عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 11-26-2008, 06:09 PM
الصورة الرمزية الصحفي الطائر
الصحفي الطائر الصحفي الطائر غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 3,060
افتراضي

 

نهى سلامة**



من قبل كنا نمر على الأخبار التي تتحدث عن احتدام الجدل حول أبحاث الخلايا الجذعية ومدى كون بعضها أخلاقيًّا من عدمه دون أن نتوقف كثيرًا، فالأمر كان لا يزال بعيدًا عن مجتمعاتنا، لكننا اليوم في حاجة إلى أن نفهم أكثر سبب هذا الجدل، ونحدد موقفنا منه، فبعد أن بدأت أبحاث حول العلاج بالخلايا الجذعية في المملكة العربية السعودية ها هي ستبدأ في مصر أكتوبر 2005.


بدأت الحكاية بتقرير ظهر بمجلة كرستيان سينس مونيتور يشير إلى أن المركز المصري لأطفال الأنابيب وهو مركز خاص قرر أن يبدأ أبحاث على الخلايا الجذعية، مع التأكيد على كون مصدر تلك الخلايا هو الحبل السري للمواليد، وبسؤالنا المدير الإكلينيكي للمركز الدكتور جمال سرور أكد لنا أن "هدفنا هو أن نصل إلى علاجات مناسبة للأمراض المستعصية"، وأضاف "وستتم الأبحاث بعد موافقة الزوج والزوجة بالطبع لاستخدام الحبل السري الناتج عن عملية الولادة".

ورغم أن الدكتور سرور وفريقه البحثي على قناعة بأن استخدام الأجنة الفائضة عن عمليات أطفال الأنابيب -والتي يتم عادة تدميرها- في بحوث الخلايا الجذعية أمر لا بأس به؛ لخدمة أبحاثهم فإنهم يحترمون رأي نقابة الأطباء المصرية بمنع أية أبحاث على الخلايا الجذعية الجنينية سواء لأجنة سيتم التخلص منها أو بالطبع لأجنة مخصبة خصيصًا للبحث مثلما بدأ يحدث فعليًّا في العديد من الدول الأوربية، بل وفي إيران وسنغافورة.


الخلايا الجذعية.. تحت المجهر


وتكمن الميزة الرئيسية للخلايا الجذعية والتي تسببت في السعي الحثيث لإجراء البحوث حولها بالعديد من الدول في كونها خلايا غير مكتملة الانقسام، قادرة تحت ظروف مناسبة على تكوين خلية بالغة من أي عضو من أعضاء الجسم، وبالتالي يمكن اعتبارها نظام "إصلاح وتجديد" للجسم، حيث إن الله سبحانه وتعالى قد أودع فيها استطاعة تكوين أي نوع من الخلايا المتخصصة بعد أن تنمو وتتطور، وعليه يمكن أن تزرع في جسم الإنسان في المكان الذي به تلف لأحد الأعضاء فيستعيد العضو وظيفته، حيث تنمو وتنقسم الخلايا الجذعية مكان الأنسجة التالفة، وهي بذلك يمكن أن تكون علاجًا سحريًّا لأمراض وحالات إعاقة كثيرة تتضمن مرضى باركنسون (الشلل الرعاش)، والزهايمر، وإصابات الحبل الشوكي، والصدمات، والحروق، وأمراض القلب، والتهاب المفاصل، والشلل الرباعي، بل وقد تصبح بديلاً لعمليات زرع الأعضاء؛ لتصبح عملية زرع خلايا فقط تنمو لتكون أعضاء بديلة.


ولفهم سبب الجدل المحتدم حول مصدر تلك الخلايا لا بد أن نفرق بين نوعيها فللخلايا الجزعية شكلان رئيسيان هما: الخلايا الجذعية البالغة متعددة القدرة وأشهر مصادرها دماء الحبل السري أو مشيمة الأطفال حديثي الولادة وحتى الآن دخلت تلك الخلايا في علاج 100 حالة مرضية. أما الشكل الآخر فهو الخلايا الجذعية الجنينية كلية القدرة والتي يتم الحصول عليها في المرحلة الأولية للجنين المنقسم (من 50 إلى 150 خلية) هذه الخلايا يحصل عليها العلماء إما من الأجنة المخصبة الفائضة عن عمليات أطفال الأنابيب، حيث إنه خلال تلك العمليات يخصب 6 أو 7 أجنة ولا يزرع منهم في رحم الأم إلا 3 أو 4 فإذا نجحت المحاولة الأولى وحدث الحمل، عادة ما تدمر الأجنة الباقية، أو من خلال تخصيب أجنة خصيصًا من أجل إجراء البحوث عليها أو استنساخها. وهذه الخلايا الجذعية الجنينية هي محور الجدل بين معارضين يسألون أسئلة كثيرة حائرة لا تجد إجابات شافية وبين مؤيدين بأجوبة حيية لا تشفي ظمأ المعارضين.


هنا.. احتدم الجدل


فالكل يجمع على أن أبحاث الخلايا الجذعية أبحاث نبيلة الهدف لا يختلف عليها دين أو علم.. وإنما يكمن الجدل في مصدرها.. فالمعارضون (ومنهم غالبية المسلمين والكاثوليك والأرثوذكس الشرقيين وبعض جمعيات حقوق الإنسان) يرون أن تحطيم أجنة إنسانية لأي غرض أيًّا كان، أمر غير مقبول وأن هذا الجنين طفل صغير له كل حقوقه الإنسانية. أما المؤيدون يرون أن ذلك مقبول حينما يكون القصد هو تخفيف معاناة البشرية من آلامها، ويرون أن الخلايا تؤخذ من مرحلة أولية لجنين غير مكتمل، فإذا بالمعارضين يؤكدون أن اكتمال نمو تلك المرحلة يؤدي إلى إنسان كامل، ثم إن هناك بدائل كثيرة للخلايا الجذعية الجنينية، هذا إلى جانب العديد من الأبحاث الحديثة التي نشرت في بدايات 2005، مؤكدة على إمكانية تحفيز الخلايا الجذعية البالغة ليكون لها نفس قدرات مثيلاتها الجنينية التي كان يعتقد أنها تتميز بقدرة عالية على الانقسام تفوق الخلايا البالغة، فلم إذن اللجوء فقط للأيسر؟
"لا يمكن بأي حال من الأحوال تدمير أجنة للأبحاث" كان هذا هو الرأي الذي أكده نقيب الأطباء المصريين د. حمدي السيد نقيب الأطباء لمجلة كرستيان سينس مونيتور، وربما كان رأي الدين لا يختلف كثيرًا عن هذه الكلمات. حيث يؤكد لنا د. عبد الحي الفرماوي وكيل كلية أصول الدين بالأزهر الشريف: "هدف نبيل أن تقوم مثل هذه الأبحاث لخدمة البشرية، ولكن المشكلة هي مشكلة ضمائر وذمم والتي قد تعرض الأجنة إلى تجارة رخيصة وأعمال ملتوية في بلاد تعاني الآن من أزمة ضمائر".
لكن علماء الدين الأفاضل لم يغلقوا الأبواب تمامًا أمام استخدام الأجنة التي سيتم التخلص منها لانتهاء الغرض من إخصابها أثناء إجراء عمليات أطفال الأنابيب. فيقول د. عبد الحي الفرماوي "لا بد من اجتماع علماء الدين والعلم لمناقشة مثل هذه الأمور دائمًا"، ويضيف "وميلي الشخصي إلى تحريم العمل بالأجنة التي سيتم التخلص منها في كل الأحوال لا يعني غلق الباب أمام مثل هذه الاجتماعات".
وبنظرة متجولة حول العالم فإن إنجلترا وإسرائيل وكوريا الجنوبية هي ثلاثة دول نادرة تسمح باستنساخ أجنة بغرض البحث في الاستنساخ العلاجي أيًّا كان مصدرها، ولكنها تمنع الاستنساخ التكاثري (أي الذي ينتج عنه إنسان كامل).. وتسمح بلاد أخرى كاليابان باستخدام الأجنة الفائضة عن عمليات أطفال الأنابيب، وتحظر تخصيب أجنة خصيصًا حتى بغرض العلاج، هذا فضلاً عن موقف الولايات المتحدة التي وفرت تمويلاً حكوميًّا لأبحاث الخلايا الجذعية الجنينية.
ومما يزيد من أهمية الوقوف على رأي شرعي موحد حول إجراء الأبحاث على الخلايا الجذعية بمصادرها المختلفة، دخول بعض البلاد الإسلامية والعربية دائرة الضوء في هذا المجال، فقد أنتجت إيران وسنغافورة خلايا جذعية جنينية، كما تقوم الآن أبحاث على الخلايا الجذعية البالغة في إيران والسعودية وماليزيا، وقريبًا ستلحق مصر بالقاطرة. فترى إلى أين سيكون المصير؟!



 

رد مع اقتباس