السمع والتخاطب الصرع والتشنج الشلل الدماغي العوق الفكري التوحد وطيف التوحد متلازمة داون الصلب المشقوق وعيوب العامود الفقري
الاستشارات
الإعاقة دوت نت دليل الخليج لذوي الاحتياجات الخاصة مقالات مجلات ندوات وؤتمرات المكتبة العلمية

صحة الوليد - الأطفال حديثي
الولادة

صحة الطفل

أمراض الأطفال

المشاكل السلوكية

مشاكل النوم

الـربـو

الحساسية

أمراض الدم

التدخل المبـكـــر

الشفة الارنبية وشق الحنك

السكري لدى الأطفال

فرط الحركة وقلة النشاط

التبول الليلي اللاإرادي

صعوبات التعلم

العوق الحركي- الاعاقة الحركية

العوق البصري - الإعاقة البصرية

الدمج التربوي

المتلازمات

الإرشاد الأسري ونقل الخبر

امراض الروماتيزم

أمراض الغدد



اشتراك انسحاب


108735199 زائر
من 1 محرم 1425 هـ

البحث في الموقع
 

المكتبة العلمية
الاستشارات
اتصل بنا

سجل الزوار

مذاق الصبر

سوق المسباخ

الكاتب : محمد عيد العريمي

القراء : 4559

سوق المسباخ

في العام التالي قرر والد الصبي وعمه فتح دكان لبيع المواد الغذائية ـ لا سيما المعلبة منها. ونظرا لانشغال والده بتجارته البحرية وقيادة سفينة الأسرة، تولى العم إدارة المحل. وإذ تعذر إعادة الصبي إلى مدرسة الحرف بعد الحالة النفسية التي اصابته اثر وفاة صديقه، اصبح الدكان مدرسته الخاصة وعمه معلمه الخاص، فأكمل تعلم القراءة والكتابة وبدأ يأخذ دروسا منتظمة في الحساب ايضا. وتعلم المهارات التجارية كالمفاصلة وتسجيل الديون وجرد البضائع ومراجعة الحساب اليومي، واصبح فيما بعد يعاون عمه في عملية البيع حتى اثناء غيابه!

أتاح له حضوره المستمر الى الدكان التعرف اكثر على السوق ـ بجزئيه المسباخ وسكة البنايين. كان الاول يتميز بساحة مفتوحة تأخذ شكلا مربعا تحيط بها ثلاثة جدران تتوزع فيها الدكاكين المبنية بالحجر والطين والصاروج، ويعج باصحاب المهن المختلفة والباعة.. سواء الدائمين او باعة السلع الموسمية والمتجولين والحمالين، فضلا عن السقاة والمزارعين بحميرهم المحملة بقرب الماء والمنتجات الزراعية التي ترد الى المدينة من بلاد صور.

ومن زوايا سوق المسباخ الاربع تنطلق الطرق المؤدية الى الاحياء الرئيسية في المدينة، ويمتد بعضها الى البلدات الخارجية كالعيجة والشرية وسنيسلة وبلاد صور. وتمتد على طول جدران سوق المسباخ محلات ودكاكين تعرض مواد مختلفة ويزاول اصحابها انشطة تجارية وحرفية مكملة لبعضها البعض، وتتجاور حسب نوع البضائع او الحرف. فالمواد الغذائية في جهة وورشات النجارة ومخازن الاخشاب في جهة اخرى، ومحلات الخدمات والحرفيين كالحلاقة والخياطة والصياغة وتصليح الادوات المنزلية تحتل جانبا من السوق، بينما تتجاور التباريز الكبيرة التي تقدم ماء الشرب والسيجارة والتبغ، وتشغل دكاكين معدات السفن وادوات صيد السمك مكانا آخر من المسباخ.

يتوسط دكان الاسرة الجدار الشمالي والى الشرق منه دكان عبد الله النافع الذي يتاجر في مواد البناء، كالاخشاب والجندل والنورة والحبال، ولوازم اخرى. ويتسم عبد الله، صاحب المحل، بين تجار السوق بجديته. وهو يدير تجارته باسلوب التجار الحديثين، حيث يعرف بانضباط مواعيد فتح الدكان. ويحلف الغربي انه يضبط ساعته على مواعيد فتح واغلاق دكان عبد الله. وهو التاجر الوحيد الذي يحمل في يده حقيبة دبلوماسية كلما جاء صباحاً الى السوق او غادر مساء. بعد اغلاق دكانه الذي يحرص على تسمية بـ"المعرض" وان كان لا يختلف في شيء عن سائر محلات السوق. وتأكيدا لهذه الصفة وضع على واجهة الدكان لوحة تحمل اسم "معرض النبلاء"

والى الشرق من "معرض النبلاء" تتتالى محلات الخدمات: حانوت الحلاق ابراهيم، ومحل عبد الله الايراني، الذي يجمع ما بين عيادة للاسنان وورشة لتصليح مواقد الكاز والدراجات الهوائية وكافة الاجهزة المتوفرة في المدينة حينئذ، ثم ماحة الصائغ، وحمدون الحلاو. وثمة في الزاوية الشرقية محل خياطة، وصاحبه ملاس العجم ـ امهر الخياطين وامرح رموز السوق رغم عاهته ـ فهو اصم!

والى الغرب منه دكان علي القاسمي، ثم دكان الغاوي وتبريزة الغربي وبينهما سكة البحر التي تتوزع على جانبيها دكاكين التمر ومنتجات اشجار النخيل الاخرى كالدعون والسلال والابسطة المصنوعة من السعف.

وتاتي بعد الغربي صندقة سويلم الخراصي، وهو رجل طويل وهزيل كان له صوت جهور، ويتولى الى جانب التجارة حراسة السوق. وقد اشتهر بكلمتي "من هناك؟" يصرخ بهما طوال الليل سواء شعر بدخول احد ام لا ـ فهي فقط كـ"الفزاعة" التي يضعها البدو حول حظائر مواشيهم لابعاد الحيوانات الضارية عنها.

وبسبب ذلك فقد صوته، الا انه ظل يحرس السوق واستبدل صوته بمشعل كهربائي قوي يصوبه على وجوه المارة.. يتحقق من شخصياتهم، خاصة اذا كان المار برفقة امرأة. ففي هذه الحالة يطيل التحقيق للتعرف على شخصية الرجل واستشفاف علاقته بالمرأة! ويقال ان البنيان ود "كيراه" وزع صدقة على فقراء الحارة عندما ضعف صوت سويلم وتوقف عن الصراخ باعلى صوته! والى يمينه يفترش المزروقي القطان الارض لصنع وعرض المراتب والاغطية القطنية واغطية الوسائد المزركشة التي تعلق على الجدران فوق اوتاد يتفنن النجارون في شذبها.

وفي الجدار الشرقي تتمدد مخازن الاخشاب وورش النجارة، وتحتل اكثر من نصف محلات تلك الجهة . ويشتهر نجارو السوق باشغال النقش والحفر على الابواب والنوافذ واعمال زخرفة المنازل مثل اوتاد الوسائد وعوارض الاسقف، وهم يختلفون عن بناة السفن. وتجاورها دكاكين معدات السفن ومواد صيانتها، مثل الحبال والصل والمراسي واقمشة الاشرعة والبكرات ومواد التشحيم والمضخات اليدوية وادوات الملاحة الاخرى.

وتصطف مجموعة من دكاكين المواد الغذائية في الجدار الجنوبي، بالاضافة الى هؤلاء هناك مطعم مسلم ومقهاية درويش ودكاكين الحرفيين وباعة المواد المنزلية!

وينتصب كشك جمعة الابيض، الذي يبع السجائر المستوردة والعطور والحلي المزيفة والملابس الداخلية والنعل وبعض الكماليات الخفيفة، وحيدا في الجهة الغربية المفتوحة. ودخول كشك الابيض الى السوق له قصة سمعها الصبي من زبائن الدكان.

فعلى غير عادة تجار السوق، طلب الابيض من نجاري السفن بناء كشك ضخم من خشب "الساج" الذي يستخدم لبناء السفن. وعندما اكتمل بناء الكشك استأجر عددا من الحمالين لنقله على اكتافهم الى سوق المسباخ، ولانه لم يراع عرض الطرق المباشرة من ورشات السفن الى السوق، تعذر عليهم نقله عبر الطريق القصير الذي يخترق الاحياء السكنية، واضطروا الى حمله بمحاذاة ساحل الخور لادخاله من جهة المسباخ الغربية المفتوحة. وهو طريق طوله ضعف طول السكة المباشرة التي تمر عبر منازل المدينة. ليس ذلك وحسب، فقد استحال على الحمالين في بعض المناطق المجاورة للساحل المرور دون النزول الى البحر والخوض بالكشك وتعريضه للبلل.

لكن مشاكل الابيض لم تنته عند ذلك الحد، فقد رفض اصحاب التبريزات وجود الكشك بجانبهم واعتبروه بدعة ستضر بمصالحهم! كما رفض اصحاب الدكاكين نصب الكشك بجوار دكاكينهم لكي لا يعيق انسياب حركة المتسوقين.. مما اضطره الى وضع الكشك وسط الجهة الغربية المفتوحة من المسباخ، وتحمل تكلفة بناء قاعدة اسمنتية لتحاشي مياه البحر التي تسيل الى داخل السوق في اوقات المد الاكبر!"

اما مسباح السوق فهو لباعة المواد الاستهلاكية اليومية واصحاب الصندقات الصغيرة. ويسود المسباخ توزيع ثابت لكل فئة من هؤلاء ولا يتعدى احد فيه على اماكن الآخرين: فباعة السمك استأثروا لانفسهم الركن الاقرب الى مداخل السوق من الاحياء الجنوبية والشرقية. وهو موقع يخدمهم اكثر من غيره لان سكان هذه الاحياء هم اغلب زبائن باعة السمك، فمعظم سكان الاحياء الشمالية المطلة على البحر يحصلون على حاجاتهم من السمك مباشرة من الصيادين على الشاطئ (الخيسة) قبل نقله الى السوق.

اما المزارعون الذين يجلبون منتجاتهم من الخضراوات والفواكه الموسمية وطعام المواشي فلهم الجهة الشمالية. وتجري بائعات المواد الغذائية الجاهزة وراء الظل، ففي الصباح يتخذن من ظل الجدار الشرقي للسوق مكاناً لبسط الصواني وبعد الظهر ينتقلن الى الجهة العربية حيث يتركن الشمس خلف ظهورهن! وفي الوسط يعرض اصحاب الصندقات بضاعتهم التي تنحصر عادة في بيع أدوات صيد السمك البسيطة والملابس الجاهزة والادوات المنزلية.

ــ
المسباخ: سمى ذلك نتيجة لسيلان مياه البحر اثناء المد الكبير وتكون سبخة بعد انحسارها. الجندل: اخشاب المنغروف او القرم تستخدم كعوارض اسقف المنازل التي تبنى من الحجارة والطين. الحلاو: صانع الحلوى. الصل: زيت كبد الحوت او القرش وتدهن به السفن . مقهاية: مقهى

 أطبع الموضوع أرسل الموضوع لصديق

فهرس الموضوعات

المؤلف في سطور

نبذة عن الكتاب

توطئة الجزء الأول

مذاق الصبر

صور لم تبرح ذاكرتي

الكرسي المتحرك

عزومة على الشاي

اليأس والسأم

لم احسن الظن

التصالح مع الإعاقة

الانطباعات المقولبة

لست بطلا ولا اطلب بطولة!

هواجس

عزلة ليست من اختياري

معوًّقون لا معوقين

تكافؤ الفرص

ذوو الاحتياجات الخاصة

المعاشرة الزوجية

كيف يتحول مهندس فجأة إلى مترجم

السيارة

التبعات الصحية للإعاقة

توطئة (الجزء الثاني)

عوض

وطني الأكبر

عبق لا يزول من الذاكرة

الوجه الآخر للشمس

الشعلة التي أضاءت الصحراء

المدينة

الريحان والدخان

البرزة

تجليات الجنون

الشمروخ

ود مطر

الحرف والعصا

المقراع

دمعة

سوق المسباخ

سكة البنايين

صور

كلمة اخيرة


[   من نحن ? |  سياسة الخصوصية | منتدى أطفال الخليج (جديد) | الصفحة الرئيسية ]

خدمة الخلاصات تاريخ آخر تحديث: 1/4/2022

أطفال الخليج ذوي الإحتياجات الخاصة

جميع الحقوق محفوظة