عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-12-2011, 08:44 PM
الصورة الرمزية زهرة الشمال
زهرة الشمال زهرة الشمال غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 110
افتراضي

 

نتائج الإعلام في العنف والسلوك العدواني:

إن ما يخلفه الإعلام من نواتج ودعاية لا يمكن وصفها تفصيلياً وبموضوعية محايدة بحيث تظهر الحرب وكأنها قمة الحضارة وبناء الإنسان الجديد وضمان لمستقبل الأجيال وتحقيق السيادة، فكأن في القتل حياة، وفي تدمير الشعوب بناءاً للحضارة، وتطويراً للإنسانية المواكبة للعصر، واستبدال السلام بالعنف والسلوك العدواني هو الضمان للمستقبل، يقول السيد الشيرازي: (إن للدعاية المزيفة طرقاً كثيرة، وقد كتبت في هذا الشأن كتب سخرت لها أقلام اجتماعية ونفسية وتربوية) ومن الأساليب التي يتبعها أصحاب الدعايات الباطلة:

1- استغلال مواضع العنف عند الإنسان.
2- استغلال ضعاف الشخصية لأجل قبول الدعاية، مثل النفوذ في المجتمع وعن طريقهم.
3- التأثير في المجتمع بسبب أقلام الأدباء.
4- تحري الجماعات لأجل نشر دعايتهم.
5- يكررون كلامهم حتى يؤثروا في السامع.
6- تحري الحق النصفي، أي ذكر بعض الحق، والسكوت عن البعض الآخر.
7- تأويل الحق باطلاً، أو الباطل حقاً.
8- خلط الباطل بالصحيح، حتى ينخدع السامع (2 :162).

وإن من نتائج الحرب وانعكاساتها على السلوك البشري، نشوء السلوك العدواني وتشكيل سلوك العنف الذي يتجسد بقوة كما تظهره وسائل الإعلام بشكل محوِّر، حيث قال الله سبحانه وتعالى: (يحرفون الكلم عن مواضعه) (النساء:46).

فنتائج الإعلام بعد انقشاع الرؤية الضبابية تتجسد في الواقع المدمر بشتى صوره المتمثلة في الأجساد الإنسانية والآلات على اختلافها وتنوعها، والأعضاء المبتورة والهياكل العظمية المتهاوية لبقايا باقية من جيف متهرئة مستغيثة ومنسية بالإضافة إلى بقايا الغبار الذري وكتل الباطون المنهار والمنشق على أوسع الأماكن والمرمي على قمامة الجماجم المتفحمة من الحريق والتلوث وحقد صانعي القنابل التي لا ترحم، وبقايا هياكل الحيوانات وصور الموائد والمدافئ والعراء والحدائق وهي تنهار أجزاء وقطعاً مع وقع ذكريات الحرب القذرة والجوع والخوف وصور القتل فهي مواضيع تمثل الموت وتحفل بصور أجساد الإنسان المبتورة والهياكل والجماجم والطبيعة الحزينة على الجرائم والقتل(5) وهذه الصور المنقولة في وسائل الإعلام وتأثيراتها على الإنسان إنما تجعله يقبل بها بمرور الزمن، لا سيما أن التأثيرات الموجهة نحوه منظمة، وليست عشوائية، وإنه هو المستهدف أولاً في الحرب ونتائجها، والإعلام ونتائجه، لذا فإن توجيهه نحو هدف ما يتم عن بعد ومن خلال المادة الإعلامية المبثوثة على آليات الإعلام المتعددة، وقد تم تخطيط ذلك من خلال:

- عامل الملائمة وانتقالية الجمهور الذاتية الموازنة، يجعل من المحتمل أن تنجح الحملات الإعلامية أعظم نجاح في تقرير الميول الحالية.
- يحتمل أن تكون الحملة التثقيفية أكثر نجاحاً من الحملة التي تهدف إلى تغيير المواقف.
- المتلقي ليس لديه مصادر منافسة للمعلومات ولا مصلحة شخصية في مقاومة أو عدم تصديق المعلومات.
- يغلب أن تكون الحملة التي تسمح بدرجة من الاستجابة الفورية في العمل فعالة لأن السلوك عموماً يؤكد النية في التصديق.
- يمكن أن يكون التكرار كأحد الروافد المحتملة للتأثير (6 :42).

إن هذه العوامل جميعاً مهمة في عملية التأثير المتعدد الجوانب على الفرد المتلقي وستكون فعالة حتماً، وإن الإعلام يكون قد حقق نتائجه المرجوة، وعلى الفرد أن يخضع لسلطانه حتماً!


● انعكاسات العنف والسلوك العدواني على المجتمع:
يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم: (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) (الحج:46) وقال النبي الأكرم(ص) : (إن من البيان سحراً ومن العلم جهلاً ومن القول عياً)، فالإعلام الموجه بكل وسائله المتاحة من إذاعة وتلفزيون وسينما وصحافة...الخ، يقلب الحقائق ويؤثر في الناس سلباً أو إيجاباً، ويغير اتجاههم نحو قضايا معينة، ويظهر أنواعاً مختلفة من الآراء حتى ليصور الحقائق بأنها خرافات أو العكس تماماً، وما عرضناه من آراء حول تكوين سلوك العنف والعدوان باعتباره سلوكاَ مقبولاً لا يرقى إليه الشك، وقد يتستر بشعارات العدالة الإنسانية أو الديمقراطية أو الدفاع عن حقوق بعض الشرائح الاجتماعية أو العمل لأجل سعادة البشرية وبالتالي قبول سلوك العنف استناداً لتلك الطروحات المدعمة بأدلة منطقية، والتي تأخذ الجانب الموضوعي في سياقها السطحي، وتستطيع أن تتوغل في عمق المجتمع؛ مما يكاد أن يحقق أهدافها المرسومة لتتحول بمرور الزمن إلى قيم اجتماعية مقبولة، فيكون انعكاس العنف والسلوك العدواني المهيأ له من قبل وسائل الدعاية والإعلام سلوكاً اجتماعياً مقبولاً، و يستدمج لدى أفراد المجتمع باعتباره مظهراً طبيعياً،ويتمثل ذلك من خلال:

أولاً: العدوان اللفظي: والذي يظهر عبر الإكثار من الأصوات العالية والضجيج والصياح الغاضب.
- الشتائم المتكررة.
- التهديد بالكلام والإشارات.

ثانياً: عدوان مباشر ضد الأشياء: ويتمثل في:
- ضرب الأبواب بعنف، وبعثرة الأشياء.
- إلقاء الأشياء ورميها بعنف، والكتابة العشوائية على الجدران.
- تكسير الأشياء ، وتهشيم النوافذ.
- إشعال الحرائق.

ثالثاً: عدوان ضد الآخرين: ويتمثل في:
- الاندفاع نحو الآخرين بشكل عدواني.
- ضرب الآخرين ونتف شعرهم.
- مهاجمة الآخرين ومحاولة جرحهم.
- الهجوم على الآخرين بشكل خطير يبلغ حد جرحهم بصورة خطرة (8 :222).

فسلوك العدوان والعنف والكراهية بين الناس بات محور التعامل مع أفراد المجتمع بسبب قوة تأثير الإعلام ووسائله الناجحة في البث والتأثير على عقل المتلقي، ولكن هذا السلوك لا يشكل حلاً أو دواءً وعلاجاً للمرض الاجتماعي، وإنما زاد من تفاقم التخلف الذي صاحبه العنف الملازم للسلوك، فضلاً عن أن سلوك العنف والعدوان لم يكن سلاحاً لتغيير سلوك آخر، وإنما عمق الفرقة والكراهية والتصدع في القيم الاجتماعية، فتعددت دوائر العنف والكراهية وزاد البغض بين أفراد المجتمع الواحد... حتى كاد الناس ينسخون قيمهم الأصلية التي توارثوها من آبائهم بقيم الكراهية والعنف والاحتيال والغش، وإذا ما تم التوصل إلى حلول تتناسب مع الأزمة وإمكانية تفتيتها، ظهر إعلام العنف مرة أخرى يلوح في الأفق ويؤكد على السلوك العدواني كأداة لحل المشكلات، ولكن بغلاف الكرامة والشهامة والنخوة وما أشبه ذلك، ولعل من أشد ما أفرزته هذه الحالة على المجتمع من صنوف الفجيعة، هو أن كل قبيلة من القبائل المتنافرة أو المتناحرة صارت تملك كل القناعة والجزم والتأكيد على أنها الوحيدة القادرة على الرؤية النافذة والرأي القويم، والتحليل الذي لا يخطئ في فصل العناصر وإيجاد الحلول (9 :134) ومن أمثلة تدني هذا الواقع هو سيطرة صاحب الرأي الذي لا يفقه بأمور الحياة وحل مشاكلها، ويرى أن رأيه هذا هو الأصح وغيره خطأ ومخالف لكل القوانين والقيم والأعراف الاجتماعية، وإن استخدام العنف والعدوان والقوة هو الأسلوب المناسب لحل المشكلات، ولا بديل آخر غير ذلك.

وقد قال الإمام علي (ع): (بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد) (7 :66) ولكن يبقى العنف والسلوك الإجرامي و العدواني سمة يتسم بها الإنسان عبر تاريخه الطويل ولو بفترات ربما صعبة في حياته أو إزاء أزمات وكوارث حقيقية يعيشها، ويلجأ إلى البحث عن أساليب تمنع فناءه وتحفظ بقاءه، وإن كان الرأي بأن أحد أسباب العنف والسلوك العدواني يكمن في نفس الإنسان فضلاً عن البيئة والأوضاع الفاسدة (10 :113).

 

رد مع اقتباس