المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصعوبات التي تواجه تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية في دولة الإمارات العربية المتحدة (دراسة ميدانية)


الصحفي الطائر
03-25-2012, 08:18 PM
الصعوبات التي تواجه تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية في دولة الإمارات العربية المتحدة (دراسة ميدانية)

د. روحي عبدات

تعد عملية التأهيل المهني للأشخاص ذوي الإعاقة ضرورة ملحة واستكمالا أساسياً لعمليات التعليم والتدريب التي تلقوها فيما مضى، ليكتسبوا المهارات التدريبية اللازمة لحصولهم على فرص عمل ونجاحهم فيها، وتبدأ هذه العملية بتقييم قدرات الشخص المعاق لتحديد جوانب القوة والضعف واستثمار القدرات المتوفرة لديه في عملية التدريب، ومن ثم توجيهه نحو المهنة التي تناسب قدراته ومؤهلاته وميوله، وتعتمد عملية التأهيل المهني في مراحلها التدريبية على تفريد التدريب الذي يتم من خلاله مراعاة قدرات المعاق، وما لديه من سمات شخصية، حيث توضع الأهداف التدريبية بما ينسجم مع هذه القدرات.

وبعد تلقي المعاق للبرامج التدريبية اللازمة، فلا بد من البحث له عن فرصة عمل، حيث يعتبر التشغيل هو الهدف الأسمى والناتج النهائي من أي برنامج للتأهيل المهني، وإعادة دخوله في الحياة الاقتصادية التي تتناسب مع قدراته المتبقية واستخدام مهاراته أفضل استخدام، لذلك يمثل التشغيل بالنسبة للمعاق قمة العملية التأهيلية ومحصلتها لما يساعده في تحقيق ذاته ونموه النفسي والاجتماعي السليم، وكسب دخل يضمن له مستوى معيناً من المعيشة، والمساهمة في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية لبلده، إضافة لما يحققه التشغيل من ادماج له في مختلف مناحي الحياة ( الزعمط، 1992).

وتصل مستويات البطالة لدى الأشخاص المعاقين إلى مستويات أعلى من غيرهم، حيث تصل في بعض الأحيان إلى 58% Weihe & Stanford, 1997) ) وبالاشارة إلى واقع حال تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة في عالمنا العربي، نلاحظ أن الغالبية العظمى من الأشخاص المعوقين تعاني من البطالة لأسباب مختلفة

وقد لخص (السقا، 2004) أهم المعوقات التي تواجه تأهيل وتشغيل المعاقين في عالمنا العربي بما يلي:

من الناحية الفنية فإن البرامج التأهيلية والتدريببية المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة، ليست معتمدة على مجموعة محاور بعيدة المدى، والتي من أهمها القدرة على استقراء المستقبل في تحديد الحاجات التدريبية والوظائف المتاحة، و ضمان رغبة المتدرب في الاستمرار.

إضافة إلى حاجة المعاق أثناء عملية التدريب إلى بيئة مشابهة لبيئة العمل الحقيقية، في حين لا يمكن الاعتماد على تدريبهم على رأس العمل لظروف اجتماعية ومهنية خاصة.

ومن أجل التعرف على المشكلات والعقبات التي تعيق تشغيل المعاقين ودمجهم في بيئة العمل، ولنقص الدراسات في الإمارات العربية المتحدة المتعلقة بهذا المجال فقد أجريت هذه الدراسة، حتى تتمكن المؤسسات التي تقدم برامج التأهيل المهني والتشغيل من أخذ هذه المشكلات بعين الاعتبار ومحاولة التغلب عليها، إضافة إلى أن الكشف عن هذه المشكلات سيساعد في تعريف الجهات المعنية في الدوله بها وتقديم التوصيات اللازمة للمساهمة بحلها.

أهداف الدراسة:

سعت هذه الدراسة إلى تحقيق الأهداف التالية:-

التعرف إلى الصعوبات التي تواجه تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية.

التعرف على وجهات نظر كل من أولياء أمور المعاقين ذهنياً الملتحقين بأقسام التأهيل المهني، والمدربين المهنيين.

تقديم مجموعة من الحلول المقترحة من قبل أولياء الأمور المدربين المهنيين، للتغلب على المشكلات التي تواجه تشغيل وتشغيل المعاقين.

منهج الدراسة: اتبعت هذه الدراسة المنهج الوصفي الميداني لملاءمته لأغراض الدراسة.

مجتمع الدراسة وعينتها:

أولاً: المدربون المهنيون:

تم توزيع أداة الدراسة على المدربين المهنييين العاملين في أقسام التاهيل المهني الخاصة بذوي الإعاقة الذهنية في دولة الإمارات العربية المتحدة، والبالغ عددهم (52) مدرب ومعلم يقومون بتدريب وتعليم طلاب الإعاقة الذهنية على المهارات المهنية والأكاديمية الأساسية، وقد استجاب منهم (41) مدرب ومعلم أي ما نسبته (78.8%) من المجتمع الكلي.

ثانياً: عينة أولياء الأمور:

تم توزيع الإستبانات على عينة عشوائية من أولياء أمور الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، الملتحق أبناؤهم بأقسام التأهيل المهني في الإمارات العربية المتحدة، حيث بلغ العدد الإجمالي لمجتمع الدراسة (291) طالب بحيث يقوم بتعبئة الاستبانة ولي أمر واحد عن كل طالب، حيث تم تطبيق أداة الدراسة على عينة عشوائية منهم عددها (122) ولي أمر، أي ما نسبته (41.9%) من عينة الدراسة.

أداة الدراسة:

وهي عبارة عن استبانة تكونت من (41) فقرة موزعة على ستة أنواع من الصعوبات التي تواجه تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية تم عرضها على مجموعة من المحكمين وتم التوصل إلى صدقها وثباتها.

الصعوبات التي تواجه تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة:

من خلال الأدب النظري والدراسات السابقة، يمكن تلخيص أهم الصعوبات التي تواجه تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل عام، والأشخاص المعاقين ذهنياً على وجه خاص بما يلي:

عدم تلقي التعليم الكافي:

فقد يحرم الأطفال في المناطق النائية من التعليم النظامي، وهذا الحرمان يزداد عند المعاقين، وكذلك فإن بعض الشهادات الممنوحة لذوي الاحتياجات الخاصة لا يتم الاعتراف بها من قبل الجهات الرسمية نظراً لأنه تم تعديل المناهج المقدمة لهم لتتناسب مع قدراتهم، وعدم مواكبة ذوي الاحتياجات الخاصة لمتطلبات الوظيفة الأساسية والنمو المهني خاصة بما يتعلق باللغات واستخدام برامج الكمبيوتر.

الافتقار للمهارات التدريبية:

حيث يتدرب المعاقون على أعمال وحرف يدوية قد لا تنسجم مع متطلبات سوق العمل، وبالتالي يضطرون إلى قبول أي أعمال روتينية تقليدية تعرض عليهم فيما بعد نتيجة لعدم تأهيلهم وتدريبهم الكافي.

نظرة أصحاب العمل:

عدم قناعة أصحاب العمل بقدرات ذوي الاحتياجات الخاصة، والنظر لهم بعدم القدرة على الانتاجية كغيرهم، وكثرة وقوعهم بالأخطاء، دون محاولة إعطائهم الفرصة لاثبات ذاتهم في سوق العمل.

عدم وجود تعديلات في بيئة العمل:

وهذا يتطلب تعديل الأدوات المساعدة، وتعديل بيئة العمل من منحدرات ومصاعد وفراغات داخلية ومرافق صحية، وتعديل الارتفاعات، والأجهزة والماكنات لتتناسب مع قدرات وامكانيات المعاق.

تدني الأجور:

غالباً ما يتم التمييز بين رواتب ذوي الاحتياجات الخاصة والعاديين، وقلة الأمان الوظيفي حيث يكونون معرضون لفقدان أعمالهم أكثر من غيرهم، وبعضهم يعملون بدون عقود عمل.

المنافسة في سوق العمل:

حيث أن عدم تدريب ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل كافي يخلق نوعاً من المنافسة بينهم وبين العمالة المدربة ذات الكفاءة العالية، إضافة إلى إدخال عناصر التكنولوجية في العمل، وإحلال الآلة والأجهزة محل الأعمال البسيطة التي كان يمتهنها المعاقون، وبالتالي اختفاء الأعمال المتاحة.

معارضة أولياء الأمور:

يتحفظ بعض أولياء الأمو رعلى الأعمال التي تقدمها مؤسسات التأهيل والتشغيل لأبنائهم خاصة ذوي الاعاقة الذهنية، خوفاً عليهم من التعرض لإستغلال وسوء المعاملة، إضافة إلى رفض البعض من هم أيضاً للأعمال الدونية البسيطة التي لا تتناسب مع مستوى المعاق الاجتماعي، إضافة إلى التحفظات من تشغيل المرأة خوفاً من تعرضها للإستغلال أيضاُ والحماية الزائدة تجاهها.

نتائج الدراسة:

من الملاحظ التباين البسيط في وجهات النظر بين المدربين وأولياء الأمور حول الصعوبات التي تواجه المعاقين ذهنياً في عملية التشغيل، وهذه التباينات على النحو التالي:

في الوقت الذي يرى فيه أولياء الأمور أن تخوفهم من قطع مخصصات الضمان الاجتماعي يشكل صعوبة بسيطة أمام عملية التشغيل، إلا أن المدربين يرون أن هذا العامل يشكل صعوبة بشكل متوسط أمام تشغيل المعاقين ذهنياً.

يرى أولياء الأمور أن معارضتهم لتشغيل الإناث المعاقات ذهنياً تشكل صعوبة بسيطة أمام تشغيل المعاقين ذهنياً، إلا أن المدربين يرون أن هذا العامل يشكل صعوبة بدرجة متوسطة.

يرى أولياء الأمور أن مستوى تعاونهم في عملية التدريب المهني تشكل صعوبة بمستوى متوسط أمام تشغيل المعاقين ذهنياً، فيما يرى المدربون المهنيون أن مستوى تعاون أولياء الأمور ليس كافياً في مرحلة التأهيل المهني والتدريب وبالتالي يشكل صعوبة أمام تشغيل أبنائهم بمستوى متوسط.

- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين استجابات المدربين وأولياء الأمور في الصعوبات التي تواجه تشغيل المعاقين ذهنياً في دولة الإمارات، سواء على الدرجة الكلية أو في جميع أبعاد الاستبانة، حيث ظهرت الصعوبات بمستوى بسيط من وجهة نظر كل من أولياء الأمور والمدربين المهنيين

- لقد ظهر أعلى متوسط حسابي للصعوبات في مجال صعوبات بيئة العمل من وجهة نظر ولي الأمر (3.56) الأمر الذي يعبر عن عدم رضاً أولياء الأمور عن تهيئة بيئة العمل لتناسب المعاقين ذهنياً، وتخوفهم من عناصر الأمان والسلامة المهنية، وعدم ملاءمة بعض الأعمال لأبنائهم، فيما ظهر المتوسط الحسابي لمجال صعوبات عملية التدريب من وجهة نظر المدربين المهنيين كأدنى متوسط حسابي (2.93)، الأمر الذي يدل على أن المدربين المهنيين لا يرون في عملية التدريب والتأهيل المهني على أنها تشكل عائقاً أمام توظيف المعاقين ذهنياً، من حيث ملاءمة التدريب لسوق العمل، أو سير عمل عملية التدريب وفق منهج منظم واضح المعالم يأخذ بعين الاعتبار قدرات المعاقين وميولهم والفروق الفردية بينهم.

التوصيات:

في ضوء أهداف الدراسة ونتائجها فإننا نوصي بما يلي:

زيادة الوعي المجتمعي بذوي الإعاقة الذهنية، والتركيز على القدرات، ومحو الاتجاهات السلبية السائدة عنهم.

تعديل بيئة العمل والتأكد من تهيئتها الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، والتأكد من عناصر السلامة المهنية

تطوير برامج التدريب المهني للمعاقين ذهنياً التي تتلائم مع متطلبات سوق العمل، والانتقال إلى برامج التوظيف المدعوم التي توفر المساندة للمعاق في بيئة العمل، والارشادات لصاحب العمل والزملاء.

التواصل مع أصحاب العمل وتشجيعهم على تشغيل المعاقين وإقناعهم بقدراتهم، وإعطاء المعاق فرصة لإثبات الذات.

تعديل اتجاهات الوالدين نحو عمل أبنائهم ، وعدم التعامل مع الأمر بحماية زائدة، وزيادة تواصلهم مع أصحاب العمل وبيئة العمل للتأكد من السلامة المهنية والبيئة الآمنة للمعاق أثناء العمل.

الاهتمام ببرامج التدريب ما قبل المهني للمعاقين ذهنياً، والتدريب الصيفي والتدريب التطوعي في المؤسسات، لما لها من دور في تهيئة المعاق للدخول في بيئة التدريب المهني وبيئة العمل الفعلية ولما تعطيه من فرصة لإثبات ذاته.

توفير المتابعة أثناء فترة التشغيل للتأكد من مدى تكيف المعاق مع بيئة العمل وتأقلمه، ومساعدته في حل المشكلات التي تعترض نموه المهني وحفاظه على العمل.