#1  
قديم 07-28-2010, 09:04 PM
الصورة الرمزية الصحفي الطائر
الصحفي الطائر الصحفي الطائر غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 3,060
افتراضي رعاية المجتمع “للمعاقين”.. حقٌ وليست منة!

 

رعاية المجتمع “للمعاقين”.. حقٌ وليست منة!



الرياض: د. عقيل العقيل
الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يعرف قدرها إلا المرضى. فالمرء المعافى من الأمراض لا يعرف قدر هذه النعمة حتى يبتليه الله بمرض من الأمراض فيعرف حينئذ قيمة الصحة، وقد يتعرض المرء لإعاقة في أي من أجزاء بدنه في سمعه أو بصره أو يديه أو رجليه، وشريحة المعاقين جزء منا فلهم حق علينا فما هم إلا أبناؤنا وإخواننا. التحقيق التالي يتناول هذه القضية:
بداية تحدث الشيخ يحيى بن عبدالرحمن النمازي أستاذ القرآن الكريم في ثانوية الإمام شعبة لتحفيظ القرآن الكريم إمام مسجد الإمام أحمد بن حنبل بالرياض معرفاً بالمعاقين فقال:
يوجد في كل مجتمع من المجتمعات فئة خاصة تتطلب تكيفاً خاصاً مع البيئة التي يعيشون فيها نتيجة لوضعهم الصحي الذي يوجد به خلل ما.
وهذا التكيف لا يأتي من قبلهم، بل يقع عاتقه على من يحيطون بهم بتوجيه الاهتمام لهم مثلهم مثل أي شخص طبيعي يمارس حياته، ويبدأ هذا الاهتمام مع جانب لا نلتفت إليه ونهمله هو المسمى الذي نطلقه على هؤلاء الأشخاص. وقد تطور هذا المسمى عدة مرات ومر بمراحل كثيرة ترضي الفئة القوية بإصرارها وتصميمها على إثبات الذات وأن لها دوراً فعالاً في حياة المجتمعات بأسرها على مستوى العالم.
فبدءاً من المسميات شاع كثيراً استعمال كلمة “معاق” وهي من أصل “عوق” يدل على المنع والاحتباس، فكل ما يحولك عن فعل أي شيء تريده فهو عائق لا يمكنك من ممارسة حياتك بالشكل السوي، وخاصة الأنشطة اليومية ومن بينها خدمة النفس الذاتية، الأنشطة التعليمية، العلاقة الاجتماعية وحتى الاقتصادية منها. لكن هل هذا ينطبق على الشخص السوي الذي تصدر منه تصرفات يضع من خلالها إطاراً لسلوكه يمكن أن تصفه أيضاً بالشخص المعاق، وما هي سمات وملامح هذا السلوك ومتى نصف السلوك بأنه سلوك معاق؟

الضغوط والسلوكيات
أكيد أن كل شخص يعاني من ضغوط أو اضطرابات نفسية، أو حتى علة جسدية. ستنعكس بالضرورة على تصرفاته وسلوكه. لكن ماذا عن الشخص الذي يعاني من أية اضطرابات أو أمراض ويعاني من اعتلال في تصرفاته تجاه الآخرين وخاصة لمن لهم احتياجات خاصة والذين يطلق عليهم البعض “المعاقين”، هذه الكلمة قاسية جداً على نفس الشخص الذي تنقصه مهارات لاستخدام كل ما منحه الله من إمكانات بالشكل الطبيعي والسليم، لا تكن أنت المعاق بتصرفاتك تجاه هؤلاء الأشخاص، عاملهم كأنهم أشخاص عاديون، لا يستطيع أحد أن ينكر احتياجهم للمساعدة، فلا تحاول إيذاء مشاعرهم بتوجيه الاهتمام المتعمد الذي يشعرهم بحرمان أي مهارة من المهارات الطبيعية التي أعطاها الله للإنسان.

تفاوت بين الناس
ثم تحدث الشيخ د. محمد جاد بن أحمد صالح المصري، المستشار الشرعي إمام وخطيب جامع أبي هريرة بالرياض فقال:
خلق الله بني آدم وفاوت بينهم في القوة والضعف، والصحة والمرض، والسلامة والإعاقة وذلك لحكم منها:
- امتحان القوي والصحيح والسليم هل شكر نعمة ربه بالصحة؟ حيث قال نبينا صلى الله عليه وسلم: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ”.
- امتحان المبتلى باحتساب ما أصابه عند الله، حيث قال نبينا صلى الله عليه وسلم: “يقول الله عزَّ وجلَّ: من أذهبت حبيبتيه – أي عينيه – فصبر واحتسب لم أرض له ثواباً إلا الجنة”.
ويقول صلى الله عليه وسلم: “عجباً لأمر المؤمن إن أمره كلّه له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس ذلك إلا لمؤمن”.
- أن يعلم العباد أن ما بهم من ضراء فإنها من الله وحده ولا يكشفها إلا هو كما قال سبحانه: {$وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ} [الأنعام: 17].

موجبات الابتلاء بالإعاقة
وقد أوجب الله على المبتلى بالإعاقة:
- الاعتقاد بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه كما قال الله تعالى: {مّمَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [التغابن: 11]، فإذا استقر في نفس المسلم الإيمان بقضاء الله وقدره وأن الذي أصابه لم يكن ليخطئه ولا مفر منه فإن نفسه تهدأ كما في قراءة {يّهًدٌ قّلًبّهٍ}، وإن كانت الإصابة لاحقة فيقول: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ } اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها كما قال تعالى: {پالَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ(156)( أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} [البقرة: 156 - 157].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: “ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: (إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها، إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها”.
- أن يحتسب أجر آلامه ومتاعبه وهمومه، وما قد يفوته من الدنيا عند الله لقول النبي صلى الله عليه وسلم : “ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه”.
- أن يعلم أن إيمانه ودينه يطلبان منه بذل جهده في تجاوز إعاقته، واستثمار ما لديه من طاقات، فالإعاقة البدنية أياً كانت ليست نهاية العالم، بل هي دافع للمسلم لإعادة تأهيل نفسه لمواجهة الحياة في سبيل الوصول إلى مرضاة الله، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان”.
وليتذكر أن قادة الإسلام وعلماء منهم الأعمى والأعمش والأعرج والأصم والأبكم، ولم تمنعهم إعاقتهم عن الوصول إلى أعلى المراتب التي كتبها الله لهم؛ لأن هممهم عالية ففهموا من النصوص الشرعية أن مسؤوليتهم باقية وسيسألون عن أعمارهم وشبابهم وعلمهم وأموالهم ما دفعهم إلى نسيان الإعاقة والعمل على الإفادة مما بقي لديهم من طاقات.

دور الشخص السليم
أما السليم فتجب عليه أمور أهمها:
- شكر الله سبحانه وتعالى وحمده على العافية ويقول في نفسه الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من رأى مبتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً، لم يصبه ذلك البلاء، ومفهوم الحديث يدل على أنه إن سخر منه فإنه قد يصاب بنفس بلائه.
- أن يدعو للمبتلى في ظهر الغيب ولا سيما إن كان من أهل الدين والتقوى أن يأجره الله وأن يعينه وإن يمن عليه بالعافية فالدعاء هو العبادة وهناك ملك يقول ولك بمثل.
- العطف على المبتلى والظن أنه قد يكون عند الله خيراً من غيره، وأن الله لا ينظر إلى الصور والأجساد ولكن ينظر إلى القلوب والأعمال: { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ عّلٌيمِ خّبٌيرِ}.
- الإحسان إلى المبتلى، والمسارعة إلى نفعه وإعانته إن كان بحاجة لذلك فإن مساعدة المعاق من أبواب الخير التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم : “أن تعين صانعاً أو تصنع لأخرق” فالخرق نوع من الإعاقة العقلية.
ويدخل في قوله صلى الله عليه وسلم تصنع لأخرق: كل خدمة تقدمها له فدلالة الأعمى على الطريق، ومساعدة الفقير غير القادر على الكسب بتوفير المال له، أو تعليمه صنعة يستغني بها عن سؤال الناس.

اختلاف الأحوال
ومن الجدير بالذكر أن أصحاب الظروف الخاصة تختلف أحوالهم فمنهم المعاق في عقله الفاقد له وهذا غير مكلف لقول النبي صلى الله عليه وسلم : “رفع القلم عن ثلاثة” وذكر منهم المجنون.
وأما من سوى المجانين فهم مكلفون على قدر استطاعتهم لقول الله تعالى: {{لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}
وأما الاجهزة الحكومية والوزارات المعنية فيجب عليها كذلك تأهيل المعاقين ليستفيدوا من الطاقات الباقية، وتعليم أقاربهم أنجح الأساليب التي تساعدهم على العناية بهم، وتوفير السيارات والعربات المناسبة لهم، وتأهيل الطرق الخاصة بهم، وإيجاد المواقف القريبة من أماكن احتياجاتهم، وتوفير فرص العمل التي تحفظ كرامتهم، وتوعية المجتمع بحقوقهم وليعلم أن وجود الضعفاء وأصحاب الظروف الخاصة رحمة في المجتمع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : “أبغوني في ضعفائكم فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم”.
وتقوم الدولة – وفقها الله – انطلاقاً من رسالتها السياسية وعملاً بالمادة 73 من النظام الأساسي للحكم (تكفل الدولة حق المواطن وأسرته في حالة الطوارئ والمرض والعجز والشيخوخة وتدعم نظام الضمان الاجتماعي، وتشجيع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية الخاصة بالمعاقين والقيام بهذا الواجب خير قيام كما تقوم الجمعيات الخيرية بمسؤولياتها وتقدم إسهامات رائدة ومتميزة في مجال التخفيف من أعباء المعاقين مستمدة طاقتها من تعاليم ديننا الحنيف، الذي يدعو إلى التكافل ويحث على فعل الخير والبر والإحسان ومد يد العون إلى المعاقين.

مركز أبحاث الإعاقة
وقد قام رجل البر والإحسان صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة الرياض – حفظه الله – بتأسيس مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة ويرأس المركز ابنه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان – حفظه الله – ويقوم بدور فعّال في خدمة المعاقين وتأهيلهم وتوفير فرص تمويل مناسبة لهم، والواجب على الأغنياء والموسرين وأصحاب الأموال المساهمة مع هذا المركز وغيره بتقديم العون المادي والمعنوي لهم انطلاقاً من قول النبي صلى الله عليه وسلم : “مثل المومنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.
وتطوير أساليب أدائها بشكل مذهل مما يعكس عظيم إحساس المسؤولية فيها بآلام إخوانهم والذي ترجموه بتخفيف آلامهم ومدّهم بما يزيلها أو يخففها وبقي دور إخوانهم من جميع الطبقات ببذل ما تيسر من أموالهم ولو بالقليل منها: “ورب درهم غلب مئة ألف درهم”.
والله أسأل أن يخلف على من بذل خيراً وأن يجعله صلاحاً في ذريته وانشراحاً لصدره ودافعاً للبلاء عنه وشفاء لدائه، وأن يجزي القائمين على المؤسسة خيراً وأن يرفع قدرهم في الدنيا والآخرة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

__________________
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 المكتبة العلمية | المنتدى | دليل المواقع المقالات | ندوات ومؤتمرات | المجلات | دليل الخدمات | الصلب المشقوق وعيوب العمود الفقري | التوحد وطيف التوحد  | متلازمة داون | العوق الفكري | الشلل الدماغي | الصرع والتشنج | السمع والتخاطب | الاستشارات | صحة الوليد | صحة الطفل | أمراض الأطفال | سلوكيات الطفل | مشاكل النوم | الـربـو | الحساسية | أمراض الدم | التدخل المبكر | الشفة الارنبية وشق الحنك | السكري لدى الأطفال | فرط الحركة وقلة النشاط | التبول الليلي اللاإرادي | صعوبات التعلم | العوق الحركي | العوق البصري | الدمج التربوي | المتلازمات | الإرشاد الأسري | امراض الروماتيزم | الصلب المشقوق | القدم السكرية



الساعة الآن 12:39 AM.