المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أنقذوا طفلة حائل !!


فوزيه الخليوي
07-21-2008, 12:42 AM
أنقذوا طفلة حائل
نشرت العربية.نت في 11 يوليو من هذا العام خبر استعداد عجوز ستيني في حائل للزواج من طفلة عمرها لا يتجاوز العشر سنوات. وقد نشرت الصحف أن العجوز والطفلة أنهيا فحوصات الزواج ولم يتبقَ إلا عقد القران الذي يبدو أنه وفق تقاليد المنطقة يحصل في نفس يوم الزفاف.
وفي الحقيقة هذا ليس هو الخبر الأول الذي نسمعه عن زيجات الأطفال في هذه المنطقة بالذات؛ فقبل فترة "احتفلت" حائل بزواج أصغر عروسين في العالم، وأتوقع أن هناك من القصص المماثلة التي قد لا تجد طريقها للإعلام يكتوي بنارها الكثير من الأطفال. بالتأكيد يمكن القول إن هذه الأمور قد تحدث في مناطق وقرى أخرى ولكن تكرر الظاهرة في حائل يعني أن هناك مشكلة تحتاج إلى معالجة ثقافية واعية وسريعة.
وقد نشرت صحيفة "شمس" السعودية غضب الكثير من أهالي حائل من هذه الزيجات التي وصفوها بزيجات "البيع"، وهي بلاشك تضر بسمعة المنطقة وأهلها عند من لا يعرفهم، وقد طالب الكثيرون جهات حكومية وأهلية بالتدخل لمنع مثل هذه الزيجات بمثل ما منع زواج الأطفال من قبل.
ويمكن القول إن هذه الزيجات لا تضر فقط بسمعة منطقة بعينها، بل بسمعة دولة وثقافة ودين، وهي كلها ضرر لا يقبل التبرير، فهذه الطفلة سوف تصدم بحياة زوجية مبكرة جدا، وهي بهذا العمر الصغير تحتاج إلى مربية ترعاها فهي ماتزال طفلة لا تعرف مصلحتها وقد تؤذي نفسها فما بالكم أن يكون لديها بيت وزوج ومسؤوليات؟! أعتقد أن الأمر يحتاج إلى تدخل فوري من السلطات ومعالجته على جميع المستويات. فهذه الطفلة عوضا عن قذفها إلى حياة أكبر بكثير من قدراتها العقلية والجسدية والتي بلاشك لن تستطيع تحملها فإنها ستعيش عذابا وظلما كونها ستمارس حياة جنسية تغتصب طفولتها وتحولها بين ليلة وضحاها من طفل بريء إلى شيء آخر مختلف، فهي ستتعرف على الجنس مبكرا وبطريقة تجعلها تكره نفسها والعالم بأسره.
وعند مقارنة هذا النوع من الزيجات بالاعتداء على الأطفال pedophilia فإن الدراسات التي أجريت على الضحايا الأطفال تبين أنهم لا يتكلمون عن الخبرة الجنسية مع أحد لأنهم بطبيعة الحال يجدون أنفسهم يعيشون بمشاعر غريبة عليهم ربما تعجبهم لفترة وكأنهم يكتشفون لعبة جديدة لا يريدون أن يخبروا بها أحدا، ولكن مع مرور الزمن ومع تقدمهم في العمر ونضجهم العقلي والجسدي فإنهم يتحولون إلى أشخاص عاطلين عن العطاء الكامل كونهم يعانون من اعتلال نفسي بسبب اتضاح الأمر بأنهم قد تم استغلالهم وبأبشع طريقة.
يذكر أن هناك دراسات عديدة ركزت على الحال النفسي والجسدي للأطفال والمراهقين الذين مارسوا أو يمارسون الجنس في سن مبكرة سواء أكان ذلك عن طريق علاقة زوجية خصوصا في بعض الجماعات الدينية أو بين الأصدقاء؛ وقد أجمع معظمها على خطورة ذلك من الناحية الصحية وكذلك الاجتماعية والنفسية. فقد نشرت صحيفة النييورك تايمز مقالا بعنوان new findings add nuance to discussion of early sex يتكلم عن دراسة علمية قامت بها الدكتورة "آن ميير" وهي باحثة في علم الاجتماع في جامعة ميناسوتا، وقد قامت الدكتورة ميير بدراسة ميدانية طولية لعدد 8.563 مراهقاً ومراهقة وقد تبين أن الفتيات اللاتي تعرضن لخبرة جنسية مبكرة هن أكثر عرضة للأمراض النفسية مثل الاكتئاب المزمن. وقد كانت أعمار الفتيات اللاتي شملتهن الدراسة ما بين 15 و17 سنة.
وربما يستغرب القارئ العربي المبرمج ثقافيا على تقبل مثل هذه الأمور كيف يمكن لفتاة بهذا العمر أن تشعر بهذه المشاعر. ولكن تقبل الثقافة العربية لهذه الممارسة لا يعني أنه مفيد أو على أقل تقدير بلا أضرار. وعلى أي حال إن كانت الفتيات يعانين من أمراض نفسية بعد الجنس المبكر بهذا العمر، فماذا نتوقع من طفلة صغيرة تمارس الجنس مع عجوز ربما أكبر من والدها؟!
إن ضرر الجنس المبكر يتعدى الضرر النفسي إلى الجسدي، حيث إنه من المعروف طبيا أن المرأة التي تمارس الجنس مبكرا تتساوى مع المرأة التي مارست الجنس مع رفقاء كثر في كونها الأكثر عرضة من غيرها لسرطان عنق الرحم. وعوضا عن أن المرأة التي لم تصل مرحلة البلوغ بحلول الدورة الشهرية هي ماتزال غير ناضجة جنسيا، بل وحتى بعد سنة كاملة بعد البلوغ فهي في الغالب غير قادرة على الحمل بدلالة واضحة هي أن الجسد مايزال ينمو وينضج جنسيا وغير مستعد لاستضافة جنين والعناية به بعد.
علاوة على ذلك، فهذه الزيجات لها أخطار اجتماعية كثيرة تخل ببنية المجتمع؛ فهذه الطفلة قد لا تريد شيئا الآن، ولكن بعد عشر سنوات ستكون شابة بمتطلبات نفسية وجسدية لا يمكن أن يفي بها هذا العجوز الذي لا يقدر أن يفي باحتياجات امرأة حتى وهو بعمره الحالي حتى لو ادعى غير ذلك، فما بالكم بعد عشر سنوات أو تزيد؟ وقد بدأنا نسمع عن قصص زوجات العجائز الشابات وما يقمن به من أمور خارجة عن السلوك الأخلاقي السليم بعد أن يشعرن بالغبن وهن يرين الفتيات اللاتي بعمرهن وهن متزوجات من شباب ويعشن معهم حياة مغرية من الرومانسية والدلع، لأن هذا الشاب قادر على أن يفهمها ويتكلم معها لغة وعواطف تفهمها ويعرف ثقافة جيلها ورغباتها ويساعدها على الحياة وعلى تربية الأطفال ويكون لها خير سند وأفضل صديق وحبيب، بينما زوجة العجوز لا تعرف عن هذه الحياة شيئا وهي مشغولة بممارسة دور الممرضة لزوجها الذي أعيته حبوب الفياجرا!
وقد نشرت مجلة ScienceDaily المعنية بنشر آخر الأبحاث العلمية في 7 مارس 2007 دراسة عن أضرار الجنس المبكر، فبعد دراسة وضع 7000 مراهق ومراهقة كانت لهم خبرة جنسية مبكرة تبين أن الجنس المبكر يزيد نسبة الانحراف السلوكي بمعدل 20% مقارنة بغيرهم بعد سنة واحدة من العلاقة الجنسية، بينما كان الانحراف السلوكي عند المراهقين الذين لم يمارسوا الجنس في أعمار صغيرة أقل من الفئة الأولى بمعدل 50%. وقد ذكرت الباحثة "ستيسي أممور" أن الجنس بحد ذاته ليس المسبب الحقيقي للانحراف ولكن العامل النفسي المصاحب للجنس وكون صديقات الفتاة مازلن أطفالا لم يتعرفن على الجنس يجعل من هذه الفتاة تعيش تحت ضغط نفسي كبير تظهر أعراضه لاحقا. وقد ذكرت الباحثة المشاركة "دينا هايني" أن الدراسة التي قامت بها مع الدكتورة آممور تبين أهمية منع المراهقين حينما يأتي الأمر للجنس إلى جانب ضرورة توعيتهم بعواقب ما يقومون به من الناحية النفسية والسلوكية والاجتماعية.
والحقيقة أن هذه الدراسة التي تركز على العلاقة غير الشرعية بين صديق وصديقة يمكن الاستفادة من نتائجها عند تطبيقها على الطفلات اللاتي يجبرن على ممارسة الجنس تحت غطاء الزواج. فالعلاقة الزوجية مع طفلة ليس فيها أي استقرار لأن الزواج والدخول في علاقة مع رجل غريب يعتبر بحد ذاته تجربة مخيفة لعدد من البالغات، فكيف الأمر بطفلة قاصرة؟
تحكي إحدى الفتيات أنها حينما كانت طفلة في المرحلة الابتدائية كانت تسمع بقصص زواج أطفال بعمرها وأكبر، وهناك من زميلاتها من تزوجن بالفعل. وقد كان هذا الأمر يجعلها تشعر برعب حقيقي وهلع لا مثيل له كلما تكلم أحد عن الزواج في حضرتها. كانت تشرح حالتها النفسية المضطربة وتقول إنها ذات مرة كانت تسير بقرب غرفة الضيوف وسمعت جدها يتكلم مع أمها بخصوص تزويجها وقد كانت وقتها في الصف الخامس الابتدائي، وحينها شهقت وكادت تغص بريقها وشعرت ببرودة تغزو أطرافها وبدأت بالتعرق واحمر وجهها حتى اعتقدت أنه احترق بالفعل وبدأ جسدها بالارتعاش فوق ما كان يمكن أن تسيطر عليه ثم هربت بسرعة البرق نحو الطابق العلوي بعيدا عن جدها الذي صارت تتحاشى السلام عليه أو الاقتراب منه، وماتزال تحتفظ بتلك الذكرى التي تنغص عليها صفو حياتها رغم أنها تزوجت من سنوات وتعيش حياة هانئة.
ومن المهم أن نفهم أن تساهل المجتمع السعودي بأخبار زواج الرجال العجائز بالطفلات القاصرات هو بسبب ما يروى عن زواج الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالسيدة عائشة رضي الله عنها وهي في سن صغيرة، ورغم أن السعوديين بشكل عام يقبلون ذلك بشكل تام إلا أن الأمر موضع جدل عند بعض علماء المسلمين ممن يرون أن السيدة عائشة عليها السلام كانت في الحقيقة أكبر عمرا بكثير مما روي عنها، وذلك وفق تحليلات منطقية بأدلة ثابتة، وحتى إن سلمنا أن السيدة عائشة كانت بالفعل ابنة عشر سنوات حينما عاشت مع الرسول حياة زوجية كاملة؛ فإنه لا يمكن المقارنة بذلك لأن زمننا وظروفنا ونفسياتنا وحال ثقافتنا وحاجاتنا ليست على حالها من ألف عام أو يزيد.
وأخيرا فإني أناشد جمعية حقوق الإنسان وغيرها من الجهات القانونية في حائل وفي غيرها أن تقف ضد هذه الزيجة قبل وقوعها خصوصا أن أهل الفتاة من الواضح أنهم لم يرحموا ابنتهم ولم يثمنوها بقيمة إنسانية تستحقها.

* كاتبة سعودية
جريدة الوطن