المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مظاهر عسر القراءة - الديسلكسيا - في نظام الكتابة لدى الأطفال


معلم متقاعد
05-24-2009, 11:48 AM
مظاهر عسر القراءة-الديسلكسيا-في نظام الكتابة لدى الأطفال



تهاني عتيق الله الصبحي من جامعة أم القرى


صحيفة الشرق الأوسط




الديسلكسيا ( Dyslexia ) .كلمة من أصل يوناني، استحدثها رودولف برلين في أواخر عام 1800، مكونةمن جزءين "ديس" تعني حرفيا صعوبة "لكسيا" كلمات ديسلكسيا Dyslexia،واحدة من الحالات الخاصة في صعوبة التعلم، ويقدرعدد الذين يعانون من الديسلكسيا بدرجة كبيرة حوالي 10% في العالم. ولا يعتبر الشخص الديسلكسي (القاصرقرائياً)،متخلفاً عقلياً ولا غبياً كما يظن البعض، بلإن بعض المصابين بهذا المرض قد تتعدى نسبة ذكائهم المعدل الطبيعي،وعادة مايكون لديهم أسلوب مختلف وخاص في مواجهة المشاكل وحلها، وغالباً ما يتمتعون بقدرةخيالية كبيرة قد جعلت من بعضهم علماء ومشاهير أمثال ليوناردو دا فينشي، ألبرتأينشتاين، الكسندر غراهام بل، والت ديزني، وغيرهم.

لقد أوردت "الشرق الأوسط" قبلشهر تقريبا، دراسة أميركية حديثة أجريت في جامعة واشنطن حول ترابط المناطق الرئيسيةالخاصة باللغة وعمل الذاكرة المعنية بالقراءة لدى الأطفال المصابين بالديسلكسيابشكل مختلف عن الأطفال ذوي المهارات الجيدة في القراءة والتهجي.



وفي نفسالوقت،ظهرت نتائج دراسة سعودية قامت بها الباحثة تهاني عتيقالله الصبحي من جامعة أم القرى،استهدفت ظاهرة "عسرالقراءة" لدى الأطفال الناطقين باللغة العربية، ومدى تأثير نظام الكتابةالذي تتميز به اللغة العربية عند استخدام ضبط الشكل وعدم ضبط الشكل في أعراضالمرض.



الباحثة تهاني الصبحي تحدثت الى "الشرق الأوسط"، موضحة أولاً أنديسلكسيا (عُسر القراءة أو قصور القراءة) وأن العسرالقرائي قد وُصِفَ بـ"العمى الكَلِمي" أولاً من قبلطبيب ألماني متخصص في الأمراض العصبية يدعى أدولف كسماول، ثم من قبل و. برينجلمورغان في 1896 ولاحقاً في 1917 من قبل جيمس هنشلود بـ "العمىالكـَلـِمي الخَلْقي".



وأضافت أن اضطراب اللغة ’عجز القراءة المحدد‘ يعرّف على أنه فشلمحدد دائم وغير متوقّع لاكتساب المهارات المطلوبة للتعلم سواء في القراءة أوالكتابة أو الإملاء أو الأرقامعلى الرغم من وجود التعليم المناسب، والذكاءالمطلوب، وتحقق المستوى الاجتماعي الثقافي المعروف، وفقاً لديمونت وآخرين 2004: 1451.



ـ أعراض الديسلكسيا
* قسمت الباحثة أعراض المرض حسب عمرالطفل:
1 ـقبل دخول المدرسة: ومن خلالالدراسات التي أجريت على اللغات الأجنبية وتحديداً الإنجليزية، لاحظ العلماء أنهناك أعراضا تظهر على الطفلمثل تأخر أو عدم الكلام بوضوح أوخلط الكلمات أو الجمل، صعوبة في تنفيذ بعض الأعمال مثل ارتداء الملابس بصورة طبيعيةكربطة العنق وربط الحذاء واستعمال الأزرار، وطريقة استعمال الأدوات (كأن تقع من يده الأغراض أو عندما يحمل كوب الماء يهتز الكوب ويتناثرما فيه)، وصعوبة التنسيق في ما يقوم به من أعمال مثل مسك الكرة أو تنطيطهاأو رميها بصورة عادية، صعوبة التركيز عند الاستماع للقصص أو عندما يقرأ لهم منالقصص.




2 ـبعد الالتحاق بالمدرسة وحتى سنالتاسعة: صعوبة غير متوقعة في التحصيل العلمي في المدرسة مع أنه يظهر عندهمنفس قدرات الطلاب الآخرين الذين ليس لديهم صعوبات في التحصيل العلمي، ويظهر عليهمأحيانا أن استيعابهم العلمي بطئ مقابل أوقات أخرى يظهرون فيها بحالة لا بأسبها. ومن أهم هذه الصعوبات الفشل الدائم في تعلم القراءةوالكتابة والتهجئة، تكرار واستمرار التبديل في الأرقام مثل 12 لرقم 21 أو ف بحرف ق،صعوبة تحديد الاتجاه يمينا أو شمالا، صعوبة تعلم حروف الهجاء، وجداول الضرب وتذكرالأشياء المتتالية مثل أيام الأسبوع والأشهر وأرقام الهواتف، استمرار صعوبة ربطالأحذية ومسك الكرة أو رميها، صعوبة التركيز والمتابعة، صعوبة تنفيذ ومتابعةالتعليمات سواء كتابة أو قراءة، وإما التذمر المؤدي إلى مشاكل سلوكية عدوانية أوالانطواء نتيجة الإحساس بالنقص.



3 ـمن سنالتاسعة حتى سن الثانية عشرة: تابع العلماء ملاحظة هذه المظاهر فوجدوا أنأهم ما يميزها استمرار الأخطاء في القراءة،أخطاء إملائيةغريبة كنسيان حروف من كلمات أو وضع الحروف في غير مكانها، استغراق وقت أكثر منالمتوسط في الكتابة والقراءة، الافتقار للنظام في المدرسة والبيت، صعوبة نقل وكتابةالمعلومات من السبورة في الفصل أو من الكتاب بصورة دقيقة، صعوبة في تذكر أو تحليلالتعليمات الشفهية وفهمها، وازدياد ضعف الثقة بالنفس المؤدي إلى زيادة الحركةوالفوضى أو الانطواء.



4 ـبعد سن الثانية عشرة: تستمر هذه الأعراض فلا تزالالقراءة غير دقيقة،والأخطاء الإملائية متكررة، وهناك صعوبة في التخطيط وكتابة المواضيع، وتخبط ملحوظفي تلقي التعليمات الشفوية أو الأرقام الهاتفية ،وزيادة في قلة المثابرة وضعف الثقةبالنفس.



ـ أنواع وأسباب
* تؤكدالباحثة أن تلك الدلالات لا تظهر جميعها على كل الذين يعانون من الديسلكسيا، كماأنها لا تظهر بنفس الدرجة، فهناك أنواع لهذهالحالة المرضية،تختلف حدتها من شخص لآخر فمنها السطحي الخفيف، ومنها المتوسط، ومنها الحاد. وعن أسباب أعراض هذا المرض تقول انها ما زالت مسألة نقاش بالرغم من أن هناك زيادةواضحة في عدد الأبحاث التي أُجريت والفرضيات التي وضعت. لكن الصورة العامةَ هي أنعُسر القراءة يُنْسَبُ إلى أسباب حيويِة (عائلية، وراثية،جينية)،عصبية ونفسية (ضعفإدراكي غير ملحوظ ضمن مجال اللغة نتيجة لاختلاف خلقي في المخ عنه في الشخصالعادي). أما من ناحية الوراثة والاكتساب فهناك ديسلكسيا وراثية نتيجةلعوامل جينية وراثيةفالأطفال الذين لديهم أقارب من الدرجةالأولى مصابون بالديسلكسيا معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بها،وهناكديسلكسيا مكتسبة وتكون نتيجة تعرض الدماغ لإصابة أو أذى.




كما أن مظاهر واتجاه مشاكل العسر القرائي تتأثر بالعوامل اللغويةوالتربوية التالية:
ـ خصائص اللغة المنطوقةـخصائص نظام الكتابة (قواعد الإملاء)
ـ طرق تعليم القراءة والكتابةـ نظام الكتابة
* توضح الباحثة أن العديد من الدراسات قد أجريت حول هذا العاملالثاني، وقد استنتج أنه يلعب دوراً مهماً في اكتساب مهارات القراءة والكتابة في أيلغة، وأنه يُؤثر في درجة السهولة أَو الصعوبة التي يتعلم بها الأطفال كيفية القراءةوالتهجئة. وثبت، علاوة على ذلك، أنطبيعةَ "قواعد الإملاء (أَونظم الكتابة) التي يتعرض لها الأفراد الديسلكسيون تحدد شدَّة الاضطراب ومدىأعراض المرض السلوكية " (جولاندريز 2003: 13).




وتقسم النظم الكتابية إلى صنفين رئيسيينِ: شفّافة وغير شفافةـ اعتمادا على مدى ربطها للحروف مع وحداتالكلام الصغرى ( الفونيمات).



ولذلك، يواجه المصابون بالديسلكسيا صعوبات أكثر في فك رموز المادةالمطبوعة بلغة غير شفافة إملائياً من تلك التي طُبعت بلغة ثابتة على نظام واحد.



ـ توضح الباحثةأن اللغة العربية تتميز عنغيرها، بأنها تمثل كلا الصنفين من نظم الكتابة،كالآتي:



(1) نظام إملائي شفاف: (مضبوط بالشكل) وهو النظام ذو الحركات التشكيلية حيث يُعبر عن أصوات العلة الطويلة (المد) والإدغامات والأصوات الساكنةَ بالحروف، بينما يُشارإلى أصوات العلة القصيرة بالرموز الصغيرة جداً فوق وتحت الحروف (الفتحة والضمة والكسرة).



(2) نظامإملائي غير شفاف: (غير مضبوط بالشكل) وهو من دونحركات التشكيل، أي أن الأصوات الساكنة، وأصوات العلة الطويلة والإدغامات تظهر فيالطباعة فقط وأصوات العلة القصيرةَ تخمن من قِبل القارئِ ( ميموني وبيلاند 2001) معتمداً على معرفته النحوية والصرفية والسياقية.



وقد تحرت الباحثة السعوديةمدى تأثير هذين النوعين من النظام الإملائي في العربية فيدراستها التي أجرتها على الأطفال الديسلكسيين الناطقين باللغة العربية، فقدمت هذهالدراسة تحليلا وصفيا مفصلا للمادة العلمية التي تم الحصول عليها من عينة الدراسةالمكونة منخمس إناث ناطقات بالعربية مصابات بعسر القراءة (أعمارهن من 11-15 سنة) في مدينةمكة المكرمة،وذلك بعد اختبار أدائهن في قراءة نوعي النظامالكتابي العربي (المضبوط وغير المضبوط بالشكل) المتمثلفي قطع وكلمات مفردة وكلمات في السياق. كما خضعت جميع عينة الدراسة (مصابات وسويات) لمقياس ويكسلر للذكاء ولمجموعة مقاييس الإدراكالصوتي لمعرفة علاقتهما بالديسلكسيا، إضافة إلى أنها بحثت مدى تأثير العواملالتالية في قراءتهن: كثرة أو قلة ورود الكلمة، مدى تصوريتها (محسوسة/مجردة)، نوعيتها (اسما، أم فعلا،أم صفة)،طولها، شذوذيتها، وأخيرا تعقيدهاالصرفي.



ـ النتائج
* وكشفت نتائج الدراسة عن وجود فوارق مهمة بين المصاباتبالديسلكسيا وغير المصابات، خصوصا في مجموعة مقاييس الإدراك الصوتي ومقاييسالقراءة. وتبين أن هناك علاقة وثيقة بين القدرة على القراءة والإدراك الصوتي، بينماتنعدم هذه العلاقة بين عدم القدرة على القراءة والذكاء.




كما اتضح أن دقةقراءة المصابات بالديسلكسيا متوقفة على نوعية النظام الكتابي العربي المستخدم (مضبوطا/ أم غير مضبوط بالشكل) والتي كانت لصالح غيرالمضبوط بالشكل في قراءة القطع ولصالح المضبوط بالشكل في قراءة الكلمةالمفردة.



إضافة إلى أنه لوحظ تأثير العوامل المذكورة مسبقا في أداء المصاباتبالديسلكسيا، وأن تأثير ورود الكلمة وتصوريتها كان له الأغلبية العظمى في ذلك. لقدأعطت هذه الدراسة وصفا شاملا مفصلا عن ظاهرة عسر القراءة في العربية، كما سلطتالضوء على طبيعة النظام الكتابي العربي (المضبوط وغير المضبوطبالشكل) وعلى الدور الذي يلعبه كل منهما في أعراض هذه الظاهرة المرضية فيالعربية.