عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-12-2012, 02:55 PM
الصورة الرمزية معلم متقاعد
معلم متقاعد معلم متقاعد غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 1,190
افتراضي

 

وفيما يلي سوف نتناول بالإيضاح والتفصيل كل مقَوِّم من هذه المقومات.
المقوِّمالأول
في نطاق هذه المقومات عموما، ولكي يتملبرنامج التدخل المبكر تحقيق أقصى قدر ممكن من النجاح في مساعدة صغارالأطفال الصم على تنمية مهارات اللغة والتواصل في السنوات المبكرة منعمرهم فإن المختصين في إعداده وتصميمه (Streng et al.,1978) قد اقترحواعددا من الأُطُر والبدائل الاستراتيجية التي يمكن اللجوء إليها فيتقديمه وتنفيذه، والتي يمكن كذلك لكل ثقافة من الثقافات المختلفةالاختيار من بينها بما يلائم إمكاناتها وتطلعاتها ومنظوماتها الخاصة منالقيم الدينية والاجتماعية والثقافية والتربوية، إلى جانب تلاؤمها معما تتميز به من عادات وتقاليد إيجابية وبناءة.
وبداية فإن من بينالاستراتيجيات (الأُطُر) المقترحة التي يمكن اللجوء إليها في إرشادالوالدين إلى الطريقة المثلى التي يسلكونها في تعليم اللغة لصغارهمالصم وتدريبهم على التواصل بها الاستعانة في كل برنامج بمعلم شبيه فيإعداده وكفاءاته المهنية بالمعلم الجوال itinerant teacher، بحيثيمكننا أن نطلق عليه تجاوزا " المدرس الزائر" visiting teacher.
وقد تم بالفعل اللجوء إلى هذا الأسلوب (الإطار) الإرشادي التدريبيفي بلاد مثل بريطانيا، واسكندينيفيا، وكندا، واليابان، كما استخدم فيمناطق كثيرة من الولايات المتحدة الأمريكية (Oyer,1976). ولكن ــوللأسف ــ بعد مرور فترة من تطبيقه تبين للمسئولين أن تلك الزياراتالإرشادية التدريبية التي يقوم بها المدرس الزائر لكل منزل فيه طفل أصملم يُنظَر إليها باعتبارها أمراً عملياً أو واقعياً في كل الأحوال، إمابسبب النفقات الباهظة التي يتطلبها سفر (انتقال) هذا المدرس إلىالمنطقة التي يقيم فيها الطفل وصعوبة الوصول إلى منزله، أو بسبب قلةعدد الأطفال الصم في المنطقة التي خُصِّصت له لزيارتها، كما في المناطقالريفية النائية مثلا، أو بسبب رفض بعض الآباء تَطفُّل هذا المدرسالزائر واقتحامه ــ من وجهة نظرهم ــ خصوصياتهم وشئون حياتهم العائليةالخاصة.

وبالرغم من تلك الصعوبات المحتملة فإن المختصين يرونأنه لا ينبغي لمصممي هذه البرامج التخلي بسهولة عن اللجوء إلىاستراتيجية (إطار) " المدرس الزائر" في تقديم الخدمات الإرشاديةوالتدريبية للأطفال الصم وأولياء أمورهم في منازلهم، أو التخلي عنالاستفادة منها مهما كانت الصعوبات التي تعترضها، إذ قد أثبتت الزياراتالتي يقوم بها هذا المدرس فعاليةً كبيرةً في خدمة صغار الصم الذينيقطنون في المناطق الآهلة بالسكان، وبخاصة إذا توافر عدد من المدرسينوالمدرسات المدربين تدريباً جيداً على القيام بتلك الزيارات والعملالإرشادي مع أُسَر بالغي الصِّغَر من الأطفال الصم، أو من معلمات رياضالأطفال المتمتعات بقدر كبير من الخبرة والكفاءة في مجال إرشاد وتدريبأمهات هذه الفئة من الأطفال الصم.(Streng et al.,1978)
من جانب آخرفإنه إذا لم يكن ممكنا لهؤلاء الصغار ولا لأولياء أمورهم الاستفادة منالخدمات الإرشادية والتدريبية التي يتم تقديمها في إطار من استراتيجية " المدرس الزائر" لأي سبب من الأسباب المذكورة أعلاه فإنه يمكن لمصمميبرامج التدخل المبكر اللجوء إلى استراتيجية (إطار) أخرى بديلة يمكن أننطلق عليها " الوضع المنزلي المدرسي school-house setting" والتي تتمثلفي إنشاء وتهيئة مكان في مدرسة ما من مدارس رياض الأطفال (إن وُجِدت) أو في إحدى المدارس الابتدائية في منطقة ما من المناطق التي يقع عليهاالاختيار لخدمة أكبر عدد ممكن من أبنائها.
وينبغي لهذا الوضع (أوالإطار) أن يكون شبيهاً إلى حد كبير بالأوضاع المنزلية الواقعية التيتعيش في إطارها الأسر عموما، وبالببيئة المنزلية الحقيقية التي يعيشفيها الطفل الأصم من حيث جوِّه النفسي وترتيبه وأثاثه ونظام حياتهالروتيني، حيث يمكن لصغار الأطفال الصم وآبائهم معاً أن يتلَقَّواتدريبات وتعليمات وإرشادات خاصة بكيفية التواصل لتنمية مهارات الكلامواللغة، وبحيث يمَكّن الآباء والأمهات من تعميم الخبرات والمعارفوالمعلومات التي يكتسبونها في إطار هذا الوضع، ونقلها من مواقف الإرشادوالتدريب إلى بيوتهم الخاصة، حيث يقومون بتطبيقها وإدماجها فيتفاعلاتهم الواقعية واحتكاكاتهم اليومية التواصلية معأطفالهم(Simmons-Martin,1976).

كذلك فإنه يمكن للآباء والأمهاتالذين يرغبون في الانضمام إلى هذا البرنامج أن يصطحبوا أطفالهم معهمللقيام بزيارات أوّلية لمبنى المدرسة التي أنشئ فيها بهدف استطلاع مايجري فيه من خدمات، وطلباً للاسترشاد والتوجيه ممن يعملون فيه، على أنتكون مقرونة من جانب المدرسين العاملين في البرنامج بزيارات عَرَضيّةلمنازل هؤلاء الأطفال، حيث يقومون بها لاحقا بعد أن يطمئنوا إلى اقتناعأولياء أمورهم بالبرنامج، وبعد التأكد من نمو علاقة مليئة بالثقةالمتبادلة فيما بينهم.
وفي سبيل تشجيع الآباء على القيام من حينإلى آخر بزيارات منتظمة للبرنامج فإنه ينبغي أن تُهيَّأ لهم وسائلالانتقال إلى مقرِّه في المدرسة التي تقدمه، وأن تُخصَّص لهم فيها غرفاستضافة تكون تحت تصرفهم. وفي أثناء زيارات كهذه ينبغي أن يتلقى الآباءتوجيهات وإرشادات بشأن أطفالهم، وأن يتلقوا كذلك دروساً في لغة الإشارةوغيرها من وسائل التواصل البصري.
ولما كان من المحتمل أن ينضم إلىهذا البرنامج عدد غير قليل من الأطفال الصم الذين يأتون من أماكن نائيةأو متفرقة على مساحات كبيرة فإنه قد يتعين على بعضهم الالتحاق بالقسمالداخلي من البرنامج (إذا وُجِد). فإذا لم يكن ذلك متيسرا لأي سبب منالأسباب فإنه يتعين على القائمين على برامج التدخل المبكر أن يوفروالهم من وسائل الانتقال ما ينقلهم إلى المدرسة التي تقدم البرنامج ومنهاإلى بيوتهم. فإذا توجَّب على بعض الأطفال الالتحاق بالقسم الداخلي منالبرنامج فإن على معلميهم أن يتخذوا من الترتيبات ما يمكّنهم من القيامبزيارات عرضية لآبائهم، وأن يناقشوا معهم آراءهم حول ما يقدمه البرنامجمن خدمات، وما يحرزه أطفالهم من تقدم، وما هو متاح للأبوين من فرصالتعاون مع البرنامج في سبيل توفير أفضل الظروف والمناخات التي تساعدأطفالهم على النمو لغويا وتواصليا.
وبالرغم مما حققته استراتيجية " الوضع المنزلي المدرسي " من نجاح نتيجة لفعاليتها وتوفير ما يقضيهالمدرس الزائر من وقت طويل في السفر والانتقال إلى منازل هؤلاءالأطفال، فإن سترينج وزملاءهـا (Streng et al.,1978) يرون أن عددا غيرقليل من الآباء أو الأمهات قد لا يتمكنون من الاستفادة منه، نظرا إلىأن حجم بعض الأُسَر وظروفها الخاصة ومستوياتها الثقافية(التعليمية) والاقتصادية، بالإضافة إلى بعض العوامل والحواجز النفسية والمصادرالبيئية المحدودة قد تُحِدُّ من فعالية تلك الاستراتيجية والاستفادةمنها بالنسبة لبعض الآباء.

من جانب آخر فإن عدم وعي عدد غيرقليل من مجتمعاتنا العربية بأهمية برامج التدخل المبكر لتنمية مهاراتاللغة والتواصل في السنوات المبكرة من عمر الطفل الأصم، بالإضافة إلىما سوف يتطلبه هذا التدخل من جهود وتكاليف باهظة قد يؤدي إلى تقاعسكثير من المؤسسات التربوية والاجتماعية عن التفكير في إيجاد مثل هذاالنوع من برامج رعاية بالغي الصِّغَر من الأطفال الصم ( للحصول على شرحمفصَّل لأسباب هذا التقاعس انظر: الخطيب والحديدي،1998 ص 63ـ 73 ). وبالإضافة إلى ذلك فإن بعض هذه المجتمعات ــ متأثرة بنظرتها التقليديةإلى التربية عموما ــ لا زالت تعتبر انضمام أمهات الصغار الصم إلى هذاالبرنامج لتلقي الإرشاد والتوجيه والتدريب فيما يتعلق بدورهن في تنميةمهارات أطفالهن في اللغة والتواصل ــ لا زالت تعتبره ــ أمرا غريبا علىنُظُمنا وبرامجنا التربوية الخاصة، وبالتالي فإن تلك المؤسسات قدتستبعد إمكانية تحمُّس أُسَر هؤلاء الأطفال للانضمام إلى مثل هذهالبرامج والإقبال على المشاركة في نشاطاتها.
ومهما يكن من أمراقتناع المسئولين في تلك المؤسسات أو بعض أولياء الأمور بجدوى الخدماتالإرشادية والتدريبية التي يقدمها هذا البرنامج، ومهما كانت الصعوباتالتي قد تعترض سبيله، وأيًّا كان الإطار المادي (المكاني) المخصصلتقديم تلك الخدمات فإنه يتوجّب على العاملين فيه من معلمات ومعلمينوغيرهم أن يوفروا لمن يقبلون الانضمام إليه من الأطفال الصم وأولياءأمورهم جواً نفسياً شبيهاً إلى أقصى حد ممكن بالجو النفسي والمادي الذييجدونه في بيوتهم. وفي سبيل توفير مثل هذا الجو فإنه ينبغي استبعاد كلما يغلب عليه الطابع المدرسي من معدات وأدوات مدرسية وأشياء وموادوأجهزة لتحل محلها مواد وأشياء أخرى شبيهة بمعدات المنزل وأثاثهوترتيبه. ويمكن في هذا الصدد تشجيع من يرغب من الآباء والأمهات على أنيُحضِروا من منازلهم ما يمكنهم إحضاره (أو الاستغناء عنه) من أدواتوأشياء وألعاب بحيث يمكنهم استخدامها في الفترات المخصصة من البرنامجلتدريب أطفالهم. ولكن الأهم من ذلك كله هو أن يكون الجو النفسي الذييوجده العاملون في هذا البرنامج مؤكِّدا لأسلوب البيت وطريقته فيالتعامل بتلقائية والتواصل بشكل طبيعي مع أطفالهم الصغار الصم بدلاً منالتأكيد على الطريقة المدرسية التي تتميز بالسلطة والحزم والانضباط إلىغير ذلك من نُظُم وضوابط مدرسية لا تتلاءم مع هؤلاء الصغار في تلكالمرحلة المبكرة جدا من أعمارهم، ولا حتى مع أهاليهم وذويهم.

المقومالثاني
يتطلَّب الإسراع العاجل في مساعدةصغار الأطفال المعوقين سمعياً على تنمية مهارات اللغة والتواصل ضرورةتبصير آبائهم بأهمية التعرف المبكر على الفقدان السمعي لدى هؤلاءالصغار واكتشافه في وقت مبكر قبل أن تستفحل خطورة الآثار المترتبةعليه.
وفي أول مرة يلتقي فيها الآباء بالمختصين العاملين فيالبرنامج ينبغي إرشادهم وتوجيههم إلى أن الكشف المبكر عن إعاقة الطفلالأصم وتشخيصها ومعالجتها طبّيا ــ إن أمكن ــ يعدّ الخطوة الجوهريةالأولى لتهيئة أفضل الظروف الممكنة للتدخل المبكر لتنمية مهاراتهاللغوية والتواصلية.
إذ ينبغي إرشادهم إلى أن الطفل الوليد عندما لايستجيب للأصوات العالية ولا يبدي قدرة على الكلام في الوقت المناسب فإنمَن حولَه ينزعون عادة إلى استنتاج أن هنالك أمراً غير عادي يحدث معهذا الطفل. غير أن معظم الرُّضَّع من الأطفال الصم لا يكادون يقِلُّونعن أقرانهم من الأطفال العاديين في التنبه والاستجابة لآبائهم وأمهاتهموأشقّائهم، حيث تعوضهم حاستا البصر واللمس وأحاسيس ومشاعر أخرى عمايعانونه من عجز عن السمع، مما يعني أن الآباء والأمهات لا يكتشفونبسهولة أن أطفالهم يعانون من مشكلة في حاسة السمع (الدماطي،2005).
وحتى إذا عُرِض الطفل الرضيع على أرباب التشخيصالمختصين في قياس السمع واختباره فإنه من المحتمل ألا يدركوا أنه طفلأصم، لأنه يستخدم سائر حواسه ويستجيب للضوضاء المنبعثة من حولهباستجابات سلوكية لا تختلف عن سلوك أقرانه من الصغار العاديينالمتمتعين بسمع سليم.

كما ينبغي إرشاد أولياء الأمور إلى أنالصعوبات التي تعترض اكتشاف القدرة على السمع واختبارها لدى الرُّضَّعوصغار الأطفال ربما كانت أهم أسباب تأخر الكشف عما يعانونه من فقدانشديد لحاسة السمع. وقد يكون من المطمئن لبعض الآباء الذين يعبرون عنفشلهم في اكتشاف الصمم مبكرا لدى أبنائهم أن نخبرهم بأنه قد يحدثأحياناً ألا يُكتَشَف الصمم لدى الوليد الصغير إلا في وقت متأخر نسبيا،أي قبل أن يبلغ من العمر ثلاثة أو أربعة أعوام، وأن ذلك أمر محتمل حتىفي بلد مثل أمريكا التي تعتبر على درجة عالية من الخبرة والكفاءةوالمعرفة بإجراءات الكشف والتشخيص والعلاج المبكرة ( الدماطي،2005).
وليس من الأمور السهلة بأي حال من الأحوال أن يعيشالوالدان مع طفل أصم يوماً وراء يوم وهما يعلمان أن في الأمر شيئا دونأن يعرفا مضموناته أو ما ينبغي لهما فعله إزاءه. ونظرا لأن التشخيصالذي لا يعقبه علاج هو إجراء يتسم بالقسوة، فإنه ينبغي دائماً أن يقترنالاكتشاف والتشخيص المبكرَيْن للصمم بخدمات إرشادية للآباء، وتقديمإيضاحات عملية لهم تتعلق بما يمكنهم عمله من أجل أطفالهم (الخطيب،1998). كذلك فإنه ينبغي إرشادهم إلى ضرورة بذل كل جهد ممكن لاختزالالفترة الفاصلة بين اكتشاف فقدان السمع في الطفل والتحقق من أنه لنيبرأ ( يُشفى) منه من جانب والشروع في إلحاقه ببرنامج ملائم للتدخلالمبكر من جانب آخر.

المقومالثالث
ويشمل هذا المقوم إرشاد الآباءالمنضمين للبرنامج وتوجيههم إلى السبل الكفيلة بالتعامل بفعالية معأطفالهم المعوقين سمعيا، وإلى كيفية مساعدة أطفالهم من خلال البرنامجعلى تنمية مهاراتهم في اللغة والتواصل. و تجدر الإشارة في بداية الحديثعن هذا المقوم إلى أن أكثر من تسعين في المائة من الأطفال الصم يولدونلآباء وأمهات عاديين ممن ليست لديهم مسبقا أيَّة خبرة معرفية أو عمليةبالصمم وما يترتب عليه من آثار خطيرة في نمو أطفالهم وتنشئتهم. كما أنأول شيء يقال لهم عن صمم طفلهم لن يبرح ذاكرتهم أبداً. ومن هنا فإنه منالأهمية بمكان أن يكون لدى المرشدين النفسيين والمعلمين العاملين فيبرامج التدخل المبكر فهْم واع وبصيرة نافذة بالاحتياجات الخاصة بكل طفلوأسرته وبإمكانياتها وقدراتها. كما ينبغي لهم أن يتلافوا اتّبـاع نَهْجمُوحَّد في نصح الآباء وإرشادهم، ومن واجبهم كذلك أن ينظروا دائماً إلىإمكانيات كل أسرة وأن يؤكدوا على ضرورة أن يتخذ والدا الطفل الأصمموقفا إيجابيا من نموه وتطوره.
وفي لقاءاتهما الأولى بالعاملين فيالبرنامج فإن أول ما يتبادر إلى ذهن الوالدين بعد أن يتحققا من أنطفلهما أصم هو ما إذا كان سيتعلم الكلام أم لا. ولذلك فإن السؤال الأولالذي يطرحانه عادة هو " هل سيتكلم طفلي ؟ " ونظرا إلى أنه من الصعبدائماً أن نعرف كيف سيتم للطفل الأصم اكتساب مهارات الكلام فإنه ينبغيللعاملين في برامج التدخل المبكر أن يتوخُّوا جانب الحيطة والحذر منإعطاء جواب قاطع عن هذا السؤال، وأن يستعيضوا عن ذلك بتركيز اهنمامالوالدين على ما يمكنهما عمله من أجل مساعدة طفلهم على النمو نفسياولغويا وتواصليا واجتماعيا في المستقبل القريب.

وينبغي أنيُحاط الأبَوان علما بأن طفلهما الأصم يمكنه أن يحقق نمواً طبيعياً فيجميع الجوانب باستثناء التواصل باللغة المنطوقة (الكلام)، كما ينبغيإرشادهما إلى مايمكنهما القيام به استجابة لما يطرأ من تطور على قدراتالتخاطب (التواصل) لدى طفلهما. فالطفل بإمكانه أن يتعلم التخاطبوالتواصل، ولكن وسيلته إليهما يجب أن تتواءم مع حاسة البصر. ولذلكينبغي تعريف الآباء بمختلف وسائل التواصل البصري التي يمكنهم من خلالهاإعانة أطفالهم على تعلمها وتعلم المعينات اليدوية للكلام. كما أنه منالأهمية بمكان أن تُقدَّم لهم إيضاحات عملية لتلك الوسائل حتى تتاح لهمفرصة حقيقية لاختيار الطريقة والكيفية التي يتواصلون بها مع أطفالهمالصم.
وبالإضافة إلى ذلك فإنه ينبغي أن يُشَجَّع الآباء على التعاملمع أطفالهم على أساس من العلاقة الطبيعية التي تربط بينهم وبينأبنائهم. ذلك أن بعض الآباء ـ في غمرة حماسهم البالغ لتقديم ما يرونهمن جانبهم أفضل عون ممكن للطفل ـ قد يبادرون إلى تعليمه اللغة غافلينعن تلبية حاجته إلى التواصل التلقائي. فإذا لم يتم إرشاد الآباء إلىنهج التواصل الشامل ولغة الإشارة التي يمكنهم استخدامها في التعامل معصغارهم الصم فسوف يواجِهون في مستقبل حياة هؤلاء الصغار عديدا منالمشكلات في الاتصال بهم والتخاطب معهم.

كذلك فإنه ينبغيللقائمين على البرنامج تشجيع الآباء على البحث عن أطفال آخرين صم وكذلكعن راشدين صم ممن يقطنون في نفس الحي لكي يتيحوا لأبنائهم فرص التواصلمعهم والاحتكاك بهم. كذلك فإن اتصال الآباء بأُسَرٍ أخرى تضم بينأعضائها فردا أصم ــ أو أكثرمن فرد ــ من شأنه أن يُمَكِّنهم من تبادلالخبرات مع هذه الأسَر وتلقي مؤازرتهم الاجتماعية والوجدانية.
ولكيتحقق برامج التدخل المبكر(قبل المدرسية) أقصى قدر ممكن من النجاح فيتحقيق أهدافها، فإنه ينبغي للمعلمين أن يُطلِعوا الآباء في لقاءاتهمالأولى بهم على الخبرات والتجارب التي سوف يمرون بها هم وأطفالهم فيإطار هذه البرامج. ويُعدُّ التواصل الوثيق بين العاملين في برامجالتدخل المبكر وأسرة الطفل الأصم أمراً بالغ الأهمية لتهيئة ظروفتتضافر فيها الموارد الوجدانية للأسرة وفرص التعلم التي تتيحها تلكالبرامج للأطفال الصم (الشناوي،1998).
كذلك فإنه ينبغي توجيه اهتمامالوالدين إلى أن طفلهما قد يستسلم في بداية البرنامج للسلبية والانطواءإذا لم يكن قد صادف قبل انضمامه إليه أيَّة إيماءة أو لغة إشارة،وبالتالي فإنه ينبغي طمأنتهما إلى أنه لن يمضي على طفلهما في البرنامجسوى وقت قصيرحتى تُحدث وسائلُ التواصلِ البصريةُ الجديدةُ تغييراًجذرياً في سلوكه، فيبدأ التواصل معهما ومع غيرهما من الأطفال والكبارحيث يشرع في تنمية قدراته ومهاراته اللغوية والتواصلية .
وينبغيتنظيم الأنشطة التي يتضمنها أي برنامج للتدخل المبكر بحيث تلبياحتياجات صغار الأطفال الصم وتتلاءم مع خصائصهم، مع ضرورة التحقق من أنالبرنامج يتجاوز حدود مجرد الإشراف على الأطفال إلى تقديم ما يحفزهمإلى تعلم اللغة واكتساب مهاراتها عن طريق الألعاب والتواصل التلقائيبلغة الإشارة أو باللغة المنطوقة (الكلام)، إذ إن الأطفال الصم مهيّأونفي هذه السن المبكرة لاستقبال كافة طرق التواصل بما في ذلك الإيماءاتولغة الإشارة.

وفي نطاق هذا البرنامج ينبغي أن تتم معظمالتفاعلات والاحتكاكات التواصلية بين الأمهات وصغارهن الصم في إطارمطابق بأقصى قدر ممكن للأنشطة التواصلية الواقعية المشتركة التي تتمبينهم في المنزل. ومن هنا فإنه ينبغي لهذا البرنامج أن يقدم لأسرهموذويهم من الإرشاد والتوجيه ما يساعدهم على قهر الصعوبات التي تقفحائلا دون تواصلهم مع أطفالهم. وأفضل وسيلة إلى ذلك هي إرشاد الوالدينإلى القيام في المنزل بنشاطات تواصلية طبيعية مع طفلهما لمساعدته علىتنمية لغته، وذلك بصفتهما والدَيْن لا معلميْن(Streng et al., 1978).
ويوصي المختصون بألا يكون دور الآباء والأمهات في هذاالبرنامج التدريبي نسخة شبيهة بدور المعلمين العاملين فيه، والذينيستخدمون أنشطة ومواد ووسائل قد تكون غريبة نوعا ما عن البيئة المنزليةالطبعية أولا تَمُتُّ إليها بصلة. وقد يرجع السبب في التوصية بذلك إلىحرص هؤلاء المختصين على تجنيب الآباء خطر الوقوع في شراك الاعتقادالخاطئ بأن قيامهم بتدريب أطفالهم على التواصل في بيئة مدرسية لمدةساعة واحدة أو نصف ساعة يوميا هو الطريقة الوحيدة التي يمكنهم منخلالها مساعدة أطفالهم على اكتساب اللغة وتنمية مهاراتهم فيها. فعلىالنقيض من ذلك ينبغي تشجيع الآباء ( بل ومعاودة إرشادهم وتوجيههم منحين إلى آخر) على القيام باستمرار بممارسة أنشطة تواصلية طبيعية تستثيرفي أطفالهم تعلم اللغة والتواصل. وعلى الرغم من أن ذلك ينبغي أن يتم فيإطار بيئة مدرسية إلا أن تلك البيئة يجب تصميمها وتهيئتها وترتيبهاوتأثيثها بحيث تبدو في وضع أقرب ما يكون إلى بيئاتهم المنزليةالخاصة.


 

رد مع اقتباس