المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العولمة والتعليم


عبقرينو
01-18-2015, 03:17 AM
العولمة والتعليم

الدكتور عادل عامر

اختلف المفكرون في تعريف مصطلح العولمة، فبعضهم يقولون: إن العولمة هي: انبثاق أشكال حضارية، ووسائل إعلامية، وتقنيات اتصالات جديدة، وكلها تعكس الانتساب، والهوية، والتفاعل ضمن المواقع الحضارية المحلية. ومنهم من قال: إن العولمة هي الأداة التي يستخدمها صانع القرار السياسي في الدولة لتحفيز التغيير. وآخرون يقولون: إن العولمة هي نهضة ليبرالية لأنها تنظيم سياسي محكم. وآخرون يقولون: إنها تأثيرات ساحقة على الاقتصاد العالمي بما في ذلك الإنتاج، والتجارة، ورأس المال المتداول. العولمة والتعليم: لقد برزت ظاهرة تخصيص التعليم. وتخصيص التعليم يكون في سياق العلاقات والتنظيمات الجديدة بين الأوطان، ويجري من خلال تقسيم عالمي جديد للعمل، وتكامل اقتصادي لاقتصاديات الوطن (الأسواق المشتركة، والتجارة الحرة…الخ) وازدياد تركيز القوى في المنظمات الوطنية الكبيرة، وهو ما يسمى بالإشراف الدولي في الدولة، ولقد أصبحت هذه المنظمات قوية جداً لدرجة أن العديد منها أخذت تقوم بإنشاء برامجها التعليمية ما بعد الثانوية، والتعليم المهني الخاص، فقد فتح (برغر كينك) هيئات أكاديمية في أربع عشر ولاية أمريكية، وأما اتصالات (ويتل) لتجهيز الستالايت، وأجهزة التلفزيون فإنها تتبنى عملية تبادل المعلومات لأكثر من عشرة آلاف مدرسة، وتخطط لفتح مائة مدرسة لخدمة مليوني طفل خلال العشر سنوات القادمة. وأما المنظمات الأمريكية الأخرى فإنها تنفق أربعين مليوناً من الدولارات تقريباً في كلّ سنة لسّد النفقات الإجمالية لتدريب موظفيها الحاليين وتعليمهم. إن ما نشهده في الوقت الحاضر هو التجزئة بين الثقافة المعلومة وبقية أجزاء العالم الذي يشهد القليل من فوائد الدخول إلى سوق العالم، أو الحضارات العالمية غير المحلية، وكذلك التوتر بين الأساليب التي توضح التوحيد القياسي للعولمة والتجانس الثقافي المجزأ، وخاصة خلال نهضة الحركات المحلية الموجهة. فعلى الرغم من أننا نعيش في عهد جديد من التاريخ، ونشهد نظاماً عالمياً جديداً، فإن الأشكال القديمة للتغييرات لم تتلاش، والأشكال الجديدة للتغييرات لم يتمّ صياغتها بعد، فقد أشار (ديفد هلد) في حديثه عن مفهومي: الديمقراطية\" و\"العولمة\" إلى أننا نعيش في (العصور الوسطى للعولمة) وهي الفترة التي تعكس عدم قدرة الدولة على السيطرة على حدودها. فالنظام العالمي الجديد له تأثيرات مختلفة على الدول طبقاً لمواقعها في النظام العالمي، فهناك دول توحدت ضمن تحالفات إقليمية، ودول نامية، ودول أقل نمواً، ودول متطورة وغير متطورة أو متخلفة، فالتأثيرات تقلّ في بعض البيئات وتزداد في بيئات أخرى، ولذلك فإن العولمة بحد ذاتها هي ظاهرة عالمية غير موحّدة. وهنا نطرح السؤال الآتي: هل كانت العولمة خيراً أم كانت شراً؟. لقد تباينت آراء الناس حول الجواب الشافي فظهرت عند الناس ثلاثة مفاهيم: المفهوم الأول: يعتبر العولمة خيراً، لأنها ترتبط بالديمقراطية التحررية ارتباطاً وثيقاً، وتنادي بـ \"حقوق الإنسان\" ، وتنمية المنظمات في محاولة للإشراف عليها وحمايتها، وبمستوى معيشة إلى قطاعات معينة من المجتمع، ولا ترتبط بتوفر البضائع الاستهلاكية فحسب، بل ترتبط بالثقافات الأخرى. المفهوم الثاني: يعتبر العولمة شراً؛ لأنها ترتبط بالبطالة الهيكلية، وقلة العمل المنظم، وزيادة الفجوة بين الغني والفقير على نطاق العالم، وعدم الأمن في المناطق الحضرية، الذي ينتج عن ازدياد العنف في هذه المناطق مع ازدياد الحركات الإقليمية التي تعيق التطور، وقد تفرض تهديدات جادة على الأمن والسلام والاستقرار عن طريق: المافيا أم المنظمات الإرهابية، أو تجار المخدرات، أو تجار الأسلحة بما فيها أسلحة الدّمار الشامل. المفهوم الثالث: فهو على شك وقلق من أمر العولمة، ويظهر هذا المفهوم في الصين، وماليزيا، وغيرهما من الدول التي حاولت إيجاد وسائل ناجحة للحدّ من آثار العولمة على نمط حياتها الوطنية، وفي الوقت ذاته رغبت هذه الدول في الاستفادة من مشاركتها في الاقتصاد العالمي، وتبادل السّلع والمعلومات. فإلى أي مدى ستتمكن الدول من اختيار وسائل مشاركتها في العالم، وكيف سيكون حجم هذه المشاركة؟.