عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 07-22-2010, 03:17 PM
الصورة الرمزية معلم متقاعد
معلم متقاعد معلم متقاعد غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 1,190
افتراضي العسر القرائي كمفهوم مميز بخصائص ومؤشرات نوعية

 

المستوى الخاص: العسر القرائي كمفهوم مميز بخصائص ومؤشرات نوعية
في هذه الفقرة من المقال نتعرض لمفهوم العسر القرائي «الدسلكسيا» كصعوبة نوعية، ونفرق بينها وبين ما قد يظنه البعض عسرًا قرائيًا بالمفهوم الخاص ومن ذلك التأخر في القراءة أو التخلف فيها.
من خلال رصد الفروق بين فئة الأطفال ذوي الصعوبات النوعية في القراءة (الأطفال الديسلكسيين) والأطفال المتأخرين (المتخلفين في القراءة) نجد نتائج دراسة أجراها روتر ويل (& Rutter) على عينتين إحداهما تم تشخصيها على أنها تعاني صعوبات نوعية في القراءة،أما الثانية فقد تم تشخصيها على أنها تعاني تخلفًا عامًا في القراءة وقد كانت أهم هذه الفروق:
1- أن نسبة انتشار الصعوبات النوعية في القراءة بين الذكور إلى الإناث كانت 3.3 : 1 بينما كانت هذه النسبة بين الذكور والإناث في عينة المتأخرين 1 : 1 .
2- كانت نسبة شيوع الإعاقات النيرولوجية أو الخاصة بالنواحي العصبية بين المتأخرين في القراءة أكبر من نسبة شيوعها بين عينة الذين يعانون الصعوبات النوعية في القراءة وكانت هذه الإعاقات النيرولوجية تتمثل في الصرع والخَرَق وضعف الجانب الحركي.
3- كان التقدم في القراءة والتهجي أبطأ لدى عينة الأطفال الذين يعانون الصعوبات النوعية في القراءة مقارنة بالمتأخرين فيها وذلك خلال مدة المتابعة التي تراوحت بين 4 ــ 5 سنوات وإن بقيت نتائج بعض الدراسات ترفض هذه الفروق ولم تتوصل إليها.
ويذهب فيرث (Firth) 1996م إلى أن هناك رابطة سببية بين المخ والعقل والسلوك، والواجب أخذه في الاعتبار عند فهم الصعوبات النوعية في القراءة، ومن ثم فإنه يعد من المهم أن نبحث عن تفسيرات عند المستويات الثلاثة إذا أردنا فهم الصعوبات النوعية في القراءة، أولهما المستوى البيولوجي، وثانيهما المستوى المعرفي، وثالثهما المستوى السلوكي؛ وذلك إذا ما أردنا أن نفهم لماذا يبدي بعض الأفراد عجزًا غير متوقع في القدرة على أن يتعلموا القراءة، على أن يبقى من المهم الأخذ في الاعتبار العوامل البيئية وإسهامها في هذا الجانب.
وفي إطار التمييز النوعي بين ذوي الصعوبات النوعية في القراءة، والضعاف فيها أي حالات التأخر أو التخلف القرائي، فقد أشارت الدراسات إلى أن هناك فرقًا في موضع الإصابة، فيمكن أن يفرق بين الفئتين من ناحية السبب، حيث أظهرت نتائج البحوث أن الفئة الأولى تعاني وجود خلل وظيفي عصبي في دوائر القراءة بالنصف الأيسر الخلفي من المخ، بينما يندر وجودها لدى الأطفال الذين يعانون ضعفًا في القراءة. وأن هذا الخلل بالتحديد يخص النظم والأنساق الأمامية من المخ (anterior systems)، وبخاصة تلك التي في المناطق المحيطة حول التلافيف الجبهية السفلى (inferior frontal gyrus) وهي مناطق تعد متضمنة في عملية القراءة، وذلك كما هو مستنتج من التقارير الخاصة بالأفراد الذين يعانون عطبًا في المخ، وكذلك من واقع الدراسات التي قامت على تصوير وظائف المخ.
ومن هنا فإنه يجدر بنا التأكيد على العديد من النقاط ذات الأهمية التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار، وأن هناك العديد من الفروق بين حالات الدسلكسيا وحالات التأخر أو التخلف في القراءة رغم توحد الأفراد الديسلكسيين والأفراد المتأخرين أو المتخلفين في القراءة في انخفاض الأداء الوظيفي في القراءة، أو بلغة أخرى رغم أنهم يتفقون في انخفاض القدرة لديهم جميعًا على التحصيل الدراسي أو التحصيل في القراءة ومن هذه الفروق:
أ- أن الأفراد الديسلكسيين ينطبق عليهم محك التباعد بين التحصيل المتوقع والتحصيل الفعلي في القراءة، أو أي من مهاراتها الفرعية، بينما ليس بالضرورة أن ينطبق هذا المحك على فئة المتأخرين أو المتخلفين في القراءة، وأن عدم الأخذ في الاعتبار لهذا المحك عند الانتقاء والفرز سوف يجعل الأطفال الديسلكسيين من فئة المتأخرين أو المتخلفين أو الضعاف في القراءة.
ب- أن نسبة انتشار الدسلكسيا بين الذكور أكبر من نسبة انتشارها لدى الإناث من نفس العمر الزمني والذكاء والصف الدراسي، بينما مثل هذا الأمر لا يتحقق في حالات التأخر أو التخلف في القراءة.
ج- أن حالات الدسلكسيا ينطبق عليها محك التباعد الداخلي في رأي العديد من المهتمين بالمجال، بينما في حالات التأخر أو التخلف الدراسي لا ينطبق عليها محك التباعد الداخلي، ولا يعتبر هذا المحك من إجراءات وفنيات التعرف عليها.
د- أن أسباب الدسلكسيا داخلية جملة وتفصيلًا، ولا يعتد بأي سبب خارجي يقع خارج الطفل، إنما تعد الأسباب التي تقع خارج الطفل أسبابًا مساهمة وعوامل مساعدة في ترسيخ الدسلكسيا أو زيادة حدتها حالما يتم تجاهل علاجها، ولكنها لا تعد من أسباب الدسلكسيا على أي نحو من الأنحاء، وحالما يعتد بالأسباب الخارجية كأسباب الدسلكسيا فإن الأمر يستدعي إلغاء مجال صعوبات التعلم بعامة، والصعوبات النوعية التي يتضمنها هذا المفهوم بخاصة، كما أن اعتبار الدسلكسيا ترجع لأسباب خارجية يجعل منها مجالًا لا يختلف عن التأخر أو التخلف في القراءة بخاصة أو التأخر أو التخلف الدراسي بعامة.
وختامًا نخلص إلى أن القراءة التحليلية التي قمنا بها للمفهوم المركزي في الموضوع، ونعني به العسر القرائي، جعلنا نستخلص أن التدرج من الإطار العام إلى الإطار الخاص يعكس وجود التباس كبير تحيط بهذه الإشكاليات المفاهيمية، ومرد ذلك هو الترابط والتداخل الموجود بين ثلاثة مستويات الأول يتعلق بصعوبة التعلم عامة، والثاني بصعوبات التعلم النوعية والثالث بالعسر القرائي بأعراضه ومظاهره ومؤشراته وأسبابه التي تجعل منه مفهومًا قائمًا بذاته يتطلب مبادئ وأدوات خاصة للتشخيص والتتبع والتقويم والتدخل العلاجي.

المراجع:
-جاد البحيري. جافين ريد. الدسلكسيا: دليل المدرس وولي الأمر. دار العلم للنشر والتوزيع. 2006م .
-السيد عبدالحميد السيد. في صعوبات التعلم النوعية، الدسلكسيا رؤية نفس/عصبية. دار الفكر العربي. الطبعة الأولى. 2006م.
- دانيل هلالاهان وآخرون. صعوبات التعلم: مفهومها - طبيعتها - التعلم العلاجي. ترجمة عادل عبدالله محمد. دار الفكر. الطبعة الأولى. 2007م.
- السيد عبدالحميد السيد. صعوبات التعلم النمائية. عالم الكتب. الطبعة الأولى. 2008م.
- فتحي مصطفى الزيات. صعوبات التعلم الأسس النظرية والتشخيصية والعلاجية. سلسلة علم النفس المعرفي العدد 4. الطبعة الأولى. 1998م.
- عمر محمد الخطاب. مقاييس في صعوبات التعلم. مكتبة المجتمع العربي. الطبعة الأولى. 2006م.
- كيرك وكالفانت. صعوبات التعلم الأكاديمية والنمائية. ترجمة: زيدان السرطاوي وعبدالعزيز السرطاوي. مكتبة الصفحات الذهبية. 1984م.
- مريم سليم. علم النفس التربوي. دار النهضة العربية. الطبعة الأولى. 2004م.
-أسامة محمد البطاينة وآخرون. علم نفس الطفل غير العادي. دار المسيرة،الطبعة الأولى. 2007م.

 

رد مع اقتباس