منتدى أطفال الخليج ذوي الاحتياجات الخاصة - ماذا يحدث «طبياً» في الكويت

ماذا يحدث «طبياً» في الكويت

الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن محمد يوسف الطحان*

للأسف وصل إلى سمعنا ما قامت به الهيئات الطبية في الكويت من السماح بإجراء عملية توسيع الأوردة لدى مرضى التصلب المتعدد، وما رافق ذلك من حملة إعلامية واسعة لتغطية هذا الحدث الطبي "الإستثنائي"، وما تلاه من تفاعل المرضى وذويهم مع "الأمل" الجديد الذي وصلته لهم وسائل الإعلام بدون أي دراسة.. والذي لم يقتصر على المطالبة بالسفر لإجراء هذه العملية، بل وتعداه لاتهامنا هنا بالتقصير على عدم بدء شيء مماثل!
ان ما يحدث الآن من وجهة نظري كمتخصص في هذا المجال هو خطأ من العيار الكبير ارتكبها كل من ساهم في تسهيل هذه العملية وأركز أكثر على وسائل الاعلام التي كان لها الدور الأهم في تضخيم الموضوع وإيصاله بسرعة غير عادية لعدد كبير جداً من الناس.
عملية توسيع أوردة الرأس هي عملية ادعى الجراح الإيطالي باولو زا ميوني في عام 2008م أنها تشفي مرض التصلب المتعدد بتصحيح جريان الدم بأوردة الرأس، وقد كان لادعائه هذا صدى على مستوى عالمي، بل وقامت بعض المؤسسات الطبية المعروفة بمحاولة تكرار ما وصل إليه. وأحدها كان جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة الأمريكية حيث بدأت دراسة حول ذلك، إلا أنها أوقفتها منذ أشهر بسبب وفاة أحد المرضى الذين أجريت لهم العملية واحتياج مريض آخر لعملية إسعافية خطيرة.
ولاشك أن هناك بعض المراكز الطبية عالمياً تقوم حالياً بدراسة هذه النظرية والعلاج الذي اقترحه الجراح الإيطالي لها، إلا أن هذه العملية لا تزال تحت التجربة ولم يثبت علمياً فائدتها لمرضى التصلب المتعدد ولم تحدد تماما آثارها الجانبية بعد، وبالتالي لا يجوز (أخلاقياً) من الناحية الطبية إجراؤها لأي مريض إلا كجزء من دراسة متكاملة يوافق عليها المريض وعلى عواقبها.
إننا لا يمكن أن نلوم المرضى على الإطلاق على تعلقهم بأي أمل يلوح أمامهم خاصة إذا وصل لمسمعهم من أدوات إعلامية موثقة وبناء على توصية هيئات حكومية موثقة.
وليس أمامنا إلا أن نذكر من لهم علاقة بذلك بواجبهم الأخلاقي تجاه المرضى والمجتمع وعامة بألا يتسابقوا وراء الدعاية الطبية التي قد يكون وراءها دوافع لا تمت بصلة لمصلحة المرضى التي يجب أن تكون دوما المرجع الأساس للعاملين بهذا المجال بما فيهم الإعلاميون.

* استشاري طب الأعصاب
مستشفى الملك خالد الجامعي
http://www.alriyadh.com/2010/07/01/article539630.html