في ختام دورة "مجلس الأسرة" .. د. مهند العزة:
نظرة المجتمع السلبية تهدد ذوي الإعاقة بالإقصاء
المرأة المعاقة غير منخرطةً في برامج الصحّة الإنجابية

كتبت - منال عباس
أكد د. مهند صلاح العزة الخبير القانوني في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أنّ نظرة المجتمع الرعائية أفرزت أثرًا قانونيًا وعمليًا ساهم بصورةٍ كبيرةٍ في نشأة واقعٍ تمييزيٍّ وإقصائيٍّ للأشخاص ذوي الإعاقة.
وأشار إلى أن هذا الواقع جعل ذوي الإعاقة في موضعٍ أقلّ ما يوصف به بأنّه طاردٌ لهم من دائرة العلاقات الاجتماعية بمعناها الواسع ، ورتّب عليهم التزامًا بأنْ يبذلوا أضعاف ما يبذله الآخرون من الجهد لإثبات وجودهم و"أهليتهم" للتعايش والتقارب مع نظرائهم.
جاء ذلك في ختام دورة "حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في تكوين الأسرة بين الاتفاقية والواقع" التي نظمها المجلس الأعلى لشؤون الأسرة على مدار يومين بهدف تدريب المشاركين فيها وتوعيتهم بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في تكوين أسرة، وتعريفهم بالتشريعات ذات الصلة ، والتعرف على مختلف المعوقات التي تحول دون حصول الأشخاص ذوي الإعاقة على ذلك الحق.
وقال د. العزة من خلال ورقة العمل التي قدمها في اليوم الثاني للدورة : إن التحوّل المنشود إلى النهج، القائم على الحقوق في المفاهيم والأسس التي يُنظر من خلالها إلى الأشخاص ذوي الإعاقة ، كان الباعث على سعي هؤلاء الأشخاص ومنظماتهم ومناصريهم إلى العمل بجدّ واجتهادٍ على مدار عقود من الزمن لصياغة اتّفاقيةٍ دوليةٍ مُلزمةٍ تُرسي مفاهيمَ جديدةً مبنيةً على مبادئ حقوق الإنسان وفي صدارتها مبادئ : عدم التمييز والدمج في مناحي الحياة كافةً والمساواة وتكافؤ الفرص وقبول الإعاقة بوصفها تنوعًا بشريًا طبيعيًا.
وأضاف: أثمرت هذه الجهود عن صدور اتّفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عام 2006 لتسارع معظم الدول العربية إلى المصادقة عليها إعلانًا منها عن التزامٍ واضحٍ بتبنّي كل ما جاء فيها مرجعية لرسم السياسات وسن التشريعات وتوجيه الممارسات على الصعيد الوطني.
وأشار إلى جملة الحواجز ومسبّباتها والتي تقف أمام ذوي الإعاقة وتتمثل في وجود حاجزٍ سلوكيٍ اجتماعيٍ يجعل الآخرين في حالةٍ دائمةٍ من التردّد وربما الإحجام عن مخالطة الأشخاص ذوي الإعاقة ومصادقتهم ؛ ووجود حاجزٍ ذاتيٍ من التردّد ارتفعت أركانه وانتصبت أوتاده واستقرت جذوره في ضمير الشخص ذي الإعاقة نتيجة ما وعاه وعايشه وما يُروى له من تجاربَ عن النظرة والتعامل "الفوقي" لدى البعض اتّجاه الأشخاص ذوي الإعاقة ، مع عدم إغفال أنّ العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة لم تُتح له فرصة اكتساب مهارات ووسائل كسر ذلك الحاجز وتبنّي الإقدام سياسةً ومنهجًا عوضًا عن النكول والإحجام ، فضلاً عن الاعتقاد بأنّ اهتمامات الأشخاص ذوي الإعاقة مختلفةٌ تمامًا عن اهتمامات غيرهم وأنّ إعاقتهم هي التي تبلور وتحدّد طبيعة تلك الاهتمامات وتوجّهها. هذا بالإضافة إلى وجود نهجٍ إعلاميٍ وتحديدًا في مجال الدراما التلفزيونية والإذاعية والسينمائية يكرّس صورًا نمطيةً عن كلّ إعاقةٍ بذاتها خصوصًا في مجال العلاقات الاجتماعية
وتناول د. العزة التأثير السلبي للوصمة الاجتماعية ، وقال : بالرغم منْ أنّ الوصمة الاجتماعية المتعلّقة بالإعاقة تفرز أثرها على مختلف مراحل العلاقات الاجتماعية وتكوين الأسرة ، إلّا أنّها تبدو أكثر أثرًا في مرحلة الزواج والإقدام عليه ، بحيث يظلّ الرجل أو المرأة في دوامة أنّه أو أنّها ستقترن بشخصٍ لديه إعاقةٌ ، وأنّ هذا قد يكون مجلبةً لسخرية أو تعاطف أو إشفاق الآخرين ، موضحاً أن هذه الحواجز تفضي إلى تكريس اعتقادٍ لدى الأشخاص ذوي الإعاقة والآخرين فحواه أنّ الحلّ الأمثل والعلاقة الأكمل إنّما تكمن في اقتران الأشخاص ذوي الإعاقة بعضهم دون أنْ يلتفت أحدٌ إلى أنّ أساس الاقتران والارتباط إنّما هو في مدى التوافق والتآلف النفسي والثقافي والفكري.
وأكد أن المجتمعات العربية تحتاج إلى تطوير برامجَ أسريةٍ إرشاديةٍ تتعلّق بأصول التربية ووسائلها ، حيث أنّ تربية الأطفال ليست قصصًا أو مجرّد تجارب يتناقلها جيلٌ عن جيل ، وأضاف أن مسألة الحمل والإنجاب والتعامل مع الصغير وتربية الأطفال تبدو أكثر تعقيدًا -من وجهة نظر البعض- حينما يتعلّق الأمر بوالديْن أو حتّى أحدهما من ذوي الإعاقة. فالمرأة ذات الإعاقة ليست منخرطةً في برامج الصحّة الإنجابية وبرامج الأمومة والطفولة ، ليس فقط لندرة هذه البرامج وحاجتها إلى تطوير من حيث الشكل والمضمون في العديد من البلدان ، ولكن لكون الترتيبات التيسيرية وإمكانية الوصول من العناصر الغائبة عن معظم هذه البرامج غير الدامجة ؛ الأمر الذي يؤدّي إلى إقصاء المرأة ذات الإعاقة عنها وعما تقدّمه من خدماتٍ إرشاديةٍ وصحيةٍ ، كما لا يبدو الأمر مختلفًا كثيرًا فيما يتعلّق ببرامج التدبير المنزلي التي اعتدنا تعلّمها من الأمهات والآباء ، فيندر أنْ تُصمّم للأشخاص ذوي الإعاقة برامجُ دامجةٌ ومهيّئةٌ في هذا الصدد ، مع الإقرار بوجود بعض المبادرات الإيجابية في بعض الدول، ولكنّها تظلّ في سياق المبادرات لا السياسات المعتمدة المستمرة. فالمرأة ذات الإعاقة تحتاج كغيرها إلى من يرشدها إلى أسلم الأوضاع للإرضاع وحمل الصغير بما يتواءم وطبيعة ودرجة الإعاقة وما يتوافر من ترتيباتٍ تيسيريةٍ .
وكذلك فإنّ الأبوين بحاجةٍ إلى اكتساب مهارات التواصل مع الصغير بما يحقّق له بيئةً مناسبةً تتيح له أنْ ينشأ نشأةً ملائمةً ومقبولةً. فعلى سبيل المثال ، يحتاج الأب أو الأم أو كلاهما من الأشخاص الصم إلى معرفة كيفية تعويد الصغير على التواصل معهما بلغة الإشارة مع ضمان تعلّمه للغة المنطوقة ، ويحتاج الأشخاص ذوو الإعاقة البصرية إلى تعلّم مهارات التواصل الجسدي والبصري مع الطفل وكيفية التعامل مع العوارض المرئية التي قد تشير إلى مرضٍ أو حاجةٍ ما ، والأمر نفسه بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية الذين يحتاجون للتدرّب على الأوضاع الجسدية الملائمة للتعامل مع الصغير بأريحيةٍ وأمانٍ.
وأضاف : هذه التدريبات والمهارات والمعارف تتطلّب بدورها توفير الكادر المؤهّل القادر على القيام بها ، وهذا الكادر يجب أنْ يكون مؤمنًا بثقافة التنوّع والنظرة الشمولية للإعاقة ، ونوه الدكتور العزة بالمعوقات في مجال الحقّ في تكوين الأسرة ، مشيراً إلى أن المنظور الطبّي الرعائي ترك أثره على معظم التشريعات الوطنية التي تنظم الأحوال الشخصية وشؤون الأسرة في البلدان العربية بحيث جاءت نصوص تلك التشريعات مضيقةً من تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بحقهم في الزواج وتكوين الأسرة
http://www.raya.com/news/pages/1151d...5-9e5d58ffe666
__________________
(( المسمى الجديد الآن هو الأشخاص ذوي الإعاقة وليس المعاقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة بناء على طلبهم في اجتماعات اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في نيويورك .. الرجاء نسيان المسميات السابقة كلها ))
والله أحبك يا قطر ** قدّ السما وقدّ البحر ** وقدّ الصحاري الشاسعة ** وقدّ حبات المطر ** والله أحبك يا قطر **