المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القدوة وبناء الأجيال الصالحة


معلم متقاعد
02-01-2010, 12:44 AM
القدوة وبناء الأجيال الصالحة

دكتور/ وحيد حامد عبد الرشيد

خير ما أبدء به كلامي قول الله تعالى : \"قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ\" [يوسف:108]، وقال تعالى: \"لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً\" [الأحزاب:21]
عزيزي القارئ ترى ماذا تدعونا تلك الآيات الكريمة ؟ إنها تدعونا إلى القدوة الصالحة في كل شيء ، في القول والعمل ، وهذا موضوع حديثي اليوم .

القدوة في اللغة:
القدوة هي الاسم من الاقتداء، وكلاهما مأخوذ من مادة (ق د و) التي تدل على اقتباس بالشيء واهتداء، والقدوة بالكسر:الأسوة، يقال: فلان قدوة يقتدي به،وقد يضم فيقال:لي بك قدوة وقدوة.
والقدوة: أصل البناء الذي يتشعب منه تصريف الاقتداء، يقال: قدوة لمن يقتدي به، ويقال: القدوة التقدم، يقال: فلان لا يقاديه أحد، ولا يماديه أحد، ولا يباريه أحد، ولا يجاريه أحد، وذلك إذا برز في الخلال كلها.


القدوة في الاصطلاح:
تعرف القدوة اصطلاحا بأنها : الاقتداء بالغير ومتابعته والتأسي به.
وتعرف أيضا بأنها : إتباع الغير على الحالة التي يكون عليها حسنة أو قبيحة.
إذن القدوة الحسنة هو: ذلك الشخص الذي اجتمعت لديه الصفات الحسنة كلها، لكن هذا لا يمنع من القول أن فلاناً قدوة في صفة معينة ويكون ممن ينقص حظه في أمور أخرى، فيقال - مثلاً -: فلان قدوة في البذل والتضحية ولكنه لا يتصف بالعلم مثلاً، ويقال: إن فلاناً قدوة في طلب العلم دون الشجاعة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما يقال: إن هذه الأخت قدوة في الأدب واللباقة ولكنها ليست على قدر من العلم الشرعي، والموفق من ضرب من كل خير بسهم فيكون له باع في كل فضيلة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وعكس ذلك القدوة السيئة التي تزين للناس الباطل ويتخذ مثلاً، وأشهر القدوات السيئة الشيطان.


أهمية وجود القدوة الصالحة في حياتنا:
إن وجود القدوة الحسنة الصالحة في حياتنا أمر ضروري لابد منه ليحتذي بها الإنسان ويقتدي بنهجها ويكتسب منها المعالم الايجابية لحركته في الحياة ، سواء مع الله تعالى في أداء العبادات والفرائض، أو مع النفس وتزكيتها وتدريبها على الأخلاق الفاضلة، أو مع الأهل والأبناء داخل الأسرة من أجل بناء أسرة متماسكة، أو مع المجتمع من حوله في أمور الدين والدينا، وهكذا.
فالقدوة هى ذلك التأثير الغامض الخفي الذي يمثله أفعال وأقوال ومواقف المثال الحي المرتقى في درجات الكمال، مما يثير في نفس الآخرين الإعجاب والمحبة التي تتهيج معها دوافع الغيرة والتنافس المحمود، ويتولَّد لديهم حوافز قوية تحفزهم؛ لأن يعملوا مثله، وقد يكون ذلك دون توجيه مباشر، كما أن القدوة الحسنة المتحلية بالفضائل والاستقامة تعطي الآخرين قناعة بأنَّ بلوغ هذا المستوى من الأمور الممكنة، وأنها في متناول قدرات الإنسان، ولا سيما في زمننا هذا، كذلك الاعتدال في أمور الحياة ونهج منهج التوسط والاقتصاد، ومراعاة آداب الشريعة وتوجيهاتها في أمور الحياة والمعيشة، ولا سيما في اللباس والمظهر وهما الامتداد المادي لحقيقة الذات، والعاكس المهم لكثير من كوامن الشخصية وخصائصها.
وتؤكد الدراسات أن القدوة تلعب دورا مهما في مجال التربية والتنشئة الاجتماعية الصحيحة للأبناء، والأسرة هي المعين الأول الذي تتشكل وتتحد فيه معالم شخصية الطفل فهي التي تغرس لديه المعايير والقيم الدينية والأخلاقية التي يحكم بها على الأمور، ومدى شرعيتها وصحتها، ومن هنا تأتي خطورة دور الأسرة ومن الضروري أن يكون النموذج الذي يقتدي به الطفل نموذجا صالحا يعبر عن تلك القيم والمعايير لا بالقول فقط أو بالدعوة والإرشاد إليها، بل يجب أن تتمثل تلك القيم في سلوك الوالدين، حيث يبدأ الطفل في سن الثالثة يدرك بوضوح أكثر أنه من الذكور، وأنه سيصبح يوماً ما رجلاً كأبيه، وهذا ما يحمله على الشعور بإعجاب خاص بأبيه وبغيره من الرجال والصبيان، إنه يراقبهم بدقة ويسعى جاهداً للتشبه بهم في مظهره وسلوكه ورغباته، بينما تدرك الطفلة بنت الثالثة أنها ستصبح امرأة فتندفع إلى التشبه بأمها وباقي النساء، إنها تركز اهتمامها على الأعمال المنزلية والعناية بالدمى على هيئة عناية أمها بالمواليد وتقتفي أسلوبها بالتحدث إليهم.
كما أن القدوة الحسنة هي أفضل وسيلة نستطيع بها أن نعلم أبناءنا السلوك الإيجابي، فقد يكون للآباء اعتقاد خاطئ بأن الابن ينمو بطريقة تلقائية جسدياً واجتماعياً ونفسياً، لكن الطفل تكون لديه مجموعة من السمات تؤهله لاستقبال كل سلوك إيجابي والعمل به وحين يشب وهو يرى سلوكيات الوالدين تدعو إلى البر والتقوى والإحسان والرحمة والتكافل، لن يتردد في تقليد هذا السلوك، وبالتالي لا تقتصر عملية تعليم السلوكيات والأخلاق الحميدة للأبناء على الأسرة بل إن المناهج الدراسية يجب أن تنمى ذلك داخل الطفل والقرآن والسنة النبوية والحياة العامة زاخرة بقصص التضحية والعطاء والبر والأمانة، والقصة أسرع وسيلة ننقل بها ما نريد إلى عقل الطفل.
وقد أمر الله تبارك وتعالى الناس بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه عز وجل، ومما يدل على أهميتها وجود تلك الغريزة الفطرية الملحة في كيان الإنسان التي تدفعه نحو التقليد والمحاكاة، ووجود القدوة الحسنة دعم لانتشار الخير؛ لأن الناس بفطرتهم يحبون محاسن الأخلاق ودرجات الكمال، وتعطيهم أملاً في الوصول للفضائل؛ ولذا كان من رحمة الله أن يوجد في الناس على مر العصور ـ حتى في أوقات ضعف الأمة ـ نماذج تبقى صامدة مجاهدة تتمثل الإسلام في أقوالها وأعمالها واعتقاداتها، ولكن قد يقل العدد أو يكثر بحسب قوة الأمة، ولكن لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة. وكثيرة هي القصص عن اهتداء كثير من الناس بمجرد رؤية صلاة خاشعة أو تصرف لبق في موقف صعب.

معلم متقاعد
02-01-2010, 12:46 AM
من هم قدوتنا في الحياة ؟
أولاً :النبي (محمد) صلى الله عليه وسلم ومن ثم الذين تربوا على يديه من الصحابة .
قال ربنا تبارك وتعالى : (( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ))
فلقد وضع الله تعالى في شخصية نبينا الصورة الكاملة للمنهج الإسلامي ليكون للأجيال المتعاقبة صورة حية خالدة في كمال خلقه وشمول عظمته وقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها حينما سئلت عن خلقه قالت ( كان خلقه القرآن ) رواه مسلم
وإن الله عز وجل قد أحسن تربيته فهو لم يقترف إثمآ من الآثام في الجاهلية فقد كان يعرف بالمتعفف الطاهر . وأما من ناحية صدقة وأمانته فكان في الجاهلية ينادونه بالصادق الآمين وأما من ناحية ذكائه وفطانته فكان لا يدانيه أحد فلقد وضع لقومه الحل في وضع الحجر الأسود وخلص الناس من حرب طاحنة مدمرة وأما من ناحية تبليغ الدعوة فكان عليه الصلاة والسلام لا يطيب له نوم ولا يرتاح له بال حتى يرى الأمة قد استجابت لدعوة الإسلام ودخلت في دين الله قال ربنا (( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ))
عن أنس - رضي الله عنه - قال: ( كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس، وأشجع الناس، وأجود الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق الناس قبل الصوت، فتلقاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راجعاً وقد سبقهم إلى الصوت، وهو على فرس لأبي طلحة عري، وفي عنقه السيف، وهو يقول: \"لم تراعوا، لم تراعوا\") متفق عليه.
ومع هذا فهو مضرب المثل في الصمود والثبات وهكذا كان قدوة وجاء من بعده الصحابة وساروا على نهجه واسأل الله أن يجعلنا مثلهم. فهم جميعاً رضوان الله عليهم قدوتنا الصالحة التي يجب أن نتأسى بها ونحتذي بها في جميع سلوكياتنا الدينية والحياتية ، فقد ضربوا لنا أروع الأمثال والحكمة في السلوك الصالح ، والتاريخ الإسلامي يذخر بقصصهم وبطولاتهم ومواقفهم ، فهم قدوة في كل شى ، فهم :
- القدوة في العبادة
- القدوة بالأخلاق الفاضلة
- القدوة في الكرم
- القدوة في الصدق
- القدوة في العدل
- القدوة في التواضع
- القدوة في الحلم
- القدوة في القوة الجسمية
- القدوة في الزهد
- القدوة في الشجاعة
- القدوة في التلفظ بالألفاظ الحسنة

فكثيرة بحمد الله الصفحات المضيئة في تاريخنا وحاضرنا، وذكر طرف من الأخبار فيه تقوية للهمم، وتنشيط للعزائم؛ لتكون قدوات يستفيد منها المسلم في نفسه،ويتعدى نفعها إلى من حوله.
قال أبو العباس الرقي - وكان من حفاظ الحديث -: إنهم دخلوا على أحمد بالرقة وهو محبوس، فجعلوا يذكرونه ما يروى في التقية من الأحاديث، فقال أحمد: فكيف تصنعون بحديث خباب: (إن من كان قبلكم كان ينشر أحدهم بالمنشار ثم لا يصده ذلك عن دينه)؟
قيل لنافع:ما كان ابن عمر يصنع في منزله؟ قال: الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما.


ثانياً : الوالدين :
الأبوان في البيت , يلتقط منهما الأطفال والأبناء أخلاقهما , فالطفل رادار يتحرك في البيت , ومن ثم كان التحذير النبوي في حديث عبد الله بن عامر , حينما قال لامرأة مع طفلها : ما أردت أن تعطيه ؟ فقالت : تمراً فقال النبي صلي الله عليه وسلم : ( إنك إن لم تعطه شيئاً كتبت عليك كذبة ) .
ولذلك كان دور الوالدين القدوة عظيماً , ( كل مولود يولد على الفطرة ) , وهذا مشهد تحكيه عائشة رضي الله عنها لرسول الله صلي الله عليه وسلم : عن امرأة أخذت تمرتين , فأعطتهما لابنتين لها , وحرمت نفسها , فقال النبي صلي الله عليه وسلم : من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار ) .
ومن ثم أثمر الوالدان القدوة خير الأجيال , هذا إبراهيم بن وكيع , يقول : كان أبي يصلي فلا يبقى في دارنا أحد إلا صلى .
وهذا عبد الله بن طاووس يخبر عن أبيه طاووس بن كيسان اليماني - وهو أحد كبار تلامذة ابن عباس- قائلاً : كان أبي إذا سار إلى مكة سار شهراً وإذا رجع ، رجع في شهر , فقلت له في ذلك فقال بلغني أن الرجل إذا خرج في طاعة الله فهو في سبيل الله حتى يرجع إلى أهله .
بل إن أروع الصور والشواهد تلك المنافسة وذلك السباق الذي حدث بين سعد بن خيثمة وابنه خيثمة على الجهاد في سبيل الله؛ ذلك أنه لما ندب النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين يوم بدر فأسرعوا قال خيثمة لابنه سعد : لو كان غير الجنة آثرتك به ، فاقترعا فخرج سهم سعد فخرج واستشهد ببدر واستشهد أبوه يوم أحد .
فالخلل في التربية يؤدي إلى الخلل في النتائج والثمرات , وقد انتبه الإسلام إلى هذه القضية الحساسة , روى ابن حبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رحم الله والداً أعان ولده على بره) , وخير إعانة أن يصبح الوالدان خير قدوة لأبنائهما .


ثالثاً : المعلم :
-هل يأتي المعلّم كمربٍّ في الدرجة الثانية بعد الأب والأم ؟
-وهل حقاً إن بعض المعلمين يفوق تأثيرهم تأثير الوالدين ؟
-وهل فعلاً يستحوذ بعض المعلمين على عقول وقلوب الطلاب ؟
يرد على هذه الأسئلة , أهل التخصص , بقولهم : ( نعم ... فهناك الكثير من المعلمين الذين يوجهون طلابهم الوجهة الصالحة ، فكلٌّ منّا يتذكر جيِّداً معلّماً أو أكثر كانت له أياد بيضاء ، وبصمات عميقة في تربيته وبنائه ، وقد يمتدّ تأثير أحدهم إلى مستقبل الحياة ، حيث تجد تلميذ الأمس وقد أصبح معلماً أو موظفاً أو تاجراً أو مهندساً أو طبيباً أو محامياً ، أو في أيّة حرفة ومهنة ، يتمثّل أستاذه أمامه فيقتدي به في إخلاصه وتفانيه وسخاء عطائه واستقامة سلوكه ) .

وهذه خلاصة نصائح أنقلها لكم من الخبراء التربويين للمعلم القدوة :
1 - المعلم الذي يطعم درسه بكلمات التوجيه الصادق المخلص ، والمواعظ الأخلاقية الحسنة ، ويقدم خلاصة تجربته العملية النافعة , ويُري من نفسه النموذج الأصلح ، لا يحظى بالوقار والتبجيل فقط ، بل باتخاذه قدوة وأسوة أيضاً .
2 - والمعلّمة التي تأخذ بأيدي تلميذاتها من الفتيات المراهقات والشابات لتعبر بهنّ إلى شاطئ الأمان ، من خلال النصائح النابعة من القلب ، والفائضة حبّاً ورحمة وحناناً ، والتي تسلك في المدرسة والشارع سلوك المرأة العفيفة الرزينة ، هي أمّ ثانية ، وربّما نسيت بعض الفتيات جوانب من حياتهنّ مع أمّهاتهنّ اللاّئي ولدنهنّ ، لكنهنّ لن ينسين معلّمة قالت بصدق وعملت بصدق .
3 - الكثير من المعلمين والمعلمات ينجحون في طرق التدريس ، لكنّ هناك قلّة من المعلمين والمعلمات لا ينجحن كقدوة مؤثرة ، بل رحنا نصطدم بهذه القلة التي تقدم من نفسها نموذجاً سيِّئاً للمربّي الفاشل ، ولذا يجب على كل معلم ومعلمة الانتباه لدوره الخطير كقدوة للطلاب , ورسالته العظيمة في بناء الأجيال .

كيف تصبح قدوة لغيرك؟
سؤال يطرحه كل جاد وجادة؛ لأنه يعرف أن كون الإنسان قدوة هو رفعة في الدنيا والآخرة؛ ولذا فإنني أشير إلى بعض الخطوط العامة، ولكن قبل ذلك أود الإشارة إلى قول شافي جامع لمن أراد أن يكون قدوة صالحة لغيره ؛ تلاميذه، أبنائه ، أصدقائه ، إخوانه ، مرؤوسيه.. .. وهذا القول هو للإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه – إذ يقول : \" من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ، وليكن تهذيبه لسيرته قبل تهذيبه بلسانه ، فمعلم نفسه ومهذبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومهذبهم\" لذا إن أرادت أن تكون قدوة فعليك أن :
* تصحح النية في هذه الرغبة.
* تلزم نفسك دعاء الله - عز وجل - أن يجعلك إماماً للمتقين.
* تأخذ من العبادة بقدر ما تستطيع، وداوم عليها، واحرص على الشمولية فيها.
* تقرأ في سير العلماء والقادة المؤثرين في مجتمعاتهم.
* تحول عن الكسالى، وصاحب أهل الهمم العالية.
* تداوم على الأعمال التي تؤديها، ولا تدع التسويف يقتل طموحاتك ويقلل من إنتاجك.
* تحضر بعض الدورات التي تعلم تنظيم الوقت، وإدارة النفس.
* تجعل طموحك أن تسبق الناس كلهم إلى الخير وأبواب المعروف.
* تحمل نفسك مسؤوليات معينة، وراقب أداءك فيها.
* لا تحقر نفسك، ولا تغتر في الوقت ذاته.
* تتمسك بالإسلام وعدم الترخص,فربما يترك بعض الحلال,مخافة الوقوع في الحرام أو الشبهة .
* الوضوح مع النفس , بتربية نفسه أولاً , وتهذيبها ومحاسبتها .
* الحذر من العادات والموروثات الاجتماعية والثقافية , التي تتعارض مع الشرع ,
سواء في المطهر أو الملبس أو الإسراف أو الاختلاط , فكل ذلك كفيل بقطع جاذبية
الناس إليه أو الأخذ عنه .

أقوال ومواقف مشهورة حول القدوة الصالحة :
- يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: \" العمل بلا إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملاً يثقله ولا ينفعه\".
- قال عمرو بن عتبة لمعلم ولده: \"ليكن أول إصلاحك لولدي إصلاحك لنفسك، فإن عيونهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما صنعت والقبيح عندهم ما تركت\"
- قال إبراهيم النخعي: كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى سمته، وإلى صلاته، وإلى حاله، ثم يأخذون عنه. وقال الإمام أحمد: يكتب الحديث عن الناس كلهم إلا عن ثلاثة: صاحب هوى يدعو إليه، أو كذاب، أو رجل يغلط في الحديث. ونقل قريب من هذا القول عن الإمام مالك رحمه الله. حسن الخلق: وهذا باب عظيم من أبواب الخير، والخلق الحسن أكثر ما يدخل الجنة؛ ولذلك كان الأنبياء والصالحون من أكثر الناس اتصافاً به ، ولا يمكن أن يتأثر الناس بسيئ الخلق؛ لأن الناس مجبولون على حب من أحسن إليهم.
بعض الناس يحب أن يكون قدوة يقتدى به في الخير؛ لما يعلم من عظيم الأجر والثواب الذي يصله من تأثر الناس بفعله وقوله كما قال تعالى: {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا} قال الحسن: (من استطاع منكم أن يكون إماماً لأهله، إماما لحيه، إماماً لمن وراء ذلك، فإنه ليس شيء يؤخذ عنك إلا كان لك منه نصيب). ومن دعاء الصالحين {واجعلنا للمتقين إماما} قال البخاري: أئمة نقتدي بمن قبلنا ويقتدي بنا من بعدنا.
فقال الإمام أحمد: فكيف تصنعون بحديث خباب: \"إن من كان قبلكم كان ينشر أحدهم بالمنشار ثم لا يصده ذلك عن دينه\"؟ قيل لنافع: ما كان ابن عمر يصنع في منزله؟ قال: الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما. سؤال يطرحه كل جاد وجادة؛ لأنه يعرف أن كون الإنسان قدوة هو رفعة في الدنيا والآخرة.
- قال مالك بن دينار رحمه الله ( إن العالم إذا لم يعمل بعمله زلت موعظته عن القلوب كما تزل القطرة عن الصفا ). وعن عبد الله بن المبارك قال : قيل لحمدون بن أحمد : ما بال السلف أنفع من كلامنا ؟ قال : لأنهم تكلموا لعز الإسلام ونجاة النفوس ورضا الرحمن ، ونحن نتكلم لعز النفوس وطلب الدنيا ورضا الخلق.
- يقول الشاطبي ( إذا وقع القول بيانا فالفعل شاهد له ومصدق )
- فها هو أبو جعفر الأنباري صاحب الإمام أحمد عندما أخبر بحمل الإمام أحمد للمأمون في الأيام الأولى للفتنة ( فعبر الفرات فإذا هو جالس في الخان ، فسلم عليه وقال : يا هذا ، أنت اليوم رأس والناس يقتدون بك ، فو الله لإن أجبت إلي خلق القرآن لأجيبنك بإجابتك خلق من خلق الله وإن أنت لم تجب ليمتنعن خلق من الناس كثير ، ومع هذا فإن الرجل - يعني المأمون – إن لم يقتلك فأنت تموت ، ولابد من الموت فاتق الله ولا تجبهم إلي شيء . فجعل أحمد يبكي ويقول : ما قلت فأعاد عليه فجعل يقول : ما شاء الله ، ما شاء الله ) . وتمر الأيام عصيبة على الإمام أحمد ، ويمتحن فيها أشد الامتحان ولم ينس نصيحة الأنباري فها هو المروزي أحد أصحابه يدخل عليه أيام المحنة ويقول له ( يا أستاذ قال الله تعالى \" ولا تقتلوا أنفسكم \" فقال أحمد : يا مروزي اخرج ، انظر أي شيء ترى . قال فخرجت إلي رحبة دار الخليفة فرأيت خلقا من الناس لا يحصى عددهم إلا الله والصحف في أيديهم والأقلام والمحابر في أذرعهم فقال لهم المروزي : أي شيء تعملون ؟ فقالوا : ننظر ما يقول أحمد فنكتبه، قال المروزي : مكانكم فدخل إلي أحمد بن حنبل فقال له : رأيت قوما بأيديهم الصحف والأقلام ينتظرون ما تقول فيكتبونه فقال : يا مروزي أضل هؤلاء كلهم ! أقتل نفسي ولا أضل هؤلاء
- يقول ابن دقيق العيد ( و هذا متأكد في حق العلماء و من يقتدي به فلا يجوز أن يفعلوا فعلا يوجب سؤ الظن بهم و إن كان لهم فيه مخلص لأن ذلك سبب إلى إبطال الانتفاع بعلمهم ، و من ثم قال بعض العلماء : ينبغي للحاكم أن يبين للمحكوم عليه وجه الحكم إذا كان خافيا نفيا للتهمة )

فكر جيداً عزيزي القارئ في هذه الأقوال والمواقف وحدد موقعك منها ، سواء أكنت مدرسا أو أبا أو قائداً أو أخا أو صديقا... فنحن في زمننا هذا في أمس الحاجة لتكون قدوة لغيرك ، قدوة يحتذي بها في القول والفعل ، فإذا وجد أبناؤنا هذه القدوة ، أطمئن قلبنا فلا خوف من عولمة أو تحديدات أو غزو ثقافي ، لأنهم اتخذوا القدوة الصالحة نهجاً وطريقاً لهم ، وهذا أهم سلاح وقائي ويحصنهم ويجعلهم على الطريق المستقيم يسيرون ، فيكسبون رضوان الله تعالى ويحققون آمالهم وآمالهم وطنهم ، فالتقدم والنهضة لن ولم تكن إلا بسواعد بنائه ، تجعل البناء هدفاً تسعى إلى تحقيقه ، وهذا ما يرجع لأمتنا مكانتها التى يشهد التاريخ بها.

***************
هذا والله من وراء القصد
وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين
دكتور / وحيد حامد عبد الرشيد
مدرس المناهج وطرق تدريس اللغة العربية – كلية التربيةبالودى الجديد – جامعة أسيوط
waheednaza@yahoo.com (waheednaza@yahoo.com)