عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 05-29-2009, 03:09 AM
الصورة الرمزية معلم متقاعد
معلم متقاعد معلم متقاعد غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 1,190
افتراضي

 

تثبت لنا هذه الحقائق أن:

1 ـ نظام الإدراك السمعي البصري للبشر لا يكتسب ولكنه بالأحرى فطري ذو أهمية محددة فيما يتعلق باللغات.

2 ـ السمع والبصر بالنسبة لإدراك البشر يمثلان وجهين لعملة واحدة ويؤديان إلى اكتساب المعرفة على الوجه الأمثل، وبهما نستطيع تأمل أعظم آيات الله ـ جل جلاله ـ في إحدى جوانب السلوك البشري ألا وهو تعلم اللغات والقرآن الكريم بتمييزه للسمع والبصر على غيرهما من الحواس الإنسانية الأخرى فإنه يطلب من الإنسان تحقيق الاستفادة البناءة العظمى من هذه النعمة التي منحها الله ـ سبحانه وتعالى ـ وذلك لأن الإنسان يستطيع من خلالها أن ينفذ إلى عالم الأشياء والرموز معًا. لهذا يجب أن تحتوي المواد التعليمية المستخدمة في الاستماع للغة الثانية على معلومات سمعية وبصرية. وهنا يتجلى إعجاز القرآن في ذكر السمع والبصر متلازمين بنفس التتابع وذلك لاكتساب المعرفة البشرية حيث يولد الطفل وهو لا يعلم شيئًا. وعن طريق السمع والبصر والفؤاد يستطيع أن يكتسب العلم والمعرفة. قال تعالى: }وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ{ (النحل: 78). إضافة لهذا يتوجب علينا تطوير مهارات القراءة خلال المراحل المبكرة من تعلم اللغة وذلك لأن عنصر القراءة يتوفر في المعلومات البصرية.

أهمية الصوت كوسيلة اتصال:

واللغة نظام بالغ التعقيد يتوسط بين مجموعة مقاصد وأغراض (المعنى المعرفي) مستخدم اللغة والبنى التركيبية الدلالية من ناحية ومجموعة الأصوات من ناحية أخرى. فاللغة تمكن المتكلم من تحويل أشكال الأفكار والمفاهيم إلى مبانٍ تركيبية دلالية، وتحويل هذه البنى إلى أشكال صوتية تتيح للسامع من داخل عقله تحويل هذه الأصوات مرة أخرى إلى نتاج صورة طبق الأصل للأفكار التي ابتدأ بها المتكلم. إن تحويل المعاني إلى أصوات يتيح للبشر نقل الأفكار من شخص لآخر. ويفترض أن للأفكار نوعًا من الوجود الكهروكيميائي في الجهاز العصبي (Noback and Demarest,1981). ومهما تكن الصيغة التي تتشكل بها الأفكار فإنها لا تنتقل من فرد لآخر
بذلك الشكل وذلك لعدم وجود رابط عصبي بين شخصين منفصلين تمامًا ولعدم وجود معبر عصبي لغوي تستطيع الأفكار النفاذ من خلاله في شكلها الأصلي. وتوفر اللغة ـ مثلها مثل الأدوات التواصلية الأخرى ـ وسائل لردم هذه الهوة وذلك بتحويل الأفكار إلى وسيلة تمتلك المقدرة على الانتقال من جهاز عصبي مستقل إلى آخر غيره (Wilkinson, et al, 1974). لذا يعتبر البدء بالفهم الاستماعي في المراحل المبكرة من تعلم لغة منهجًا تدريسيٌّا قويـمًا لتعلم اللغات.

يمكن تعريف الوسيلة التواصلية بعدة طرق. ولأغراض هذه الدراسة البحثية فهي ناقل فيزيائي لمجموعات دلالية مجردة ذات معاني محددة. ويرتحل الناقل عبر الهواء بشكل جامد (أي الموجات الصوتية) ويوصل الرسائل المنتجة عن طريق مجموعات من الأصوات الجهرية والمهموسة إلى واحد أو أكثر من المشاركين في الكلام الذين يقومون بدورهم بمعالجة المعلومات المتلقاة عبر الأذن والتي توصلها إلى الدماغ والذي يقوم في وقت وجيز بفك شفرتها بطرق معقدة للغاية وعادة ما يتبع هذا الأمر استجابة شفهية موجهة إلى المرسل الأصلي والذي يصبح متلقٍّ للرسالة الجديدة التي قد تخدم أو لا تخدم أي أغراض تواصلية مفيدة اجتماعيٌّا أو ثقافيٌّا. لذا لا بد أن تكون الوسيلة التواصلية:

(أ) قابلة للمعالجة من قبل الأفراد الذين تأتي من عقولهم (أدمغتهم) الرسالة المراد توصيلها.

(ب)قابلة للفهم من الطرف المتلقي وذلك عبر وسيلة واحدة أو أكثر من حواس المتلقي.

بما أن القنوات المستخدمة في شتى أنواع التواصل الأساسي سواء أكانت بشرية أو حيوانية، تشمل كل وسائل الإدراك الحسية مثل: الصوت، البصر، والشم، وما شابه ذلك فإن للمرء أن يخمّن السبب الذي جعل من الصوت الوسيلة المستخدمة لنقل اللغة. وبإلقاء نظرة خاطفة على الأدبيات ذات الصلة يستطيع المرء أن يستخلص أن الجهاز السمعي المناسب لاستقبال الضجيج والصوت والذي يمكن بواسطته معالجة الصوت بشكل لطيف متوافر لكل الأسوياء من البشر. يظل عدد الأصوات المختلفة المتوفرة لنقل الرسائل صغيرًا للغاية مقارنة مع عدد وتعقد الأفكار المتنامية دومًا التي يستطيع الإنسان التواصل بها مع الآخرين.

من الواضح أن الصوت ـ من وجهة نظر عملية ـ يسمح ـ خلافًا للبصر ـ بالتواصل بغض النظر ما إذا كان المرسل والمتلقي على مرأى من بعضهما. وخلافًا لحاستي الشم والتذوق فإن السمع يتيح تنوعًا سريعًا ورائعًا في تدرجه مما يعتبر ضروريٌّا لنظام التواصل المعقد للغاية وخلافًا للمس وبعض استخدامات البصر الأخرى الشائعة فإن الصوت يعطي الحرية للأيدي لتفعل أشياء أخرى مع استمرار التواصل. ومن خلال مقدرة الأذن على اكتشاف الاتجاهات فإن الصوت يسمح للمتلقي أن يحدد (إلى درجة معينة) موقع المرسل.

إضافة إلى ذلك يمتلك البشر مقدرة خاصة على تذكر الصوت في ذاكرتهم قصيرة الأجل لفترة وجيزة بعد سماع الصوت ويستطيع السامع اختبار قدرته هذه بكل السهولة بملاحظة أن الكيفية التي قيل بها شيء تظل متاحة لثواني عديدة بينما أي شيء قد أبصر يختفي بمجرد زوال المحفز، ولم تنل هذه القدرة اللافتة للنظر رغم أهميتها في تعلم اللغات إلا قليلاً من الانتباه حتى يومنا هذا، غير أنها تمكن الإنسان من تذكر الأقوال اللسانية بشكل يسمح بمعالجتها ككل وليس كأجزاء متفرقة.

 

رد مع اقتباس