#1  
قديم 02-10-2011, 03:50 PM
الصورة الرمزية زهرة الشمال
زهرة الشمال زهرة الشمال غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 110
افتراضي التربية الجنسية للمراهقين

 

التربية الجنسية للمراهقين

د.عمروأبو خليل

يمثل النمو الجنسي أحد المحاور الهامة لثورة النمو التي تحدث في سن المراهقة.. هذه السن التي تمثل الجسر الذي يعبر عليه الأبناء والبنات من عالم الطفولة إلى عالم الشباب الذي يصاحبه تغيرات نفسية وعاطفية وعقلية واجتماعية يكون لها أعظم الأثر في حياة الفرد المستقبلية.. ولكننا في هذا المقال سنتحدث عن مسألة أخرى.. وهي إعداد الطفل النفسي لاستقبال هذه التغيرات التي تصاحب المراهقة، وهي العملية التي نسميها إجمالا "التربية الجنسية للمراهق"، وهناك إعداد عام للمراهق سواء كان ولدًا أو بنتًا، ثم هناك إعداد خاص لكل جنس على حدة.
ويقصد بالبلوغ بلوغ سن الحلم أو الاحتلام عند الذكور، وحدوث الدورة الشهرية عند الإناث.. ويختلف سن البلوغ من بيئة لأخرى؛ بحيث يبلغ أبناء القرية والبدو قبل أبناء المدينة، وتبلغ الإناث قبل الذكور.. ومتوسط سن البلوغ عند الإناث يكون بين 11 و14 سنة، وعند الذكور بين 12 و15 سنة.


ما قبل البلوغ
تبدأ هذه المرحلة أو تتحدد ببداية ظهور ما يسمى بالصفات الجنسية الثانوية، وهي التي تسبق حدوث البلوغ الفعلي؛ وهو ما يثير التساؤل لدى الطفل أو الطفلة، وتكون الفرصة التي يدخل منها الآباء والأمهات إلى أطفالهم بصورة طبيعية للحديث حول هذه التغيرات الجسمية ودلالاتها وأثرها على حياة الطفل في المستقبل.
1. بالنسبة للذكور:
ففي الذكور تتغير نبرة الصوت؛ فيصبح أكثر خشونة، ويبدأ ظهور الشارب، ويبدأ ظهور الشعر تحت الإبطين وحول العانة.
وهنا يقوم الأب أو من يقوم مقامه في حالة غيابه بشرح طبيعة هذه المرحلة للابن، ويمكن أن تقوم الأم بذلك بلا حرج، فعلى الأب والأم أن يدركا خطورة المصادر الخارجية في الحصول على المعلومة والتي قد تكون مغلوطة أو مخلوطة بالممارسات السيئة والشاذة؛ سواء كانت كتبًا ليس عليها رقابة، أو زملاء ليس لديهم الخبرة فيما يقال أو لا يقال.
يبدأ الأمر في صورة حوار لطيف يلفت فيه الأب نظر الابن إلى شاربه أو خشونة صوته.. فيبادره بالقول: "لقد كبرت يا فلان".. هاهو شاربك يحاول أن يجد له مكانًا للظهور.. أتدري ماذا يعني ظهور الشارب أو خشونة الصوت؟ إنك مقدم على مرحلة جديدة في حياتك.. نعم لقد كنت كبيرًا فيما مضى، ولكنك الآن رسميًا تبدأ مرحة جديدة.. هي مرحلة البلوغ.. هل تعرف ماذا تعني؟ إن الأمر أخطر من مجرد شارب أو خشونة صوت.. إنك تتحول إلى رجل.
ويبدأ في شرح أسباب حدوث هذه التغيرات وطبيعتها بصورة علمية تمامًا؛ فيتحدث عن هرمون التسترون Testosterone Hormone، وكيف أن إفرازه يبدأ في الزيادة لإحداث هذه التغييرات استعدادا لنضوج أعضائه التناسلية من أجل النضج الجنسي كرجل من الناحية البيولوجية.. وأن هذه التغيرات هي الخاصة بالمهمة التي أرادها الله للإنسان وهي عمارة الأرض.. فلا بد من وجود هذا التواصل الجنسي الذي تكون بدايته هو هذا الحدث في حياة الإنسان.. وأن بداية التكليف الإلهي للإنسان ومحاسبته تبدأ من لحظة دخوله عالم الرجال؛ فمثلما أظهر هذا النضوج الجنسي دخوله عالم الرجال فإنه يعلن أيضًا دخوله عالم المسئولية؛ فهكذا لكل أمر: فائدة وجائزة يحصل عليها.. وثمن يدفعه.
ويتم شرح مبسط لما يحدث من تغيرات ستؤدي إلى حدوث الاحتلام، ولا مانع من وجود رسم مبسط لتشريح الجهاز التناسلي للذكر يبين ما يحدث من تغيرات، خاصة إنتاج الحيوانات المنوية التي تأخذ مسارها للخروج عند بلوغ الإنسان وحدوث الاحتلام، وكيف أنه إعلان عن إتمام هذا النضج الذي يكتمل بالتدرج، وكيف أنه سيصاحب هذه التغيرات الجنسية والجسمية تغيرات في المشاعر نحو الآخرين خاصة الجنس الآخر. وأن الله قد خلق هذا الميل الفطري بين الجنسين حتى يحدث الاقتراب والارتباط بينهما ولكن في الوقت المناسب والمكان المناسب، وأن الزواج هو الصورة الشرعية لهذا الارتباط، وأن هذا الميل لا يعني الحب؛ لأن الحب مشاعر تنتج بين طرفين متكافئين في ظرف يسمح لهما بترجمة هذا الحب إلى ارتباط شرعي.. وأنه ليس كل ميل للطرف يكون حبًا ولكنه الرغبة في إثبات الذات وتقليد الكبار؛ لذا أمر الله بغض البصر عن الجنس الآخر حتى يمنع تطوير هذا الميل الفطري الطبيعي إلى حب أو عاطفة غير محسوبة في وقت غير مناسب؛ مما يؤدي إلى حدوث مشاكل لا داعي لها.

2. بالنسبة للإناث:
في البنات يصبح الصوت أكثر نعومة.. ويبدأ بروز الصدر مع بداية التوزيع الأنثوي للدهون؛ حيث تزيد في منطقة الأرداف، ويظهر الشعر أيضًا تحت الإبطين وحول العانة.
ويفضل أن تتحدث الأم أو من يقوم مقامها مثل الخالة أو العمة إلى البنت.. وقد تكون المناسبة أيضًا هي بداية ظهور الصفات الثانوية، وتعليق الأم عليها بلطف، وقد يكون هناك تساؤل من البنت حول سبب إفطار الأم في رمضان أو عدم صلاتها في بعض الأيام؛ حيث تشرح الأم بصورة علمية سبب حدوث هذه التغيرات الجسمية وهرمونات الأنوثة: الأستروجين والبروجسترون ودورها في ذلك، ثم شرح مبسط قد نستعين فيه برسم تخطيطي للجهاز التناسلي للأنثى يشرح كيفية حدوث التبويض، ورحلة البويضة، والتغيرات التي تحصل في الرحم، وانتهاء الأمر بنزول دم الطمث أو الحيض، والإشارة اللطيفة إلى أن هذه التغيرات هي إعلان لدخول هذه الفتاة إلى عالم الأمومة المرتبط بحفظ الجنس البشري، وقيامه بدوره في إعمار الأرض، وكيف أن كل هذه التغييرات هي من أجل القيام بهذه المهمة السامية.
ولذا فإن عاطفة الإناث تكون قوية من أجل القدرة على منح أولادهن فيضا من الحب والحنان.. وأن توضح لها أن الميل الفطري نحو الجنس الآخر -وهو ميل طبيعي- عليها أن تدركه وتضعه في مكانه وزمانه المناسبين؛ لأن هذه المشاعر يجب أن تخص به زوجها القادم؛ لأنها مشاعر ثمينة لا تمنحها لأي طارق بكلمات حلوة أو ادعاء حب لا يدرك هو قيمته، ويدرك أن الفتاة تتوق إليه لطبيعتها العاطفية فيستغله سلاحًا للإيقاع بها.. وأن الحب له وقته ومكانه وشخصه، وأنها مثلما تحفظ جمالها وحسنها بالحجاب تحفظ مشاعرها في قلبها؛ لأن مشاعر المراهقة بطبيعتها متقلبة متغيرة، وما تتصوره حبًا في هذه السن سيتغير ويتبدل مع نضجها النفسي وزيادة تجربتها وخبرتها واحتكاكها بآخرين في مجالات العلم والعمل.

مرحلة البلوغ
1. بالنسبة للذكور:
وميقاتها البيولوجي هو حدوث الاحتلام، ومن المهم أن يكون الأب مع ابنه عندما يحدث هذا الأمر؛ لأن هناك أمورًا سيترتب عليها دخوله هذا العالم، ويجعل شوق الابن لمعرفة ذلك داعيا لأن يخبر أباه.. ويستقبل الأب ذلك بنوع من الترحاب، ويتخذ بعض الإجراءات المعلنة لحدوث أمر مهم في حياة الابن مثل زيادة مصروفه.. وأن يوكل له بعض المهام الزائدة.. أن يسمح له ببعض الأمور مثل زيادة فترة السماح للخروج.. ثم يبدأ معه في المدخل الشرعي.. فيبين له ما يترتب على حدوث الاحتلام من وجوب الاغتسال ويشرح له كيفية الاغتسال.. ويشرح له كيف أنه أصبح مكلفًا بالصلوات والصيام وأنه محاسب حسابًا خاصًا به..
ويرتب له العديد من الأنشطة المفيدة الرياضية والثقافية التي تشغل وقته، ويفهمه أهمية شغل وقته حتى لا يصبح مستغرقًا في خيالاته وأفكاره، ويحذره من الوقوع في العادة السرية مع شرح بسيط لآثارها النفسية، وخروجها عن القيام بواجب الإنسان نحو جسمه، وكيف أنها إهانة للإنسان ولكرامته.. وكل ذلك في إطار الحوار المتبادل وانتهاز الفرصة المناسبة، خاصة أن الأسئلة من قبل الابن ستكون كثيرة ومتنوعة.
فعلى الأب ألا يتحرج من الإجابة على أي سؤال، ولا يتهرب، ولا يجيب إلا بما يعرفه، وإذا صعب عليه سؤال ما فعليه أن يمهل الابن حتى يسأل المختصين؛ وذلك حتى يكتسب الابن الثقة في الحوار والمعلومة التي يحصل عليها؛ فيظل الطريق مفتوحا بين الطرفين في كل ما يخص هذا الأمر، ولا يلجأ لمصادر أخرى أو ينغلق على نفسه ويعيش في عالمه الخاص، مع التأكيد على المعاني التي من المفترض أنها موجودة وراسخة منذ الطفولة؛ مثل معاني الحياء التي تظهر في عدم خلعه ملابسه أمام الآخرين، وعدم اطلاعه على عورات زملائه، وحدود التلامس بينه وبينهم، وعدم الإفضاء في ثوب واحد أو غطاء واحد مع أخيه أو أحد زملائه.

2. بالنسبة للإناث:
وميقاتها البيولوجي هو حدوث الدورة الشهرية، وهي في المرة الأولى ربما تكون بقعة صغيرة من الدم، يجب أن تستقبلها الأم بالسعادة؛ لأن ابنتها قد كبرت، وأصبحت أختها الصغرى بدلاً من ابنتها، وتجعل الأم لها مذاقًا خاصًا بحيث تنزل مع الابنة للسوق لاختيار ما تراه الابنة مناسبًا لها من ملابس كنوع من الاحتفال والاحتفاء، واستعدادا للبس الحجاب، واختيار المناسب للقيام به وارتدائه، ولا مانع من عمل حفل صغير تدعى فيه صويحبات الابنة للاحتفاء بلبس الحجاب ودخولها عالم الكبار.. وتشرع الأم في تعليم الابنة كيفية الحفاظ على نظافتها ورائحتها في أثناء الدورة، وتزيل عنها الإحساس بالحرج والخجل، وتؤكد لها على طبيعتها؛ لأن الكثير من البنات يصبن بنوع من الخجل والإحساس بالتوتر بل والرفض في بعض الأحيان لهذا الأمر؛ لذا يجب أن تكون الأم متفهمة قريبة.. حانية.. مشجعة.. مطمئنة.
وبعد ذلك تشرح الأم الأمور الشرعية التي تترتب على ذلك بالنسبة للصلاة والصيام ومس المصحف والاغتسال وكيفيته.. وأيضًا أنواع الإفرازات التي تبدأ في هذه المرحلة، خاصة مع الإحساس بالإثارة، وما يترتب على ذلك من أحكام في الوضوء والطهارة، مع التأكيد على معنى التكليف أمام الله، وغض البصر، وشغل الوقت بكل ما هو مفيد من أنشطة، مع التأكيد على الأم أيضًا بفتح الحوار وعدم التحرج أو التهرب من أي سؤال مهما كان.. وشرح ماهية غشاء البكارة ورمزيته إلى عفة المرأة.. وخطورة العبث في هذا المكان، وإزالة الأوهام الخاصة به حتى لا تقع البنت أسيرة الخوف أو القلق من هذه الناحية، مع بيان أمانة الجسد لدى صاحبته؛ بحيث لا تسمح لأحد بانتهاكه بعينه أو يده تكريمًا للإنسان؛ لأنه وعاء روحه في إطار الاعتدال بدون تخويف معطل أو تسهيل مفرط، والتأكيد على معاني الحياة أيضًا مثل عدم خلع الملابس أمام زميلاتها؛ حيث تزيد هذه الظاهرة لدى الإناث كنوع من التعبير عن العاطفة؛ فتحتاج أيضًا لوضعها في إطارها الشرعي الصحيح.

ما بعد البلوغ
وهي المرحلة العملية التي تشهد الاختبار الحقيقي لما تم بثه من معان وقيم وأفكار خلال المرحلتين السابقتين، وهي تتعامل مع الأحداث اليومية والتساؤلات التي تدور في ذهن المراهق أو المراهقة بعد نزوله إلى أرض الواقع، يمارس بنفسه ما سمعه أو تعلمه؛ حيث يسمع الولد أو البنت عن العادة السرية، ويجد من يدعوه إلى ممارستها، وقد يمارسها من باب التجربة أو الفضول أو إثبات الذات.. وقد يهديه زميله صورًا عارية، وقد تدعوها زميلتها لمشاهدة مواقع على الإنترنت.. وقد يسمع من زميله شرحًا وافيًا للعلاقة بين الزوجين وقد تتحدث زميلتها عن فض غشاء البكارة ليلة الزفاف وأماكن الإثارة في جسم الفتاة.. ويعود الابن أو الابنة إذا كان الحوار مفتوحًا وقد نجحت المرحلتان السابقتان في أداء دورهما في زرع جو الثقة بين الآباء والأمهات وأبنائهم وبناتهم.. إذا حدث ذلك فسيجد الأب والأم أنفسهما في مواجهة ذلك كله، وهنا يجب أن يدركوا أن المهمة لم تنته، وأن جو المصارحة والواقعية والموضوعية في هذه المرحلة أخطر.
فالمراهق في المرحلة السابقة كان يكتفي بالتلقي وهو مدهوش أو مصدوم بدخوله إلى هذا العالم العجيب، إنه يندهش لمشاعره، ويستغرب ما يدور داخله من رغبات وأحاسيس، ولكنه الآن قد تمكن منها وعرفها، وهناك جهات كثيرة تدعوه وتغريه.. وهو إذا لم يجد ما يقنعه ويمنعه من الدخول إلى هذه العوالم من باب التجربة والفضول.. فإنه سيفعلها؛ لأن روح المغامرة والتجريب وإثبات الذات ستغلبه إذا لم يجد من يساعده.. لذا فإن الحقيقة العلمية والحوار المفتوح هما سلاحا الأب والأم، وما قد يخجلان من ذكره سيحصل الابن والبنت على تفاصيله من مصدر آخر.
في النهاية ما نريد قوله: إن البعض قد يستغرب دعوتنا إلى التربية الجنسية المبكرة للمراهقين؛ فيتساءل أحدهم: هل سأدعو ابني أو ابنتي وأقول له تعال نتحدث في الجنس؟!! إنني سأفتح عينيه في أمور لا يعرفها.. ويقول الآخر: إن أهلنا لم يتحدثوا معنا في ذلك.. فلماذا نتحدث مع أولادنا في ذلك؟ ويعبر الآخرون عن خجلهم من الحديث في هذه الأمور، وغيرهم عن الجهل في طريقة التناول.
والحقيقة أن هؤلاء الآباء والأمهات لا يدركون أن أولادهم وبناتهم في عصر السماوات المفتوحة والإنترنت والقنوات الفضائية وحرية المعلومات.. إذا لم نتحدث معهم على قدر استطاعتنا وطاقتنا فإنهم سيحصلون على أكثر مما يتخيل الآباء، ولكن خارج المنظومة القيمية والمعرفية لمجتمعنا، خاصة أنه لا يوجد ما يغطي هذا النقص لدينا.. إننا يجب أن نتدخل حتى نضع الإطار الذي يعيد للأمر توازنه، وإلا فلا نلوم إلا أنفسنا بعد ذلك.
§

 

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
طريقة عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 المكتبة العلمية | المنتدى | دليل المواقع المقالات | ندوات ومؤتمرات | المجلات | دليل الخدمات | الصلب المشقوق وعيوب العمود الفقري | التوحد وطيف التوحد  | متلازمة داون | العوق الفكري | الشلل الدماغي | الصرع والتشنج | السمع والتخاطب | الاستشارات | صحة الوليد | صحة الطفل | أمراض الأطفال | سلوكيات الطفل | مشاكل النوم | الـربـو | الحساسية | أمراض الدم | التدخل المبكر | الشفة الارنبية وشق الحنك | السكري لدى الأطفال | فرط الحركة وقلة النشاط | التبول الليلي اللاإرادي | صعوبات التعلم | العوق الحركي | العوق البصري | الدمج التربوي | المتلازمات | الإرشاد الأسري | امراض الروماتيزم | الصلب المشقوق | القدم السكرية



الساعة الآن 11:20 AM.