم رغم إعاقنهم. كما ينبغي له أن يدرك أن بعض هؤلاء الآباء ــ إن لم يكن معظمهم ــ لا يقومون ببساطة بفعل كل ما يُطلَب منهم أو يتوجّب عليهم القيام به من أجل مصلحة أطفالهم الصم، بل إنهم يقدمون فقط لأطفالهم كل ما في مقدورهم تقديمه في إطار من ظروفهم العائلية الخاصة، وإمكاناتهم المحدودة، والضغوط الكثيرة التي يواجهونها في حياتهم من أجل سدّ احتياجات جميع أفراد أسرهم (الفوزان،2000).
كذلك فإنه يتوجب على المدرسين العاملين في برامج التدخل المبكر أن يدركوا أن المدرس المثالي الكامل لم يوجد بعدُ، وأنه من الطبيعي أن يكون لهم قصورهم النفسي والمهني الخاص بهم أنفسهم، وألاّ يكون في صدرهم حَرَج من عجزهم ببساطة عن تقديم الخدمات الإرشادية النفسية والعلاجية الأكثر تلاؤما مع كل حالات الأسَر التي يواجهونها في البرنامج، إذ أن كثيرا من الحالات الأُسَرية التي يتعاملون معها تعتبر مَرَضيَّة إلى حد كبير، وقد ترجع بصفة أساسية إلى كثير من المشاكل النفسية التي عانت منها تلك الحالات قبل اكتشاف الصمم في أطفالهم والتحقق من ثبوته لديهم.
وبالتالي فإنه يتوجّب على المدرسين المتصدين للتعامل مع تلك الحالات الأُسَرية المَرَضيّة ـــ إن وُجِدت ــ أن يكونوا يقظين ومنتبهين إلى ما قد يكون هناك من حاجة بعض الآباء إلى الإحالة إلى إحدى المؤسسات المحلية المتخصصة في العلاج النفسي لمساعدتهم وإرشادهم نفسياً، كما ينبغي لهم أن يُلِمُّوا بما يتوفر في البيئة المحلية من إجراءات ووسائل يمكنهم اللجوء إليها لإحالة مثل هذه الحالات المستعصية إلى تلك المؤسسات (الشناوي1998).

ومن المهم في غالب الأحيان أن يبدي أعضاء الفريق العامل في البرنامج اهتماماً لا بوالدي الطفل الأصم فقط، بل وأن يهتموا كذلك بأفراد أسرته بأكملها بحيث يشمل ذلك أشقّاء الطفل وأقاربه وأعضاء أسرته الممتدة كأجداده وجداته وغيرهم. إذ يجدر ببرنامج التدخل المبكر الفعال أن يوفر الإمكانات والوسائل اللازمة للكشف عن مشاعر هؤلاء الأفراد جميعاً تجاه هذا العضو الصغير من أعضاء أسرتهم، وأن يقوم المدرسون بتوفير معلومات إضافية في هذا الصدد حتى تكون جهودهم التي يبذلونها لرعايته في هذه المرحلة المبكرة من عمره مكملة ومساندة لجهود آبائهم وأمهاتهم.
وموجز القول في هذا الجانب الإرشادي العلاجي من البرنامج أن المدرسين الذين لا يجدون في أنفسهم كفاءة أو رغبة كافية في التعامل مع أُسَر بالغي الصِّغَر من الأطفال الصم وما يحمله بعض أولياء أمورهم في بداية البرنامج من مشاعر الألم والأسى واليأس تجاه إعاقة أطفالهم وعجزهم عن تعلم مهارات اللغة والتواصل بشكل طبيعي ـــ هؤلاء المدرسون ـــ ينبغي لهم ألا يستمروا في العمل في برامج التدخل المبكر، وأن يتحولوا عنها إلى العمل في برامج أخرى متقدمة كالمرحلة التمهيدية أو المرحلة الابتدائية .(Oyer,1976)

المقوم الخامس
ويتعلق بتعريف الآباء بالخطط والاستراتيجيات الكفيلة بتشجيع أطفالهم على اكتساب مهارات اللغة والتواصل وتعلمها.
فعندما ينضم الآباء إلى هذا البرنامج فإنه يجدر بالعاملين فيه تقديم تعليمات لهم فور انضمامهم فيما يتعلق بالأنشطة التي هم على وشك القيام بها مع أطفالهم لمساعدتهم على تعلم التواصل واكتساب مهارات اللغة. وينبغي تقديم تلك التعليمات بشكل عاجل لكل والدين مصحوبة بإرشادهما وتوجيههما، وبطرق مختلفة تضمن لهما بعض النجاح. ويعتبر تعليم الوالدين وإرشادهما بصفة فردية في بداية البرنامج من أكثر الطرق فعالية وتدعيماً لنجاحه. ومع مرور الوقت وشعور الوالدين بألفة كافية وارتياح أكثر للفعاليات والأنشطة التي يتضمنها البرنامج فإنه ينبغي السماح لهما بالانضمام إلى الأنشطة الجماعية التي يقوم بها من سبقوهما إليها من آباء وأمهات .(Northcott,1977)
هذا وينبغي العلم بأنه ليس هناك من دافع لتشجيع الآباء على المواظبة على الحضور إلى البرنامج والمثابرة على الاشتراك في فعالياته وأنشطته أقوى من شعورهم باقتناع ذاتي مباشر بأنهم يتعلمون بالفعل كيف يتواصلون مع أطفالهم الصم وكيف يتعلقون بهم، وأن ذلك لم يكن ليتم لو أنهم أعرضوا عن الانضمام إليه والمشاركة في فعالياته. ولتحقيق هذه الغاية فإنه ينبغي لفريق العمل في البرنامج أن يتيحوا لهم عديدا من الفرص التي تمكِنهم من ملاحظة غيرهم من الآباء الذين سبقوهم إلى البرنامج وهم يعملون مع أطفالهم. وبطريقة مشابهة فإنهم يحتاجون كذلك إلى ملاحظة الآخرين لهم، لأن ذلك يسهم في استفادتهم مما يوجَّه إليهم من نقد هادف وبناء. وتعتبر الأنشطة التدريبية الفعلية التي يقوم بها الآباء ـ والتي يمكن أن تكون مسجلة على أشرطة " الفيديو " ــ من أكثر الطرق فعالية وفائدة لتحقيق هذا الهدف الأخير بصورة خاصة.

وينبغي تشجيع الآباء على أن يدمجوا في أساليبهم الخاصة التي يستخدمونها مع صغارهم الصم ما يستخدمونه عادة مع أطفالهم العاديين من إجراءات عادية لتنمية مهاراتهم في اللغة والتواصل. ومن الممكن توضيح ذلك بصورة عملية من خلال إرشادهم وتوجيههم إلى اتباع الإجراءات التالية:
1) يقوم الآباء بالتحدث إلى أطفالهم الصم في جمل قصيرة مركبة من مفردات ثابتة لا تتغير (على الأقل في البدايات الأولى من التدريب).
2) يقوم الآباء أولاً بِحَثّ الطفل على الكلام، ثم باستخدام طرق مختلفة لبسط الجمل وإطالتها، وعندما يبدأ الأطفال في التحدث فإن على الآباء أن يتحولوا إلى استخدام طرق أكثر دقة وبراعة كتوجيه الأسئلة إلى الأطفال وضرْب الأمثلة ببعض الجمل الملائمة للإجابة عنها.
3) يسوق الآباء حديثهم إلى أطفالهم الصم الصغار بدرجة عالية من التنغيم والإيقاع الملائمين لسياق هذا الحديث.
4) يقوم الآباء بإثارة اهتمام أطفالهم بالموضوع الذين هم على وشك البدء بالحوار والمحادثة حوله، وبعد أن يتم لهم التأكد من إلمام أطفالهم بموضوع الحوار والمحادثة والاستحواذ على اهتمامهم يحَوّلون مجرى الحديث إلى تعليقات تدور حوله بحيث يشجعون أطفالهم على استخدام هذه الطريقة نفسها.
5) ينبغي للوالدين الحرص على تعويض طفلهما عما يعانيه من عائق سمعي بإجلاسه ـــ أو تعديل جِلسته ــ بحيث يكون في وضع بدني يمَكِّنه بأقصى قدر ممكن من أن يرى ويسمع مَن حوله من الراشدين والكبار المتواجدين في موقع التدريب.

ولكي نوضح تلك الإجراءات بصورة عملية دعنا نتخيل المشهد التالي لإحدى الأمهات وهي جالسة على سجادة مع طفلها المسمّى " أحمد " والذي يبلغ من العمر 18 شهراً:
o فها هو الصغير أحمد على وَشَك البدء باللعب بكرة كبيرة ملونة.
o وها هي أمُّ أحمد تستحوذ على بصر ولدها الصغير بالإمساك بالكرة وإخفائها خلف ظهرها.
o ثم تقوم الأم بإحضار الكرة فجأة أمام ناظريه وهي تبتسم.
o ثم ترفع الكرة إلى أعلى وهي تشير إليها.
o ثم تقربها بعد ذلك من فمها وهي تقول: " … هيه .. انظر هنا ..انظر .. ها هي الكرة ".
فتعليقها على الكرة وحديثها الذي بدأته عنها بهذه الطريقة يؤدي وظيفتين هامتين في هذا السياق:
أولاهما: أنه يخدم الحوار بين الأم وطفلها بوصفه وسيلة لتنغيم وإيقاع ذكيين لنطق بقية الجمل التي تليه.
ثانيتهما: أنه وسيلة لفظية " منطوقة " استخدمت لجذب اهتمام الطفل إلى موضوع الحوار.
وحالما يتم تثبيت موضوع الحوار والمحادثة ( الكرة ) في ذهن الطفل وضمان تَوجّه اهتمامه إليه فإن الأم وولدها أحمد يبدآن في التفاعل معاً وفي تبادل الاستجابات بينهما في إطار (سياق) من اللعب بالكرة. فهي تستأنف كلامها معه مرة ثانية قائلة:
" هيه. . أنا دحرَجْتُ الكرة ..هيّا يا أحمد . .أنت كذلك: دَحرِجْ الكرة ".
فإذا ذهبت الكرة بعيداً عن أحمد فعلى الأم أن تستجيب لذلك بتعبير مناسب منادية:
" هات الكرة يا أحمد ".
فإذا ما عََنَّ للطفل أحمد أن يحاول الاستجابة لأمه ــ إما يدويا بالإشارة أو لفظيا بصوته ليعلق على هذه الحالة ( وهي هنا ذهابه إلى مكان الكرة لإحضارها) ــ فإن أمه سوف تستجيب لمحاولته بإعطائه نموذجاً كلامياً في صورة جملة تقولها له، أو ببسط وإطالة ما حاول أحمد أن ينطق به معلقاً على ذهاب الكرة بعيداً عنه.

فهذا النوع من التفاعل التواصلي بين أحمد وأمه هو نفس التفاعل التواصلي الذي يتم عادة بين الأمهات وأطفالهن العاديين، إذ إن أسلوب الحوار وتبادل الأدوار في الكلام(متحدثا مرة ومستمعا مرة أخرى) يُعدُّ مظهرا أساسيا من مظاهر استخدام اللغة، وبالتالي فإنه ينبغي للآباء أن يجعلوه كذلك جزءاً لا يتجزأ من تدريب أطفالهم المعوقين سمعياً لاكتساب مهارات اللغة والتواصل.
هذا ويجب على المدرسين والمدرسات القائمين بهذا التدريب أن يأخذوا في اعتبارهم أن كثيراً من الآباء والأمهات سيشعرون بشيء من التردد والخجل عند القيام بمحاولاتهم الأولى للتواصل والتفاعل مع أطفالهم على النحو الذي أوضحناه، وتحت توجيه من الآخرين وسمع وبصرغيرهم ممن يراقبونهم من الآباء، وبالتالي فإنه ينبغي للمشرفين على هذا التدريب أن ينظروا إلى هذا الخجل والتردد باعتباره أمراً طبيعياً وموقفا عابرا غير بارع لا يمكن تجَنُّبُه. ولكي يسهم المدرس في تسهيل هذا الموقف على مثل هؤلاء الآباء والأمهات فإنه ينبغي أن يوضح لهم في بداية محاولاتهم أن أي أسلوب يختارونه أو يرونه الأفضل لتدريب أطفالهم سوف يكون موضع تقديره وقبوله، كما أنه ليس من الضروري للآباء ــ ولا حتى من المرغوب فيه ــ أن يحاكوا (يقلدوا) بشكل حرفي دقيق ما يقدمه المدرس من نشاطات عملية إيضاحية للمحاورات والمحادثات التي ينبغي لهم القيام بها مع أطفالهم.
وحين يبدأ الآباء والأمهات محاولاتهم الحقيقية للتواصل مع صغارهم الصم فإنهم غالبا ما يتوقون إلى تحقيق نجاح عاجل في أولى محاولاتهم، ولكن حين يتبين لهم أنهم غير قادرين على تحقيق هذا النجاح كما توقعوه فإنهم قد يستجيبون لهذا الفشل الأََََوََََّلي بتعليقات مختلفة، كأن يقول أحدهم مثلا:
" يبدو أنني لن أُفلح في القيام بهذه المهمة "
أو: " لا مؤاخذة يا أستاذ! لا أدري ماذا أفعل "
أو أن يعلق أب آخر قائلا للمعلم:
" لا أدري يا أستاذ كيف أبدأ .. هل يمكنك ـــ لو تكَرَّمْتَ ـــ أن تقوم بهذه المحاولة بدلاً عني؟.. فأنت أدرى بذلك مني ! ".
ومن هنا فإنه من الضروري أن نوضح للآباء والأمهات كيف يبدأون محاولاتهم الأولى في التواصل مع صغارهم الصم، كما ينبغي إيضاح هذه المحاولات لهم بشكل عملي مبسّط يسهل عليهم القيام بها، إضافة إلى ضرورة أَخْذِهم بالصبر والحلم والرويَّة أثناء الأسابيع (بل الأشهر ) الأولى من البرنامج. وفي نفس الوقت فإنهم سوف يتعلمون التيقظ والتنبه لما يبدو مبكرا على وجوه أطفالهم من دلائل (تعبيرات وجهية ) تشير إلى وَعْي أطفالهم بالتواصل وإدراك أهميته لهم.

المقوم السادس
أما المقوم السادس من مقومات برنامج التدخل المبكر لتنمية مهارات اللغة والتواصل لدى بالغي الصغر من الأطفال الصم فهو يتعلق بنوعية المدرسين الذين يعملون في هذا البرنامج من حيث إعدادهم وتدريبهم المهني. ذلك أنه من الضروري لكل من يعتزم العمل فيه ــــ أو بالأحرى في أية مرحلة من مراحل تربية وتعليم الأطفال الصم ـ أن يكون قد تم إعداده وتدريبه بشكل مكثف للعمل مع الصغار من هؤلاء الأطفال، وأن يكون كذلك قد تلقى تعليماً وتدريباً ملائمين، ولديه معرفة كافية بأسس ومظاهر النمو في اللغة والكلام لدى الأطفال العاديين بوصفها الأساس الذي ينبني عليه المضمون التطبيقي لبرامج تنمية لغة الأطفال الصم وتسهيل اكتسابهم لها، إذ لم يعد من الممكن لأي مدرس أن يعمل مع أية فئة من الأطفال الذين أعيقت لغتهم عن النمو وهو غير مُلِمٍّ على الإطلاق بشيء من أسس نمو اللغة واكتسابها لدى الأطفال العاديين، أو أن يكون قد ألمَّ فقط بالحد الأدنى من المعرفة بهذه الأسس مما يعد في نظر المربين المختصين إلماما سطحيا لا يكفي لتأهيله للعمل في هذا البرنامج .(Streng et al.,1978)

المقوم السابع
أما فيما يتعلق بالمقوم السابع لبرنامج التدخل المبكر لتنمية مهارات اللغة والتواصل لدى صغار المعوقين سمعيا فإنه يتركز في ضرورة إتاحة عدد من طرق التواصل والاختبارات والبدائل التعليمية (التربوية) التي يمكن للمعلمين والآباء الاختيار من بينها بما يتلاءم مع خصائص واحتياجات وإمكانات كل طفل أصم على حدة. وتجدر الإشارة إلى أنه لم يعد أحد من المختصين في تربية الصم يؤمن بما كان شائعا في الماضي من تزويد كل الأطفال الصم بخبرات تربوية واحدة أو بمنهج تعليمي موحَّد يسير عليه الجميع مهما كانت الفروق بينهم، كما لم يعد مقبولا أن نستخدم في تدريبهم وتعليمهم جميعاً طريقة تواصل واحدة فقط modality communication ( كلغة الإشارة وحدها) دون غيرها من طرق التواصل، إذ إن هذا الاتجاه يتعارض تماماً مع مفهوم " التعليم الفردي individualization of instruction " ، كما يتعارض مع مبدأ التطبيع الاجتماعي social naturalization الذي يعتبر الهدف الأسمى لكل البرامج المهتمة بذوي الاحتياجات الخاصة. كذلك فإن هذا الاتجاه يُذْكي (يقوي) روح العداء والتنافس المحموم والتعصب المهني البغيض بين معلمي الصم وما يستخدمونه مع أطفالهم من طرق تدريسية مختلفة (Streng,1978)، ولطالما أزعج العاملين في تربية الصم وتعليمهم، وكان مصدر بلاء وتأخر بالنسبة لبرامج رعاية وتربية الأطفال المعوقين سمعيا، ولا زلنا حتى يومنا هذا نشهد أثراً لذلك العداء والتعصب في كثير من النظم التربوية العربية الخاصة المهتمة بهذه الفئة من الأطفال، والتي تُصِر على اعتبار إما" لغة الإشارة " فقط أو " اللغة المنطوقة " فقط وسيلة التواصل الوحيدة والمثلي التي يجب تعليمها للأطفال والتلاميذ المعوقين سمعيا ، كما توجب استخدامها دون غيرها من الطرق من قِبَل الآباء والمدربين والمدرسين في كل مناحي تدريب وتدريس هؤلاء الأطفال.
ومن هنا فإنه يجدر بأي برنامج تربوي معاصر يهدف إلى تنمية مهارات اللغة والتواصل لدى صغار الصم في مرحلة ما قبل المدرسة (بل وفي غيرها مما يُستَقبَل من مراحل) أن يوفر للعاملين فيه وأولياء الأمور المنضمين إليه إمكانية تحقيق هذا الهدف عن طريق طرح بدائل عديدة من طرق التواصل communication modalities سواء أكانت هذه البدائل لفظية شفهية، أم يدوية إشارية، أم تواصلاً كلياً، أم غيرها مما يؤدي إلى فعالية التواصل والتفاعل فيما بينهم وبين أطفالهم( الدماطي،2005).

وقد يكون من المناسب في هذا المقام أن نوضح موقفنا من طريقة التواصل الكلي (أو الشامل) total communication ومن مفهوم هذا المصطلح الذي أصبح يتخذ معان كثيرة ومتنوعة لدى كثبر من العاملين مع هذه الفئة من المعوقين. إننا نعتقد أن هذا المصطلح حين يُطلَق فإنه يعني إحدى طرق التواصل التي تجمع بين الطريقة اللفظية السمعية oral method - aural(كالكلام) وواحدة من طرق(أنواع) النظام الإشاري البصري visual sign system الذي يمكن تقسيمه إلى ثلاثة أنواع على الأقل:
1- لغة الإشارة (أو الإشارات الوصفية) التي يستخدمها الصم فيما بينهم فقط.
2- الأنظمة العديدة والمتنوعة للغة الإشارة والتي طورها عديد من المربين المهتمين بتربية الصم لكي يوفقوا بين لغة الإشارة الخاصة بالصم واللغة المنطوقة (الكلام).
3- أمـا النوع الثالث فهو أبجدية الأصابع finger spelling ( أو ما يسمَّى أحيانا بالتهجي الإصبعي) الذي يستخدم أوضاعاً وتشكيلات يدوية مستقلة لكل حرف من حروف الهجاء، كما هو الحال في اللغة المكتوبة .(Quigley & Paul,1984b)
ومها تكن الانتقادات التي وجهها بعض المختصين إلى طريقة التواصل الكلي (الشامل) وإلى عناصرها المختلفة فإنه يمكن القول بأن هذه الطريقة تعاني من كثير من جوانب القصور التي توجب على المسؤولين عن تربية الصم وتدريبهم أن يكونوا على جانب كبير من الحذر والحيطة عند دمج أي نوع من أنواع النظم الإشارية فيها لاستخدامها في تعليم الأطفال الصم؛ إذ إن اقتصار بعض الأطفال الصم على استخدام لغة الإشارة فقط - دون غيرها من طرق التواصل الأخرى - قد يعتبر بالنسبة لهؤلاء الأطفال أمرا معقولاً إلى حد كبير، حيث تكفل لهم التمكن من أي نظام إشاري آخر، كما أنه من غير الواضح حتى الآن ما يمكن أن يترتب من نتائج على استخدام معلمي الصم خليطا من أنظمة (طرق) التواصل المختلفة التي يعتمد بعضها على السمع وبعضها الآخر على البصر في عمليتي تعليم هؤلاء الأطفال وتعلُّمهم، أو في عمليتي استقبال المعلومات والتعبير عنها(الدماطي،2005).

المقوم الثامن
أما المقوم الثامن والأخير من مقومات إنشاء أي برنامج تدخُّل مبكر لبناء وتأسيس وتنمية مهارات اللغة والتواصل فهو تدريب صغار المعوقين سمعيا على استخدام المعينات السمعية بشكل مطَّرد وثابت، والإفادة منها في بناء وتنمية مهاراتهم في اللغة والتواصل. إذ ينبغي أن تتوفر في هذا البرنامج منظومة كاملة من الخدمات الأوديولوجية (السمعية) بحيث تتضمن الخدمات التالية:
- تقييم دقيق لقدرات الطفل وأدائه السمعي وما يتوفر لديه من بقايا سمعية، وتشخيص واع لطبيعة قصوره السمعي.
- استعدادات وأجهزة خاصة لقياس الأداء السمعي للطفل بشكل دوري بعد أن يتم تزويده بمعين سمعي hearing aid (سماعة).
- تسهيلات وأجهزة خاصة لتقدير فعالية المعين السمعي (السماعة) الذي زُوِّد به الطفل وتقييم أدائه الوظيفي تقييماً أليكترونياً.
- متابعة تعليمية أوديولوجية مستمرة.
ومن هنا فإن أولى تلك الخدمات الأوديولوجية (السمعية) بل وأهمها جميعا تتمثل في القيام في أسرع وقت ممكن من الطفولة بتقييم ما يملكه كل طفل معوق سمعيا من بقايا سمعية، إذ ينبغي أن يقوم أحد الأوديولوجيينaudiologist المختصين في قياس السمع ممن لديهم ألفة ودراية وخبرة عميقة في تقييم بالغي الصغَر من الأطفال المعوقين سمعيا بتحديد مدى استجابة الطفل للإشارات الصوتية الكلامية والنغمات النقية في أدنى مستوياتها، كما ينبغي له القيام بتقدير دقيق لما يملكه الطفل من إمكانيات لمعالجة ( تجهيز) الكلام وتوظيفه وبخاصة في شكله المُعان (أي بعد أن يتم تكبيره بواسطة المعين السمعي).
كذلك فإنه ينبغي لوالد الطفل أو والدته والأوديولوجي المختص في قياس السمع وتشخيص القصور السمعي أن يتعاونا سويا في تنسيق جهودهما للحصول على التوصيات المتعلقة بخصائص المعين السمعي الذي يمكن للطفل استخدامه وذلك في أقرب وقت ممكن بعد أن يتم تشخيصه والتثبت من إعاقته السمعية.

ومما يساوي ذلك في أهميته اتخاذ إجراءات روتينية لمراقبة الأداء الألكيتروني للمعين السمعي hearing aid الذي تم تخصيصه للطفل. فقد امتلأت ـــ للأسف ـــ صفحات السجلات الخاصة بمراقبة هذه المعينات بعديد من وقائع الخلل والقصور والإهمال في تشغيل المعينات السمعية الخاصة ببالغي الصغر من الأطفال المعوقين سمعياً. وغني عن الذكر أنه إذا لم يتم تثبيت العنصر الأساسي لتنمية واستثمار البقايا السمعية التي يمتلكها الطفل المعوق سمعيا فإن أية جهود خاصة بالمعينات السمعية لن تحقق ما يصبو إليه العاملون في برنامج التدخل المبكر من نتائج حول قدرة الطفل على الإفادة من التدريبات السمعية في تنمية واستثمار بقاياه السمعية من خلالها مهما كان تلقيه لها مطرداً ومنتظماً.( Schell,1976)
كذلك فإنه يجب إعداد ترتيبات خاصة واتخاذ إجراءات روتينية لإعادة تقييم كل من بقايا السمع والمعين السمعي الذي يستخدمه الطفل، وكذلك تقييم مدى المقاومة الكهربائية في تلك المعينات بهدف التأكد من عدم حدوث تغيُّرات غير ملحوظة في مستويات سمعه، أو في الأذن الوسطى، أو في تلاؤم المعين السمعي مع حالة الطفل السمعية.
ويمكن كذلك التوصية ــ في بعض الحالات ــ بتزويد بعض الأطفال بوسائل توصيلية معينة بالإضافة إلى الوسيلة الأساسية الخاصة بالذبذبات الحسية اللمسية، حيث يُتَوقع أن تكون التلميحات اللمسية الحسية الصادرة عن الوسائل التوصيلية ذات قيمة في تنمية مهارات الكلام والأداء اللغوي لدى هؤلاء الأطفال.

وتجدر الإشارة إلى أن التقييم السمعي الأدق والأفضل، بل واختيار المعين السمعي الأكثر تلاؤماً مع درجة قصور السمع وطبيعته قد لا يجديان الطفل أي نفع أو فائدة ما لم يتعاون المدرس والوالد معاً على تطبيع الطفل على الاستفادة بأقصى ما يمكنه من معينه المكبر للصوت؛ إذ من المعلوم أن مجرد تأكد المعلم أو الوالدين من أن الطفل يرتدي سمّاعته ( معينه السمعي) في صباح كل يوم قبل أن يغادر منزله للذهاب إلى البرنامج (أو المدرسة) وبعد وصوله إليه لا يعني أنه يستخدمها بشكل فعال في استثمار بقاياه السمعية والإفادة منها في تنمية مهاراته اللغوية وبخاصة مهارات الاستماع أو قراءة الشفاه (Huning,1992).
ومن هنا فإن أي طفل يعاني من قصور سمعي شديد يجب أن يتم تدريبه على الإفادة القصوى من معينه السمعي في:
o الاستماع إلى الأصوات الكلامية عن طريق معينه السمعي.
o التمييز فيما يسمعه بين الأصوات الكلامية والخلفية الضوضائية المحيطة بهذه الأصوات.
o إدراك صوته هو ذاته وتمييزه من غيره من الأصوات الأخرى.
o المقارنة بين النماذج اللغوية والكلامية التي يسمعها من الأفراد المحيطين به وما يبذله هو ذاته من جهود لتعلم اللغة والكلام.

كما تجدر الإشارة إلى أن الأسس التي ينبني عليها تعاون الوالد والمدرس معا في تعويد الطفل على الاستفادة بأقصى ما يمكنه من معينه السمعي الفردي (الخاص به) هي نفس الأسس التي يجب اتباعها في تعليمه الاستفادة من النظام الجماعي لتكبير الصوت ( إذا كان متوفرا في البرنامج). إذ يجب أن تكون الإشارة الصوتية الأساسية صادرة إلى ميكروفون السماعة مباشرة وبمستوى أعلى من الخلفية الضوضائية المصاحبة. كما ينبغي أن تكون إشارة صوتية منبعثة من كلام حقيقي. ولكي نضمن ارتفاع مستوى الإشارة الصوتية الكلامية بدرجة أقوى من مستوى الخلفية الضوضائية المصاحبة لها فإنه ينبغي للمدرس أو الوالد ألا يُبعِد فمه عن ميكروفون المعين السمعي الفردي الخاص بالطفل أكثر من 18 بوصة. ويُفهَم من ذلك أن العمل بصفة ثابتة من مسافة قريبة سواء من المعين السمعي الفردي الخاص بالطفل أو من ميكروفون الفصل المستخدم ضمن نظام جماعي لتكبير الصوت سيكفل للكلام العالي بدرجة عادية قدرا من الشدّة (الكثافة) الصوتية أكبر من شدّة الإشارات الصوتية الأكثر تنافساً (تداخلا) مع الكلام العادي .
وغني عن القول أن مثل هذا الحرص الشديد على أن يكون المتحدث أقرب ما يكون إلى الطفل عند التحدث إليه يجب أن يستمر لفترة قد تمتد بضعة أشهر أو حتى سنوات إذا أردنا للطفل تحقيق أقصى قدر ممكن من الاستفادة من معينه السمعي.


 

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 06-12-2012, 02:57 PM
الصورة الرمزية معلم متقاعد
معلم متقاعد معلم متقاعد غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 1,190
افتراضي

 



الخلاصةوالخاتمة
وخلاصة القول أن هناك عوامل كثيرةيمكن أن تسهم في نجاح أي برنامج تدخل مبكر يهدف إلى مساعدة صغارالأطفال المعوقين سمعياً على بناء وتنمية وتطوير مهاراتهم اللغويةوالتواصلية. وتأتي المقوِّمات الثلاث التالية على رأس هذه العوامل:
1
ـ والدة ( أو والد ) مثقفة متقبلة لطفلها، حريصة على انتشاله منوهدة الإعاقة السمعية وتأثيراتها المدمرة لنموه.
2
ـ تواصل مشترك بينطرفين (الطفل ومن يتحدث إليه) مبني على الحوار وتبادل الأفكار بينالمتحدث والطفل، لا من طرف واحد فقط.
3
ـ تشجيع الطفل وحثه علىالإنصات والاستماع الجيديْن عن طريق الاستخدام الذكي الواعي لمكبرالصوت (المعين السمعي) الخاص به، والذي يتممه أي طريقة تواصلية أفضلتلاؤماً مع حالة الطفل.
كذلك لا يفوتنا أن نذكِّر بما سبقت الإشارةإليه في موضع سابق من هذه الورقة من أن جميع آباء وأمهات صغار الصم منالأطفال لن يتمكنوا ــ حتى في أفضل الظروف المواتية ــ من المشاركة فيبرنامج تدخل مبكر كهذا البرنامج الذي وصفناه. فبالإضافة إلى الأسبابوالظروف التي أشرنا إليها سابقا فإن كثيراً من الأطفال المعوقين سمعياالذين يسكنون في المناطق الريفية أو في أماكن نائية عن موقع البرنامجيأتون إلى المدرسة أو المعهد دون أن يتم بوضوح معرفة الأشخاص المسئولينمن أفراد أسرهم عن التكفل بهم ورعايتهم (الفوزان،2000)، وذلك لأسبابعديدة من أهمها:
1
ـ غياب كِلا الوالدين أو أحدهما نتيجة لسبب أولآخر من وفاة أو طلاق أو مرض شديد مُقعِد، أو لانشغال ربّ الأسرة ووليّأمر الطفل بشئونه المهنية والوظيفية الخاصة.
2
ـ الأوضاع والظروفالضاغطة التي تحيا في ظلها بعض الأُسَر الكبيرة الممتدة ( أي التي تشملـ بالإضافة إلى الوالدين ـ الأعمام والأجداد وبقية الأقارب).
وفي ظلهذه الظروف وغيرها قد يصبح من الضروري الاستعانة بموظف مسؤول فيالبرنامج عن الخدمات الاجتماعية، أو بواحد من إخوة الطفل الكبار، أوبأي فرد آخر من أقارب الطفل الحريصين على مصلحته ليكون مسئولا عنه. كذلك فإنه من الأهمية بمكان أن يقوم الوالدان ــ أو من ينوب عنهما ــبالاتصال بمدرس الطفل لتبادل الرأي معه حول ما يمكن فعله لصالح الطفل،سواء أتم ذلك الاتصال والتبادل عن طريق المقابلة الشخصية، أو من خلالالخطابات والمكاتبات أوالاتصال الهاتفي، أو حتى عن طريق تبادل الحوارالمسجل على شريط "كاسيت".

وأخيراً: فإن تأسيس علاقة متينة مبنيةعلى التفاهم بين كل من المعلم ووالدي الطفل، وتبادل الرأي والحواروالاتصال بينه وبينهم، والحرص على أن تظل هذه العلاقة قوية وحيويةتعتبر كلها أموراً حتمية لضمان توفير فرص تربوية مفيدة ومناسبة لتنشئةوتنمية مهارات اللغة والتواصل لدى الطفل المعوق سمعيا.

**
ورقةعمل مقدمة إلى ندوة التربية الخاصة في المملكة العربية السعودية: " مواكبة التحديث والتحديات المستقبلية"

المـراجع
أولا: المراجع العربية
باي ، ماريو (1983). أسس علم اللغة ،ترجمة وتعليق أحمد مختار عمر ، القاهرة : عالم الكتاب ، الطبعةالثانية
.
الخطيب، جمال. (1998). مقدمة في الإعاقة السمعية. دارالفكر، عمان: الأردن.
الخطيب، جمال. والحديدي، منى (1998). التدخلالمبكر: مدخل إلى التربية الخاصة في الطفولة المبكرة. دار الفكر. عمان: الأردن.
الدماطي، عبد الغفار عبد الحكيم (2005) النمو اللغوي لدىالمعوقبن سمعيا. محاضرات غير منشورة.
الدماطي، عبد الغفار عبدالحكيم (2005) المدخل إلى الإعاقة السمعية والمعوقين سمعيا. محاضراتغير منشورة.
الدماطي، عبد الغفار عبد الحكيم (2005) طرق التواصل لدىالمعوقين سمعيا. محاضرات غير منشورة.
الشناوي، محمد محروس (1997). نظريات الإرشاد والعلاج النفسي. دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع. القاهرة ، مصر.
الشناوي، محمد محروس (2000). دليل المرشد الطلابي. دار المسلم للنشر والتوزيع، الرياض ، السعودية
ميلر، ألفريد (1995). فقدان السمع والمعينات السمعية وطفلك: دليل للآباء والأمهات. ترجمة: عبد الرحمن سيد سليمان، القاهرة: زهراء الشرق.
الفوزان ، عبد اللهمحمد (2000) مشكلات المعوقين وأُسَرهم. دار الزهراء للنشر والتوزيع. الرياض، السعودية.
يوسف، جمعة سيد (1990). سيكولوجية اللغة والمرضالعقلي. سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. الكويت. يناير 145

ثانيا: المراجع الأجنبية
Batshaw, M.L.(2002). Children with disabilities. (5th ed.) Baltimore, Paul. H. Brooks Publishing Com.
Conlon, Charles J.( 2002). Early intervention. In Batshaw, M.L. ,Children with disabilities. (5th ed.) Baltimore, Paul. H. Brooks Publishing Com
Freeman, R. D., C. F, Carbin & R. J. Boses(1981) Can't your child hear? A guide for those who care about deaf children, London, Croom Helm.
Moores, D, (2000). Educating the deaf: Psychology, principles, and practices. Boston: Houghton Mifflin.
Northcott, W.(1977). Curriculum guide: Hearing-impaired children, Birth to three years and their parents. (ed. 2). Washington, D. C., A. G. Bell Association.
Oyer, H. (ed). (1976). Communication for the hearing impaired: An international perspective. Baltimore, University Park Press.
Quigley, S, and Kretschmer, R. E. (1982). The education of deaf children: Issues, theory, and practice. Baltimore: University Park Press.
Quigley, S. P., and Paul, P. V. (1984b). Language and deafness. San Diego : College-Hill Press.
Schell, Y. (1976). Electro-acoustic evaluation of hearing aids worn by public school children. Audiological Hearing Evaluation, 2 , 9-11.
Simmons-Martin A. (1976). Early intervention programs. In Bolton B. (Ed.): Psychology of Deafness for Rehabilitation Counselors. Baltimore, University Park Press.
Streng, A. H., Kretschmer, R. R., & Kretschmer L. W. (1978).Language, learning, and deafness: Theory, application ,and classroom management . New York: Grune and Stratton.


__________________

 

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
طريقة عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 المكتبة العلمية | المنتدى | دليل المواقع المقالات | ندوات ومؤتمرات | المجلات | دليل الخدمات | الصلب المشقوق وعيوب العمود الفقري | التوحد وطيف التوحد  | متلازمة داون | العوق الفكري | الشلل الدماغي | الصرع والتشنج | السمع والتخاطب | الاستشارات | صحة الوليد | صحة الطفل | أمراض الأطفال | سلوكيات الطفل | مشاكل النوم | الـربـو | الحساسية | أمراض الدم | التدخل المبكر | الشفة الارنبية وشق الحنك | السكري لدى الأطفال | فرط الحركة وقلة النشاط | التبول الليلي اللاإرادي | صعوبات التعلم | العوق الحركي | العوق البصري | الدمج التربوي | المتلازمات | الإرشاد الأسري | امراض الروماتيزم | الصلب المشقوق | القدم السكرية



الساعة الآن 01:41 PM.