المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وإن لم أمْلك سَاقين , فيُمكِنني أن أُحلّقَ بجنَاحين


معلم متقاعد
05-07-2013, 10:43 AM
وإن لم أمْلك سَاقين , فيُمكِنني أن أُحلّقَ بجنَاحين

لأنّهم يَاسمينُ حيَاتِنَا
وربيعُ أيّامنا
وبسمةُ شفاهِنَا
وتحت حملة الإخَاء ^^

كَانَ حرفي المُتورّد خجلاً لهم
يتحدّثُ بلسانِ إحداهنّ كرسالةٍ لنا ولأمّتنا قبل أن تكونَ لهم
فأتركُكم مَع فُصولِ الحَرف , وحكاياتِ السّطر .

- ملاحظة هناكَ مشاهد حقيقة عاشتها رفيقة أختي في مدرستنا وعشناها معها بمُصافحتها ورؤيتها -




- ذاتَ صَبَاح انتَظرتُ أمّي لتَفيقَ ؛ حَتى تجرّ كرسيّي إلى حَيثُ مَائِدَةِ الطّعَام .


- كَانَت سَارَة تَلعبُ لُعْبَة الإختباء مَعْ هَيْثَم ورَائِد ..
واكْتَفيتُ أنَا بالمُراقبةِ فقَط ... كَوْنِي لا أسْتَطِيعُ النّهوضَ أو السّيرَ للأمَام !


- شَعرتُ في مُنْتَصَفِ اللّيلِ بالعَطَش .. لكنّني لمْ أتمَكنّ من شُرْبِ المَاء !
واصطبرتُ حَتّى يُغرّد الصّبح في أذنِ الحَيَاة , كَوني لا أمْلِكُ القُدرَة على النّهُوضِ لأسْتَقِي بضعَ جُرْعَات تَروي الظّمأ .


- في مَدْرَسَتي دائماً الصّف الشّامخُ وَحِيداً في الدّور الأوّل هُوَ صفّي
وبقيّة الصّفوف في الطّابق الثّاني ... فمِنَ الصّعب عليّ أنْ أصعدَ السّلالمَ بكرسيٍ ذي عَجَلات !
فتمّ تَخْصِيص ذاكَ الصّف لأجلي .


- في سنة 2008 أجريتُ عمليّة لتَرْكِيب ساقينٍ اصْطِناعيّتين
وكَم شَعَرْتُ بالفَرحِ وَقتها وقدِ اشْتَريتُ كلّ ما لم أكُن أستَطيعُ شرَاءه بسبب فقداني لسَاقيّ
لكنّها سُرعانَ مَا تبدّدت ؛ حينَ بدت الآلامُ تُصافِحُني رويداً رويداً بوجودهَا
فاضّطررتُ للإسْتِغناءِ عنهَا والتّبرعُ بما اشْتريتهُ , والبقَاء في كرسيّي على الدّوَام .


- في إحْدَى الصّباحاتِ المَدرسيّة ..
أعلنت مُديرتنا عن سبَاقٍ للجري ستُقيمُه في إحدَى أيّامِ النّشَاطات
وما على الرّاغبة في التّسجيل إلّا بتدوينِ اسمهَا عندَ الأستاذَة نجَاح , طبعاً لمْ أذْهَب !
فعُدتُ أدْرَاجِي نَحْوَ البَيْت .



اممم ..
هل تَظنّ أنّ حيَاتِي بَائِسَة !
أو ربّما يُخيّل إليكَ انّها مُملّة ؟ أو حَتى مُؤلِمَة ؟!



مَاذا لو أخبرتك أنّني سَعِيدَة ,
سَعيدَة ورَاضيَة , بل إنّني أحمدُ الله عَلى جميل لُطفهِ ونِعَمه بي
نعم .. ربّما لا أستَطيعُ المَشيَ أو النّهوض مثلكم , وربّما لا يُمكنني القيامُ بأمورٍ تقومونَ بهَا أنْتُم
لكنّني أملكُ حيَاتِي الخَاصّة , الخَاصّةُ والجَمِيلةُ جدّاً , أحملُ روحي إلى مملكة السّعادَة وَكثيراً مَا أعودُ منهَا مُبتَسِماً .


فسَارَة لا تُحبّ الرّسمَ إلا مَعي وهَيثم , ورائد دائماً هُما حولي ^^
نرسمُ وهيَ أشكالاً حُلوة ورائِعَة , نرسمُ الأشْجَار وأفانيناً تكتظّ بالوَرق , وأزهاراً على الجَوانب نُزخرفهَا ببعضِ البرق
ونستعملُ الألوان المَائيّة في كلّ مرّة لأجل أنْ نضفي عليهَا لمسةً تفاؤلِ وضيَاء
هكذَا تَقُولُ سَارَة ^^




ذاتَ مرّة رَسَمنا قوساً كالذي يأتي من بعدِ المَطر
كَانَ زاهياً جدّاً , وفاتِنَاًاً جدّاً , قالت سَارَة إنّ أحلامنَا كهَذِا القَوس
يجعلُ دنيانا ذات مَعنَى أحلى ... يجعلها مفعمةً بالحيَاة , وتبعث في الرّوح دغدغة أمل




ثمّ رسمَت لي بذْرَة ,
وكتبت في أعلاها طُموحَاتنا اللذيذة تبدأ ببذْرَة وتنتهي بشجرَة
تَكونُ صغيرة , فنسقيها مَاء الإرادة
ونضعها في أصيصٍ من ثبات
ثمّ نَعرضها لسنا شمسِ الهِمم
ونجعلُ أُكسجين الثّقة يتخلّل وريقاتها بعُمق
لتتخلّص من كلّ ثاني أكسيد الإحباط
فتكبر يوماً بعدَ يَوم .. وشهراً بعدَ شهر
حَتى نرى قامتهَا وقد أخذت تُطاول السّمَاء عَناناً
وعيوننا قد باتت لا تنظرها إلا حين ترمق الأفق



...




ليْسَت سَارَة وحدها من يَرْسُم السّعادة في أيّامي
فأمّي الحَبيبة والحَنون , ذات القلب العَطوف الرّؤوم
دوماً مَا تقرأ لي قُبيلَ المَنامِ قصص أصحابِ الهِمَم
وكيفَ أنّهم كانوا يَبْذلونَ قُصَارَى جُهدِهم لأجل تحقيق أحلامٍ تُراودهم
فَيَسعوَن بكلّ عزمٍ وإصرار ,
وكلّما تعثّروا نَهَضوا بقوّةٍ للإسْتِمرَار .

فأمّي تحملُ بينَ أضلعهَا قلباً رائعاً
إذ كتبت على لوحةٍ بيضَاءَ بإطارٍ أخضر :







وعلّقتها على الحَائطِ قُرب سَريري
ثمّ أهْدَتني دفتراً جَمِيلاً وهمست في أذني بعذبِ حديثها : " أن دوّني أحلامكِ الجميلة هُنَا
واكتبي طُموحاتكِ فيهَا , لترسمي في ذهنكِ نُور تَحقيقهَا

وقد تفاجئتُ بأنّها قد خطّت في الصّفحةِ الأولَى مِنه :
" ابْنَتي الحَبيبَة فَخُورة بكِ , لو تعلمين "


.



حَتى مَدرستي
تذوقتُ فيهَا طعمَ الفَرَح , وانتشيتُ أطلب العلمَ
وأتعلّم الدّرسَ تلوَ الدّرس , فهاتي مُعلّمتي كم تمدّ لي يدَ العَون
ورفيقاتي يبتسمنَ لي طول الدّرب , وهَيْفَاء حينَ تَجلسُ بقربي وتَهمِس
كنسيم الصّيف : " سنظلّ معاً ونتفوقُ معاً في ميادين إقرأ ",
وتلكَ الأستاذَة ختَام تربّت على أحلامي وتقول مُبتسمة : " مَاذا لدينا اليومَ من خُططٍ وعَمَل ؟! "
أو سُؤالهَا المُعتاد الذي يُفرحني كقهوة الصّباح " أينَ وَصلنَا بأحلامِنَا اليَوم ؟! "


..


إيهٍ لمدرسة الحيَاة
وقدْ تعلّمتُ الكَثيرَ مِع الأيّام
تعلّمتُ كيف أجعلُ من عُمري حكَايَة جَمِيلَة
وقصّة طامحٍ لا يستسلمُ لمطبّات المِحن
وكيف أن أجعَل من قيمي مبدأً سَامِياً , فأسْتَنهض الهمم وأنطلق لبناء أمنياتي والحُلم
فجمال الحيَاة ليسَ في صُورنا وأشكالنا بل بأفعالنا وما قدّمنا
فكم رأيتُ من أصحّاء الجسمِ قد أصابهم من الخُمول ما القلب به انفَطَر!
وكم قرأتُ من قِصصٍ وحكاياتٍ لأناسٍ مثلي لم تكن تلكَ عقبتهم في تحقيق الحُلم =)
فعقدوا العَزمَ وتخطّوا الأمر , حتى تركوا من بعدهم عَميق الأثر .

أجل يا إخوتي
فإن لم أتمكن من أنْ أُطلِقَ للرّيحِ ساقييّ
فيُمكنني أن أُحلّق بجناحيّ ..




لا تَقُل إنّي مُعاق مدلي كفّ الأخوّة
................................... ستراني في السّبَاق أعبرُ الشّوطَ بقوّة





وفي الخِتامِ أُهديكم السّلام

ماريا فاطمة
06-14-2013, 10:42 AM
very nice post