دمج المعوقين في المدارس العامة خطوة إيجابية تحتاج إلى بعض التعديل
طفلة ترسم علم المملكة ضمن أنشطة جمعية المعاقين
الرياض- أسمهان الغامدي
حسب دراسة قام بها الدكتور ناصر الموسى وفريق عمل عن دمج ذوي "القدرات الخاصة" في التعليم العام، فإن نسبة الدمج بين الطلاب تبلغ 93.5%، والطالبات بنسبة 65.5%، من إجمالي طلاب وطالبات التربية الخاصة، وبعد إعلان مدينة الرياض صديقة للمعوق، التقت "الرياض" ببعض طلاب وطالبات "الدمج" وأهاليهم؛ لتقييم التجربة، وإظهار ايجابياتها وسلبياتها، أملاً في تطوير التجربة وحسن الاستفادة منها..
تأهيل المعلم
بداية التقينا مع "أسماء العلي"- طالبة جامعية- مارست فترة التدريب العملي بمدرسة تضم بين صفوفها طالبات من ذوات "القدرات الخاصة" دون أن تعلم وتؤكد عدم أهليتها على الشرح لمثل هذه الفئة، وتقول: "تفاجأت خلال وقت الحصة ببطء استيعابها الشديد وعدم مبالاتها بي وبالدرس، مما لفت انتباهي وأثارني لأستخدم أسلوب القسوة معها، وعندما لم أرَ منها أية تجاوب لجأت للمرشدة الطلابية التي أكدت لي أنها من ذوات القدرات الخاصة، مما ألجمني عن إكمال الحديث، فأنا غير مؤهلة لتعليمهم ولم يدرج لنا بمواد الجامعة كيفية التعامل معهم ولم يمهد لي من قبل المدرسة المستضيفة بوجود ذوي القدرات الخاصة، مما أشعرني بتأنيب الضمير والإحساس بعدم العطاء خلال فترة تدريبي وربكة في محاولة إيصال المعلومة لدى الطالبات.
تأهيل الطالبات
وتقول والدة الطفلة "نورة" في الصف الخامس: لقد سعدت كثيراً بدمج ابنتي مع طالبات المدارس العامة في البداية، ولكني بعدها بدأت أواجه أمور تذليل الصعوبات التي تواجهها يومياً من عدم مناسبة المكان، سواء الفصل الدراسي أو دورات المياه ونظرة الصغيرات لها؛ بسبب قلة الوعي وعدم كفاية الوقت لاستيعابها للدرس، بالإضافة إلى عدم أهلية المعلمات لكيفية التعامل مع صعوبات التعلم، وتطالب "أم نورة" من وزارة التربية والتعليم بتهيئة البيئة المناسبة للطالبات المعوقات وتذليل الصعوبات التي قد يواجهنها في بيئة المدرسة.
نشاط وطني
من جهة أخرى تشكر الأستاذة "فوزية الأخضر" صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض على جعله الرياض صديقة للمعوق، استجابة منه للأمر الإلهي بعدم التمييز بين البشر، وأن التمييز لا يتم إلا وفق معيار التقوى، كما أن جميع المنظمات العالمية والمتمثلة بمؤتمر داكار العالمي الذي نادى بالتربية الشاملة أو التربية للجميع والمنعقد في السنغال عام 2000م، والذي ألزم بتحقيق أهداف وغايات التعليم للجميع بالنسبة لكل مواطن, وكل مجتمع، كما أكدت الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والصادرة من هيئة الأمم المتحدة على عدم التمييز بين الفئات وغيرهم في المجتمع وقد صادقت ووقعت المملكة على هذه الاتفاقية.
وشددت "فوزية" على ضرورة توسيع وتحسين الرعاية والتربية على نحو شامل في مرحلة الطفولة المبكرة، ومتابعة الأنشطة الوطنية في مجال التعليم للجميع، ووضع التقارير المنتظمة عنها وإعداد استراتيجيات لتطوير عمليات تحقيق أهداف التعليم للجميع، مشيرة إلى أنه يجب أن يتعلم التلميذ المعوق مع أقرانه الأسوياء في الصف العادي داخل المدرسة العادية (حكومية أو خاصة) كل الوقت، ويشاركهم في الأنشطة المدرسية سواء كانت رياضية أو فنية أو ترفيهية أو مباريات رياضية أو تنظيمات كشفية أو اجتماعية أو رحلات أو غيرها من أنشطة مشتركة، ويعلمهم مدرس فصل أو مدرسين مواد علمية مختلفة مع توافر أخصائيين في مجالات تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة والعلاج الطبيعي والوظيفي وأخصائيي عيوب الكلام والتخاطب والتربية الرياضية والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين وغيرهم ممن يكونون فريق العمل المساند لمعلم أو معلمي الصف، مع ضرورة الإحساس بالمسؤولية اتجاههم، مؤكدة على أن قضية الإعاقة ليست قضية فردية، بل هي قضية مجتمع بأكمله، وتحتاج إلى استنفار تام من جميع المؤسسات والقطاعات العامة والخاصة للتقليل والحد من آثار الإعاقة السلبية؛ لأن تأهيل وتدريب الطفل ذي الحاجة الخاصة للتكيف مع مجتمعه يعتبر غير كاف في ميدان التربية الخاصة الحديثة، حيث إنه يجب تكييف البيئة الطبيعية لتلبي احتياجاته ومتطلباته حتى يكون هناك تفاعل مستمر بين الطرفين.
وأشارت إلى أن أهم آثار الدمج النفسية والاجتماعية من رفع الوصمة الاجتماعية لهؤلاء بالقصور والعجز وإبعادهم عن الشعور بالدونية، وأنهم أقل قيمة وقدرة من غير التغلب على إحساسهم بالألم النفسي والشعور بالخجل والعار نحو ذاتهم، كما سيساهم فعلياً في رفع معنويات أسرهم نحو الابن المعوق عندما يشعرون بأن طفلهم عادي وطبيعي، وأن ما لديه هو فقط احتياجات خاصة.
الدمج إيجابي
من جانبها تقول رئيسة وحدة صعوبات التعلم بالإدارة العامة للتربية الخاصة الأستاذة فردوس أبو القاسم أن الدمج هو تعليم ذوي القدرات الخاصة في مدارس التعليم العام "المدارس العادية"، وإعدادهم للعمل في المجتمع، وحتى تنجح عملية الدمج لا بد من تقسيم المعوقين وذوي القدرات الخاصة إلى فئات لها خصائص متعددة ومعاملة مختلفة؛ لأنه يوجد منهم من تكون إعاقتها بسيطة أو متوسطة أو شديدة ومنهم من تكون مهارتها في التواصل جيدة أو ضعيفة، مؤكدة على أن من أهم عناصر نجاح عملية الدمج الذي قد يكون دمجا مكانيا,أو كليا أو جزئيا هو إفساح المجال للأشخاص ذوي القدرات الخاصة للمشاركة الإيجابية في مختلف قطاعات المجتمع، حيث ينظر إلى الدمج على أنه عملية منظمة والاهتمام بتوفير المكان الأكثر ملاءمة للطالب.
وأضافت: حتى تنجح عملية الدمج لا بد من استحداث فصول ملحقة في المدرسة العادية لإتاحة الفرصة أمام المعوقين للتعامل مع أقرانهم العاديين, وتوفير غرف المصادر بالمدرسة العادية، حيث يمكن للطفل ذي الاحتياجات التربوية الخاصة أن يتلقى فيها مساعدة خاصة من قبل اختصاصيين كلما دعت الحاجة إلى ذلك, وتوفير الخدمات المساندة من وسائل تعليمية أو أجهزة تعويضية أو إعداد برامج خاصة وإعداد هيئة التدريس وإعداد المناهج والبرامج التربوية، وتهيئة البيئة المدرسية المناسبة وضرورة تهيئة الهيئة الإدارية والمعلمات.