عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-23-2009, 02:46 AM
الصورة الرمزية معلم متقاعد
معلم متقاعد معلم متقاعد غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 1,190
افتراضي التدريس التبادلي

 

التدريس التبادلي


رشدي أحمد طعيمة؛ محمود كامل الناقة


مفهومه
يقصــد بالتدريس التبادلي Reciprocal Teaching نشاط تعليمي يأخــذ شكل حوار بين المعلمين والطـــلاب فيما يخص نصاً قرائياً معيناً. وفي هذا النشاط يلعب كل منهم (المعلمون والطلاب) دوره على افتراض قيادة المعلم للمناقشة.
وقد يختلط هذا المفهوم باستراتيجية التدريس عن طريق طرح الأسئلة، وهي الاستراتيجية التقليدية في الأدبيات التربوية. والخلاف بين المفهومين أو الاستراتيجيتين كبير. صحيح أن المعلم يقود زمام المناقشة في التدريس التبادلي، لكن هذه الاستراتيجية تفسح المجال للطالب لأن يقود النقاش الجماعي والحوار مع زملائه كفريق من أجل إثراء النص ذاته عند مستوى معرفي معين يتناسب مع إدراك الطلاب. إن تبادل الأفكار بين المعلم والطلاب، وبين الطالب قائد المجموعة وبين المجموعة، ثم بين أفراد المجموعة بعضهم وبعض هومحور التدريس التبادلي.

استراتيجيات التدريس التبادلي
التدريس التبادلي يأخذ شكل استراتيجيـات يوظفها المعلم في شكل متتال تسلم كل منها للأخرى. وتكاد تجمع الأدبيات التربوية في هذا المجال على أن هذه الاستراتيجيات أربع، هي : التلخيص / توليد الأسئلة / الاستيضاح / التنبؤ. وإن كان البعض يضيف إليها استراتيجية خامسة هي القراءة، ويضيف آخرون استراتيجية التمثيل أو تكوين رؤيا Visualization. وفيما يلي عرض لكل منها :

ــ التلخيص Summarizing :
ويقصد به قيام الطالب بإعادة صياغة ما درسه موجزاً إياه وبلغته الخاصة. وهذا يدربه على تمثل المادة وتكثيفها، والتمكن من اختيار أهم ما ورد بها من أفكار، وتحقيق التكامل بينها وبين ما سبق من أفكار. وقد يبدأ الطلاب بتلخيص جملة طويلة في كلمة مثلاً أو كلمتين، ثم تلخيص فقرة تتدرج في الطول ثم تلخيص النص كله. وأخيراً، فإن التلخيص يساعد على تجميع الأفكار السابقة وتذكرها تمهيداً لاستقبال أفكار أخرى جديدة في فقرات أو نصوص قادمة.

ــ توليد الأسئلة Generating Questions :
ويقصد به قيام الطالب بطرح عدد من الأسئلة التي يشتقها من النص المتلقى. ومن أجل ذلك يلزم الطلاب أن يحددوا أولاً نوع المعلومات التي يودون الحصول عليها من النص حتى تطرح الأسئلة حولها. مما يعني تنمية قدراتهم على التمييز بين ما هو أساسي يسأل عنه وما هو ثانوي لا يؤثر كثيراً في تلقي النص. وطرح الأسئلة ليس مسألة سهلة. إن طرح سؤال جيد يعني فهماً جيداً للمادة ؛ تمثلاً لها وقدرة على استثارة الآخرين للإجابة. وجدير بالذكر أن الطلاب عندما يصوغون أسئلتهم يتولون بأنفسهم مراجعتها والتاكد من قدرتها على جمع المعلومات المطلوبة سواء من حيث أفكارها أو عددها أو صياغتها. وتدعم هذه الخطـوة سابقتها التلخيص. وتأخذ بيد الطالب خطوة للأمام نحو فهم النص. وتوليد الأسئلة هنا عملية مرنة ترتبط بالهدف الذي يتوخاه المعلم أو المنهج والمهارات المطلوب تنميتها. القراءة مثلاً لها مستويات كثيرة. هناك ما يسمى بقراءة السطور، وهناك قراءة ما بين السطور، وهناك قراءة ما وراء السطور. هناك مراحل في القراءة تبدأ بالتعرف ثم الفهم ثم النقد ثم التفاعل والتطبيق... وهكذا. ويمكن للمعلم أن يكلف الطالب بتوليد أسئلة تتناسب مع كل مستوى أو مرحلة مما سبق. ومن معايير التوليد الجيد للأسئلة أن تستثير الطلاب للإجابة وأن تساعدهم على توليد أسئلة جديدة. السؤال الجيد يستثير سؤالاً جيداً آخر. ومن المعايير كذلك أن تساعد الأسئلة على الأداء الجماعي وليس فقط الإجابة الفردية من طالب معين. ولقد تستلزم الإجابة على الأسئلة الجيدة مراجعة قراءة النص للبحث عن الإجابة المناسبة. وهذا أيضاً من معايير جودتها.

ــ الاستيضاح : Clarification :
ويقصد به تلك العملية التي يستجلي بها الطلاب أفكاراً معينة من النص أو قضايا معينة أو توضيح كلمات صعبة أو مفاهيم مجردة يصعب إدراكها من الطلاب. وفي هذه العملية يحاول الطلاب الوقوف على أسباب صعوبة فهم النص. وبلغة اصطلاحية يحاولون تحديد أسباب تدني انقرائية النص. كأن تكون به كلمات صعبة أو جديدة، أو مفاهيم مجردة كما قلنا أو معادلات، أو معلومات ناقصة... وغيرها. ومثل هذه الأسباب تدفع الطلاب بالطبع لمزيد من القراءة والانطلاق فيها أو التوقف لطرح أسئلة جديدة يستوضح بها الطلاب قضايا أخرى. وتفيد عملية الاستيضاح هذه الطلاب ذوي الصعوبات في تعلم اللغة أو فهم نصوصها. ومستويات القراءة ــ كما سبق القول ــ متعددة وتندرج من قراءة السطور إلى ما بين السطور إلى ما وراءها. ويتفاوت الطلاب بالطبع في مسألة التعامل مع النص والمستوى الذي يصلون إليه. وعملية الاستيضاح تساعد بلاشك هذا الصنف من الطلاب ممن لايتجاوز قراءة السطور أو مجرد فك الخط كما نقول.

ــ التنبؤ : Predicting :
يقصد به تخمين تربوي يعبر به الطالب عن توقعاته لما يقوله المؤلف من خلال النص. إنه جسر بين ما يعرفه الطالب الآن من النص وما لايعرفه منه. وتتطلب هذه الاستراتيجية من الطالب أن يطرح فروضاً معينة حول ما يمكن أن يقوله المؤلف في النص كلما خطى في قراءته خطوات معينة. وتعد هذه الفروض بعد ذلك بمثابة هدف يسعى الطالب لتحقيقه، سواء بتأكيد الفروض أو رفضها.. ويعد التنبؤ أيضاً استراتيجية تساعد الطالب على فهم بنية اللغة وما تحمله من دلالات، فقراءة عنوان النص والعناوين الرئيسة والفرعية والإحالات والإشارات وغيرها... كل هذا يمكن أن يعــدّ مؤشرات يستطيع الطالب من خلال فهمها توقع ما يرد في النص. وتكمن مهارة الطلاب في هذه العملية في استرجاع ما لديهم من معلومات سابقة بالنص وربطها بما يجد أمامهم من معلومات جيدة في هذا النص، وكذلك في قدرتهم على التقويم الناقد لأفكار المؤلف، فضلاً عن استثارة خيالهم.

أسسه ومنطلقاته
التدريس التبادلي استراتيجية تستند إلى مجموعة من الأسس والمنطلقات كما يلي :
1. تدعيم جهود الطلاب بعضها لبعض.
2. مواصلة دعم المعلم ( أو الخبير ) للطلاب بمجرد البدء في أداء المهام
3. تضاؤل دعم المعلم أو الخبير للطلاب كلما قطعوا شوطاً في التعلم. إن الأدبيات التربوية في هذا المجال تشبه جهود المعلم بالسقالة التي يستخدمها البناؤون في عملية البناء والتي يتخلصون منها بالتدريج كلما أكملوا شيئاً في البناء.
4. تتعدد مجالات استخدامه سواء زاد عدد الطلاب أو قلوا. ولقد استخدم التدريس التبادلي في الحالات الآتية :
* التدريس للمجموعة كاملة ؛
* التدريس لمجموعات صغيرة ؛
* التدريس لطالب طالب ؛
* التدريس لمجموعات صغيرة يقودها الرفاق.
5. تستخدم كل استراتيجية من الاستراتيجيات الأربع التي يشتمل عليها التدريس التبادلي في تمكين الطالب من بناء المعنى من النص الذي أمامه ومعالجة النص القرائي بالشكل الذي يضمن له حسن فهمه. وجدير بالذكر أن هذه الاستراتيجيات الأربع لا تلزم ترتيباً واحداً يتقيد به المعلم.
6. يفيد التدريس التبادلي بشكل كبير الأنواع الآتية من الطلاب :
* الطالب الذي يتلقى النص جيداً لكنه بطيء في فهم ما فيه.
* الطالب بطيء الإدراك في تلقى النص ومن ثم في فهمه.
* الطالب الذي يتعلم لغة أجنبية.
* الطالب الذي لا يجيد القراءة لكنه يجيد الاستمــاع (بنمط تعلمه هو السماعي ear oriented) ؛ إذ يفهم النص من سماع مناقشة بين زملائه.
* الطالب العادي الذي يجيد المهارات اللغوية المختلفة، إذ يساعده هذا النوع من التدريس في فهم أعمق للنص.

خطوات التدريس
تمر عملية التدريس التبادلي بخطوات نجملها فيما يلي :
1. خلال المرحلة الأولى للاتصال بالنص يتولى المعلم مسؤولية تقديم سؤال بذكر العنوان ويطلب من الطلاب التنبؤ بما يمكن أن يكون تحت هذا العنوان من أفكار أو ما يمكن أن يعالجه الكاتب من قضايا.
2. يقوم أحد الطلاب بالتنبؤ من خلال عنوان النص. فإذا لم يستطع أحد ذلك قام المعلم بقراءة الجملة الأولى من النص سائلاً طالباً آخر أن يتنبأ بما فيه...
3. قد يتنبأ طالب آخر بشيء.. وعندها يكلف المعلم طالباً آخر أن يستوثق من تنبؤ زميله والتأكد من أن الأفكار التي طرحها موجودة في النص.
4. بعد ذلك يسلم المعلم زمام المناقشة لطالب آخر يثق في قدرته على إدارة الحوار. فيتولى الطالب طرح سؤال يطلب منه التنبؤ بما ورد في الفقرات التالية.
5. يقوم طالب آخر بتلخيص ما وصل إليه الطلاب، ثم تقوم المجموعة بالبحث عن إجابة سؤال كان قد طرحه طالب آخر... وهكذا...
6. يتبادل الطلاب والمعلم الأدوار. ويقرأ المعلم فقرة، يقوم طالب بالتنبؤ بالأفكار الأساسية والثانوية، يطرح طالب سؤالاً عن فكرة غامضة أو كلمة صعبة أو غيرذلك مستخدماً في ذلك استراتيجية الاستيضاح، يقوم آخر بتلخيص الفقرات... وهكذا حتى ينتهي النص.
7. يبدأ المعلم في الانسحاب من الموقف عندما يطمئن إلى قدرة الطالب على توظيف الاستراتيجيات الأربع، وأن النص في طريقه لأن يفهمه الطلاب جيداً.

 

رد مع اقتباس