عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 02-16-2012, 06:58 PM
الصورة الرمزية الصحفي الطائر
الصحفي الطائر الصحفي الطائر غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 3,060
افتراضي

 

تدرب على دخول الحمام في أسبوع

وتعبر عما كان يدور في ذهنها في ذلك الوقت تجاه تشخيص الأطباء، «لم أصدقهم ولم ألتفت إلى كلامهم مطلقا، ابني الذي حكموا عليه بالتخلف العقلي استطاع أن يتدرب على دخول «الحمام» دون مساعدة أحد في أسبوع واحد فقط، بينما أسمع الأمهات في المجالس يتحدثون عن عناء يصل إلى أسابيع لتدريب أبنائهن على ذلك؟ بل إنه كان يقص الورق إلى قصاصات صغيرة جدا ويصعد أعلى المكتبة ويرميها سويا، ثم يسأل «لماذا تصل بعضها قبل الأخريات على الرغم من أنني رميتها كلها في آن واحد؟»، كما أنه ينجذب كثيرا إلى الكمبيوتر، وتساءلت: ألا تكفي كل تلك المؤشرات أن تبرئه من حكم الأطباء القاسي عليه بالتخلف العقلي؟».
نطق الأب بعد أن حكموا عليه بـ «الصمم»

على الرغم من أن كل المؤشرات التي تؤكد ذكاء أحمد كانت كافية لدعم والدته في عدم تصديق تشخيص الأطباء، إلا أن قصة والده مع الظلم الذي وقع عليه نتيجة التشخيص الطبي الخاطئ جعله يعيش أصم طوال حياته.
وتستعيد أم أحمد قصة زوجها «أصيب عصام «أبو أحمد» بحرارة عالية في طفولته أثناء مكوث أسرته في الكويت نظرا لعمل والده، ونتيجة لذلك أصبح لديه ثقل في السمع، لكن الأطباء شخصوه على أنه (أصم) ونتيجة لهذا التشخيص بعثه والده إلى مدرسة داخلية للصم في الرياض، مدة ست سنوات إلى أن أنهى مرحلتي الابتدائي والمتوسط».
وأضافت «بعد أن عاش أبو أحمد أصم، وهو يستطيع النطق طوال حياته الدراسية استطاع الحصول على وظيفة عقب حصوله على الشهادة الجامعية، وفي يوم من الأيام وبعد خروج الموظفين طلب زميل أبو أحمد (مصري الجنسية) منه أن يتبادلا المعلومات فيما يخص تفسير بعض آيات القرآن الكريم، وخلال حديثهما نطق أبو أحمد دون أن يشعر فاندهش زميله دهشة مشابهة للدهشة التي اعترت أصدقاء وزملاء الدراسة».
وتنقل الزوجة مشاعر زوجها أثناء مكوثه في مدرسة الصم «بعد أن قرر الأطباء إصابة أبي أحمد بالصمم اعتاد الصمت وأصبح لديه ثقل في اللسان، وأثناء مكوثه في مدرسة الصم كان يشعر بأنه يود أن ينطق، لكن الحياء يمنعه من ذلك داخل بيئة تتكلم كلها بلغة الإشارة».

أبو أحمد الذي تواصل مع جريدة «الاقتصادية» خطوة بخطوة لحرصه على توفير كل الصور والوثائق لحالة ابنه على الرغم من الثقل الذي يعانيه لسانه نتيجة التشخيص الخاطئ، ركب سماعتين في أذنيه حتى يتواصل مع ابنه، ولم يحبطه تشخيص الأطباء السلبي لحالة ابنه, على العكس تماما دفعه أكثر لعلاجه, خاصة أنه وقع ضحية تشخيصهم في طفولته أيضا.
وقال: «ثقتي الكاملة بذكاء ابني جعلتني أبتعد تماما عن الإصغاء إلى حديث الأطباء السلبي، ولا سيما أن لي تجربة سلبية جعلتني أعيش أصم وأنا أنطق، بينما لم أصغ للذين يدعمون العلاج الدوائي لحالة أحمد, بل كنت أتبع دائما فريق الأطباء الذين يؤمنون بالعلاج السلوكي».
المراحل المدرسية .. المعاناة تستمر

تلقى الأبوان نصحا ممن حولهما بإدخال أحمد مرحلة الروضة, وبالفعل استجابا لذلك, وذهبت والدة أحمد لتسجيله في روضة حكومية، لكن في أول ساعتين من اليوم الدراسي الأول وردها اتصال من مديرة مدرسة الروضة تطلب منها المجيء لأخذ ابنها بسبب كثرة حركته، وعدم استطاعتهم السيطرة عليه، وبالفعل ذهبت لنقله إلى روضة أهلية يتوافر فيها فصل خاص لإعاقة «متلازمة داون».
تستمر أم أحمد في الحديث عن سلسلة المعاناة التي واجهتهم في أول سلم دراسي عندما نقلت ابنها إلى روضة أهلية تتوافر فيها فصول خاصة لـ «متلازمة داون» وقالت: إن انضمامه إلى روضة أهلية كان بداية حقيقية للتشخيص السليم لحالته.

معلمة ومديرة .. بصمة لا تنسى في حياته

المعلمة (أمل) خريجة قسم التاريخ, ومديرة المدرسة المتخصصة في التربية الخاصة، شخصيتان كانت لهما بصمة لا تنسى في التطور الإيجابي لحالة أحمد، على الرغم من أن تخصص المعلمة أمل بعيد كل البعد عن تخصص التربية الخاصة أو رياض الأطفال، إلا أن إخلاصها في تأدية عملها كان له دور فاعل في تحسين وانضباط سلوكيات أحمد العشوائية لدرجة أنه حتى هذا اليوم يتذكرها.
ومع أن المدرسة كانت لها دور كبير في تعليمه، إلا أن تدريب أحمد في المنزل لم يكن يتوقف عند انتهاء اليوم الدراسي، لأن والديه فتحا فصلا دراسيا مسائيا يبدأ بعد صلاة العصر وينتهي مع أذان المغرب بهدف تعليمه وتدريبه برفقة أخته.
تضيف أم أحمد «لم نكن نتوقف إطلاقا عن تدريب أحمد في المنزل، فقد افتتحنا فصلا مسائيا وتقاسمنا العمل، فقد توليت تعليمه وتدريبه على نطق الحروف والكلمات عن طريق الصور، بينما تولى والده الدور الأكبر وهو ضبط سلوكياته وتصرفاته، ومع تآزر الجهود المبذولة من المنزل ومن المدرسة، أصبح التحسن واضحا على حالة أحمد، وبدأ ينطق نطقا سليما».
تسترجع أم أحمد ذكريات مضى عليها نحو 17 عاما، مبينة «من شدة حرص المعلمة أمل على أحمد كانت تربطه في الكرسي حتى ينهي وجبته، أما مديرة المدرسة فهي الشخصية التي استطاعت أن تكتشف ما عجز عن تشخيصه الأطباء، فهي أول من استطاع اكتشاف نوع إعاقته، وقالت لي حينها «ابنك ذكي جدا ولا يعاني الإعاقة التي يعانيها أطفال «متلازمة داون»، فسلوكه يشير إلى أنه طفل مصاب بالتوحد»، وذكرت أنها تعرف حالة مشابهة تماما لحالته وهو آنذاك في صدد الحصول على شهادة الدكتوراه»، وكان مصطلح (التوحد) آنذاك غريبا تماما على مسامع أم أحمد، فلم يكن لديها أي خلفية عن أسباب وطرق علاج هذا المرض بتاتا.



 

__________________
رد مع اقتباس