 |
112174939 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
صفحات خاصة
|
أرسم لأعيش |
الكاتب : نهلة شرارة |
القراء :
3389 |
نهلة شرارة: أرسم لأعيش عندما شاء القدر أن تصاب نهلة شرارة في حادث في نهاية السبعينات من القرن الماضي مما أعاقها حركيا إلى حد كبير لم تستسلم لإصابتها وقررت أن تواجه الحياة في مجال جديد عليها تماما وهو احتراف الفن التشكيلي. بدأت تتعلم قواعد هذا الفن وأسسه وتنجذب إلى أعلامه من فناني الصف الأول في فرنسا وبدأب تحسد عليه واصلت مشوارها مع الفن ونالت استحقاق الكثيرين في معرضها الأول في دبي والمقام في مدينة دبي للإعلام رحلتك مع الفن وصولا إلى هذا المعرض؟ لم أكن أتصور يوما نفسي خارج مجال الموضة والأزياء والملابس الجاهزة بوجه عام فهي مهنتي التي لم أعرف غيرها حتى عام 1978 حين كنت في زيارة للسنغال التي ولدت فيها عام 1928 وقضيت طفولتي وأصبت هناك في حادث حولني إلى قعيدة عن الحركة وفي رحلة لطلب العلاج في فرنسا أدركت أن أيامي مع تداعيات الإصابة ستطول، ولا أخفي عليك ما أصابني في هذه الفترة من يأس وإحباط شديدين ولكن إذا كنت في فرنسا فعليك أن ترسم أو تتذوق الرسم فكنت أتأمل لوحات كبار الفنانين لساعات طويلة أنتقل فيها إلى عالم اللوحة بما يحتويه من إبداع وعظمة فأتخيل أن كل ما لمسته ريشة هؤلاء الفنانين العباقرة قد دبت به الحياة وأن له القدرة على التعبير عن ذاته وإدارة حوار معي كأنه يعلمني، فكان الافتتان أول علاقتي بالفن
وكيف تحول الافتتان إلى ممارسة؟ لم يكن الأمر سهلا بالمرة، فلم أتخيل انه بإمكاني أن اقدم إبداعا بالمستوى الذي يقدمه هؤلاء الفنانون الكبار وأعترف أنه ما زالت لدي نفس الدهشة التي تجبرني حتى الآن على محاكاة أعمالهم العظيمة ولذا أقدمت على الدخول في دورات بفرنسا أثناء فترة علاجي هناك وخففت علي هذه الدورات كثيرا و بدأت أمسك بالريشة وأمر بها على اللوحات كأني أتعلم الكتابة من جديد ولم يكن الوقت يمثل الكثير بالنسبة لي فكنت أقضي الساعات الطوال أمام لوحاتي كأني لا أريدها أن تنتهي من فرط إحساسي بها. وماذا عن خطواتك التالية؟ بدأت أعرض لوحاتي على بعض المتخصصين وقد أشاد بها بعضهم استمعت إلى ملاحظاتهم باهتمام وواصلت الرسم دون ملل لأنه في الحقيقة كان سر تعلقي بالحياة في بعض الأوقات أو بمعنى أدق كنت أتنفس الفن التشكيلي بكل ما به من معاناة واستمر تعلقي به خاصة بعد أن تركت عملي في عالم الملابس والخياطة لإحساسي بعدم قدرتي على الاستمرار فكرست كل وقتي للوحاتي. مع التقدم في السن وما تركته الحادثة من إعاقة كيف ترسمين؟ الشباب والشيخوخة هي مراحل ترتبط في الأساس بالأمل في الحياة والإيمان بدورك فيها ولذلك من السهل أن تجد لدى من لم يتخط الثلاثين إحباطا يحيله على ما بعد الشيخوخة والعكس صحيح على الأرجح. وأزعم أن لي طموحا بالحياة لم يتحقق بعد وأنا مصرة على تحقيقه ما بقي لي في الحياة من أيام ولذلك أهيئ لنفسي الظروف الملائمة فانا أرسم وأنا جالسة على الكرسي ولا أستطيع الاستمرار لأكثر من خمس ساعات في اليوم وقد تستمر اللوحة الواحدة لأشهر حتى أنتهي منها وأنا سعيدة بذلك هل ساعدك أحد في رحلتك مع الفن؟ بالطبع هناك كثيرون أمتن لمساعدتهم لي على رأسهم أختاي اللتان شجعاني كثيرا بالدعم المعنوي تارة والبحث في تنظيم المعارض تارة أخرى وما وجودي هنا في دبي إلا إحدى ثمار هذه المساعدات واعتقد أن الجميع يمكنهم مساعدتك إذا رأوا إصرارك على تحقيق هدفك المشروع.
هل تنتمين لمدرسة معينة في الفن التشكيلي؟ أنا هاوية في مجال الفن وأحترم كل المدارس الفنية ولكني عاشقة للطبيعة بكل مفرداتها لأنها تسكنني وأرى أنها تملك روحا خاصة ولديها حوار متفرد وبها إبداعات الخالق سبحانه وكل لوحاتي وعددها 120 تتحدث في هذا الاتجاه وترصد بيئات متنوعة من ثلوج فرنسا إلى جبال لبنان إلى الصحراء إلى عالم النباتات الثري جدا بالنسبة لي. ما هي ألوانك المفضلة؟ أعشق الأخضر بكل درجاته وستجده أساسيا في معظم اللوحات ولكن لكل حالة فنية ألوانها فالفنان كالشاعر تماما الذي تفرض عليه القصيدة أوزانها وكذلك اللوحة تفرض علي ألوانها ما هي أنواع المواد التي تفضلين استخدامها؟ تعودت على استعمال كل المواد عبر ثلاثين عاما مع الفن لكني أفضل دائما الألوان الزيتية رغم أثر رائحتها النفاذة على حالتي الصحية ربما لإحساسي بأنها تعطي اللوحات زخما إضافيا ومعاني أخرى إلى جانب قدرتها على الاستمرار لفترات طويلة كما إنها تمثل تحديا للفنان في ترويضها وتطويعا لإحساسه الفني الخاص، وهذا لا يمنع استخدامي لألوان الأكواريل وغيرها من الخامات الطبيعية والمخلقة صناعيا. كيف جاء تنظيم هذا المعرض أو إلى متى يستمر؟ لم يكن تنظيم المعارض يوما على رأس اهتماماتي فأنا كما قلت أرسم لأعيش ولا يستطيع أي فنان أن ينكر أهمية أن يرى الجمهور أعماله وأن يستمع إلى كلمات الاستحسان فلا شك أن ذلك يزيد من نشاطه وبالتالي إنتاجه الفني. بالنسبة لي فالأمر يختلف فليس لدي الخبرة الواسعة في هذا المجال وجاء تنظيم هذا المعرض في دبي من خلال مساع بذلتها أختي الصغيرة التي تقيم هنا ووافقت إدارة مدينة دبي للإعلام مشكورة على إقامة معرضي على أرضها في مبنى "رويترز" وأن يستمر لأكثر من أسبوعين وذلك تقديرا لمثابرتي على حد تعبيرهم، وأنا ممتنة لهم كثيرا لهذا التقدير الذي لا يعد غريبا عن أخلاقيات أهل الإمارات التي تحتضن أعدادا كبيرة من الأسر العربية ويعيشون على أرضها من دون أدنى إحساس بالغربة وأتمنى أن تكون أعمالي التي تصل إلى مائة وعشرين لوحة تضمها أجنحة المعرض عند حسن ظنهم. هل نظمت معارض أخرى من قبل؟ بالطبع شاركت في العديد من المعارض في لبنان لعل أبرزها ما أقامه لي المعهد الروسي للفنون ببيروت وحظيت هذه المعارض بحضور جيد من الجمهور المتذوق للفنون الجميلة بلبنان وأتمنى أن تعرض لوحاتي في مختلف العواصم العربية في الفترة المقبلة.
نلاحظ في معظم لوحاتك اهتماما مبالغا فيه بالطبيعة وأن الوجوه البشرية هامشية في بعض اللوحات فما هو السر وراء ذلك؟ لعل نشأتي وطفولتي في السنغال حيث كانت الأسرة تقيم هي السبب في ذلك، إذ كنت مغرمة بالطبيعة هناك ولم تكن لي احتكاكات واسعة بالناس هناك كما أني أميل أكثر إلى التأمل في قدرة الخالق وإعجازه في خلقه كما كان لرحلاتي بين لبنان وفرنسا وافتتاني بعبقرية فنانيها في التعامل مع مفردات الطبيعة دور مهم في ذلك.
المصدر - منتدى الخليج |
أطبع
الموضوع |
أرسل الموضوع لصديق
|
|
|
|
|