السمع والتخاطب الصرع والتشنج الشلل الدماغي العوق الفكري التوحد وطيف التوحد متلازمة داون الصلب المشقوق وعيوب العامود الفقري
الاستشارات
الإعاقة دوت نت دليل الخليج لذوي الاحتياجات الخاصة مقالات مجلات ندوات وؤتمرات المكتبة العلمية

صحة الوليد - الأطفال حديثي
الولادة

صحة الطفل

أمراض الأطفال

المشاكل السلوكية

مشاكل النوم

الـربـو

الحساسية

أمراض الدم

التدخل المبـكـــر

الشفة الارنبية وشق الحنك

السكري لدى الأطفال

فرط الحركة وقلة النشاط

التبول الليلي اللاإرادي

صعوبات التعلم

العوق الحركي- الاعاقة الحركية

العوق البصري - الإعاقة البصرية

الدمج التربوي

المتلازمات

الإرشاد الأسري ونقل الخبر

امراض الروماتيزم

أمراض الغدد



اشتراك انسحاب


108642606 زائر
من 1 محرم 1425 هـ

البحث في الموقع
 

المكتبة العلمية
الاستشارات
اتصل بنا

سجل الزوار

مذاق الصبر

وطني الأكبر

الكاتب : محمد عيد العريمي

القراء : 4184

وطني الأكبر

في مساء اليوم التالي تجمع أهل الوادي في بيت عبّاد.. جاءوا جميعاً للاستماع إلى الراديو، ولكن في ذهنهم شيء واحد فقط: قراءة القرآن.

جلس الضيوف، فلما طال انتظارهم ـ والبدو دائماً في عجلة من أمرهم ـ طلب الشايب مرزوق، وهو يتحسس بيديه الجهاز بحذر وكأنه يتوقع لسعة عقرب، من سعد ان يفتحه ويسمعهم ما سمعت المعلمة شمسة أمس!

أحس سعد، الذي لم يخف فرحته بحضور سكان الوادي، بورطة موقفه.
• جاك الموت يا تارك الصلاة! قالها العبد وهو يقهقه. فلم يجد افضل من هذا التعبير لوصف المأزق الذي وقع فيه صديقه. لكنه تدارك الموقف فوجه سؤلا للشايب مرزوق:
• يا عمي مرزوق ايش من الأيام هذه؟
• اليوم السبت يا معلم ود شماله. قالها احدهم مستهجنا السائل والسؤال! لم يعر العبد التعليق اهتماما وواصل يسأل:
• قل يا عمي ايش من الأيام هذه؟
• العبد مصمم عليك يا عمي مرزوق.. يا لله راوينا إذا كنت تعرف تحسب الأيام؟ قال آخر. احدث التعليق جلبة بين الناس، وسمعت النساء وهن يضحكن بأعلى أصواتهن خلف سياج البيت.
تثاقل مرزوق الرد، واجاب وهو يمسد لحيته الطويلة دلالة على السخط وعدم الرضى، وبصوت غاضب:
• اليوم السبت يا معلم العبد أمس الجمعة. قفز العبد من مكانه وصرخ:
• الله ينور عليك يا عمي أنت جبتها.. نعم البارحة كانت الجمعة والقرآن اللي سمعته المعلمة كان من صلاة الجمعة!
نفث سعد الهواء الذي حبسه في صدره وهو يتابع محاولات العبد إنقاذه من الورطة.
• ايش يعني؟ سأل الشايب، وأضاف في إشارة لحاجته لمرافق بعد ان فقد بصره:
• كل هذا الجر والسحب بلاش.. مبنسمع شيء الحين؟
وكان هذا ايضاً تساؤل كل من حضر، فطمأنهم سعد ان الراديو يذيع اخباراً ودروساً دينية احياناً وغيرها، وكاد يضيف "واغاني أيضاً"

تربع سعد في جلسته أمام المذياع واخذ يدير القرص بحثا عن محطة ترضي مستمعيه في أول يوم لهم معه! ومن "صوت الساحل" استمعوا إلى نشرة الأخبار المحلية التي أوردت في نهايتها قائمة بأسماء السفن التي وصلت أو غادرت ميناء دبي.. ومن بينها سفن بعض تجار المدن الساحلية المعروفين لديهم، فأثار ذلك استحساناً عبر عنه الشايب مرزوق، وإن استعصى عليه فهم بعض الكلمات التي وردت في الأخبار، وظل يسأل سعد طوال فترة النشرة "ايش يقول؟"، بعدة ردود أفعال مثل، "الله واكبر.. ايش هذا الشيء يلقط أخبار الدنيا كلها!"

في صباح اليوم التالي شاهدت الحطابات سالومي "المعتوه" وهو يضع رأسه داخل عبوة صفيح فارغة وامسك بيديه طرفي جذر راك ناعم بعد ان ادخله في ثقب بالعلبة واخد يسحبه يميناً وشمالاً لإصدار صوت يشبه صوت آلة الكمنجة.. ويغني:"كنت.. كنت.. سيجارة حبيبي!" ـ الإعلان الذي كان يبث كثيرا حينئذ من الإذاعات العربية.

وبعد أيام أضاف سليّم مغاني آلة جديدة إلى أدواته الموسيقية التي كانت تقتصر على طبل تمزق جلده وقدر نحاس يضربه الرماسة بقطعتين من أغصان الغاف، وهي تجمع بين العود والربابة والكمنجة جمعها بمعاونة سعد، أضاف إلى غناء التغرود والطارق نوعاً آخر من الغناء تعلمه من إذاعة "صوت العرب" ويقول مطلع احدها "وطني حبيبي.. الوطن الأكبر".

أما العبد فقد أطلق اسم "الصوت" على خوار ناقته، أملا ان تكسب عندما تكبر صفة السرعة التي كانت تشتهر بها الإذاعة في نقل أخبار العالم. وفعلاً.. لم يخب ظنه، فقد أصبحت الصوت مضرب الأمثال في المنطقة لسرعة عدوها في السباقات، ثم اشتهرت بعد ذلك بـ "ولادة الاصائل" حيث أنجبت عدداً من نوق السباق السريعة. وقيل ان العبد "اغتنى" نظرا للطلب والتنافس احياناً على شراء بنات "الصوت" ـ وهو الاسم الذي اصبح فيما بعد علامة على أصالة النسل على غرار بنات "فرحة" وبنات "سمحة"!

العبد (أو كما يناديه بعضهم ود شماله) هو أيضا غريب على الوادي، ولا تمت أسرته لاحد من سكان الوادي بصلة. وقصته ـ كما رواها خال الصبي ـ هي ان شمالة (والدة العبد) جاءت إلى الوادي قبل سنوات عديدة وهي تجر خلفها ناقة جرباء حملت على ظهرها: صبياً، وفتاة صغيرة، وبعضا من متاع؛ وقطيع ماعز لم تتجاوز رؤوسه خمسة! وخيمت الأسرة تحت ظل شجرة غاف في الطرف الغربي من الوادي.

في البدء تحفظ بعض سكان الوادي على وجود الأسرة الغريبة، قالوا: "ان امرأة بمثل وضعها لابد ان تكون وراءها قصة". ولم يكن التحفظ ضد المرأة واسرتها الصغيرة يعود لذلك السبب وحسب، وانما حذرا من مرض الناقة حتى لا تستعدي جمالهم! إلا انهم عوضوا سوء الاستقبال ـ وهذا ليس من شيمهم ـ عندما رأوا ان المرأة اكثر حرصاً على مواشيهم، فزارتها النسوة، بعضهن مرحبات وأخريات متطفلات! ودأبن على إحضار الطعام لأسرتها.

وبعد مرور وقت ليس بطويل وجدت شمالة طريقها إلى منازل الميسورين في الوادي، فاشتغلت في رعي مواشيهم ومساعدة نسائهم اوقات الأفراح والعزومات والمناسبات الأخرى التي تتطلب تحضير كميات كبيرة من الطعام.

ورغم الغموض الذي أحاط بأصل أسرتها وقصة نزولها الوادي، إلا ان بعض سكان الوادي اعتقدوا انها تنحدر من أسرة بدوية طيبة، وانعكس ذلك بوضوح في تربية ولدها الذي كان يتحلى بخلق حسن وخصال بدوية أصيلة.

وقد عمل العبد، وهو في سن مبكرة، راعياً للجمال، ثم مكادباً للقوافل ومضمراً لنوق السباق عندما اشتد عوده، وتفوق على شباب الوادي في رماية البندقية والقنص.. وهذه مهارات لا تجتمع في شخص واحد إلا فيما ندر!

وكان، ومنذ وصوله إلى الوادي منطوياً، على نفسه وشغله ـ وان لم يفرضه احد عليه ـ ولا احد يذكر انه تدخل في خلافات أهل الوادي أو خصوصيات أسره، وكان دائما يتجنب الاشتراك في النقاشات أو الجدل الذي يجري بين الشباب في أمورهم اليومية، ويتهرب حتى من مشاركتهم اللهو والتسلية.. تفادياً لشجار أو احتكاك معهم، فصوت أمه كان دائما يلاحقه "يا غريب كن أديب" حتى تعرف على سعد الرويسي!

لاحظت شماله في العام الماضي، أثناء وجود سعد في الوادي وتوطد علاقة ابنها به، التغير الذي طرأ على العبد، فهو نادرا ما كان يسمع له حَس. أما بعد ان تعرف على سعد، صار اكثر اختلاطا بشباب الوادي واقل نفوراً من تجمعاتهم.. علا صوته وهو يتحدث بينهم في مواضيع مختلفة كان بعضها في قائمة المحرمات التي وضعتها أمه. ولم يفت الام طبعا ان التحول في شخصية ولدها كان للأفضل، واذ اسعدها ذلك، لكنه زاد خشيتها عليه في آن!

 أطبع الموضوع أرسل الموضوع لصديق

فهرس الموضوعات

المؤلف في سطور

نبذة عن الكتاب

توطئة الجزء الأول

مذاق الصبر

صور لم تبرح ذاكرتي

الكرسي المتحرك

عزومة على الشاي

اليأس والسأم

لم احسن الظن

التصالح مع الإعاقة

الانطباعات المقولبة

لست بطلا ولا اطلب بطولة!

هواجس

عزلة ليست من اختياري

معوًّقون لا معوقين

تكافؤ الفرص

ذوو الاحتياجات الخاصة

المعاشرة الزوجية

كيف يتحول مهندس فجأة إلى مترجم

السيارة

التبعات الصحية للإعاقة

توطئة (الجزء الثاني)

عوض

وطني الأكبر

عبق لا يزول من الذاكرة

الوجه الآخر للشمس

الشعلة التي أضاءت الصحراء

المدينة

الريحان والدخان

البرزة

تجليات الجنون

الشمروخ

ود مطر

الحرف والعصا

المقراع

دمعة

سوق المسباخ

سكة البنايين

صور

كلمة اخيرة


[   من نحن ? |  سياسة الخصوصية | منتدى أطفال الخليج (جديد) | الصفحة الرئيسية ]

خدمة الخلاصات تاريخ آخر تحديث: 1/4/2022

أطفال الخليج ذوي الإحتياجات الخاصة

جميع الحقوق محفوظة