السمع والتخاطب الصرع والتشنج الشلل الدماغي العوق الفكري التوحد وطيف التوحد متلازمة داون الصلب المشقوق وعيوب العامود الفقري
الاستشارات
الإعاقة دوت نت دليل الخليج لذوي الاحتياجات الخاصة مقالات مجلات ندوات وؤتمرات المكتبة العلمية

صحة الوليد - الأطفال حديثي
الولادة

صحة الطفل

أمراض الأطفال

المشاكل السلوكية

مشاكل النوم

الـربـو

الحساسية

أمراض الدم

التدخل المبـكـــر

الشفة الارنبية وشق الحنك

السكري لدى الأطفال

فرط الحركة وقلة النشاط

التبول الليلي اللاإرادي

صعوبات التعلم

العوق الحركي- الاعاقة الحركية

العوق البصري - الإعاقة البصرية

الدمج التربوي

المتلازمات

الإرشاد الأسري ونقل الخبر

امراض الروماتيزم

أمراض الغدد



اشتراك انسحاب


108640384 زائر
من 1 محرم 1425 هـ

البحث في الموقع
 

المكتبة العلمية
الاستشارات
اتصل بنا

سجل الزوار

مذاق الصبر

هواجس

الكاتب : محمد عيد العريمي

القراء : 4559

هواجس
لم تكن تبعات الإعاقة هاجسي لأني أخاف الموت ـ وذلك بأمره سبحانه وتعالى ـ لا.. بل لأني أخشى الفقر

مضت عليّ فترة قبل عودتي إلى عمان من بريطانيا وأنا أفكر في اليوم الذي سيأتي فيه زائر ـ قريب أو صديق ـ ويخرج من جيبه بضعة ريالات يدسها تحت وسادة فراشي. يا الهي كم كنت أخشى هذا اليوم!

ولعل هذا الهاجس كان له دور رئيس على إصراري وعزمي على مواصلة العمل وتأمين حياتي من العوز والعيش بكرامة توفر لي الحصانة وتمنحني القوة لأقول "لا" أو "نعم" متى شئت ولمن شئت بقناعة لا يفرضها مركب نقص أو تحكمها حاجة!

ويحضرني هنا موقف سخيف استدعى رداً اسخف. فبعد عودتي إلى الشركة ومواصلة العمل، زارني مندوب شركة التأمين التي كانت سيارتي مؤمنة لديها، وجاء يحمل مظروفاً يحتوي على مبلغ خمسمائة ريـال تعويضا عما لحق بي من ضرر! هكذا قرر المسئولون في شركة التامين أن إصابتي لا تساوي اكثر من هذا المبلغ ـ ما أرخصنا!!

لم أتمالك أعصابي، ودون اخذ آو رد، طلبت من المندوب أن يعود إلى شركته ويعيد المظروف لمن اتخذ قرار التعويض، حتى ولو كان أكبرهم، ويقول له على لساني، وان كان ردا بذيئا "كرسه". وهي كلمة عامية لم أجد في قاموسي اللغوي ما يمكن أن يعبر عن إحساسي في ذلك الوقت.. رد لست نادماً عليه!

ليس ثمة أحقر من أن يعوض إنسان أصيب بإعاقة أتت على معظم جسده بمبلغ اقل ما يمكن أن يقال عنه انه تافه بقدر تفاهة من سعر إصابتي في شركة التامين تلك!

إن التفريط بالحقوق بسبب الفشل في التعبير بصدق عن الشعور والأفكار والقناعات ينشأ إذا كان أسلوب التعبير عنها دفاعيا أو تصاحبه كثيراً مفردات التردد والاعتذار. إذ أن الإيحاء بالضعف في التعبير عن النفس قد يسمح للآخرين بتجاهلك أو لا يكترثون لوجهة نظرك. لقد تعلمت أن الإيماءات الخجلة التي تعبر عن الضعف والقلق والاستكانة أو تلك التي " تقلل من الذات " تعمل على أضعاف تأثير ما أريد قوله وتفرغ كلامي من مضمونه!

أحيانا كثيرة يشعر الناس ـ كل الناس ـ بالإزعاج والغضب عندما يتجاهل الآخرون وجهة نظرهم.. شعورهم، ورغباتهم.. هذا إذا كانت مشروعة طبعا! وبالنسبة لي، تأتى عليّ أوقات اعجز فيها عن تحقيق شيء اشعر انه من حقي أو اطلب من أحد آن يكف عن تصرف أو فعل لا يرضيني.

إن ظروف الحياة الإيجابية والدعم المناسب وحسن الدعابة تلعب دوراً عظيما وتسهم في تحسين مستوى حياتي وأظن أن ذلك ينسحب ـ وان تفاوتت تأثيراتها من شخص لآخر ـ على معظم المعوقين.

وثمة ظروف كثيرة يشكل معظمها أو بعضها عاملاً فاعلاً في تحسين حياة المعوق، ومنها: العمل، والتمتع بصداقات وثيقة، وعلاقة أسرية متينة، ومساعدة الآخرين وتشجيعهم، ومستوى التعليم، التصالح مع أو فهم الذات، وموهبة للتعبير عن النفس بطريقة إبداعية (الرسم، الغناء، الشعر.. وسواها من تلاوين الإبداع)، الاستمتاع بهوايات (القراء، سماع الموسيقى، والمشاركة في أنشطة عامة) والضمان المالي، والحياة الزوجية السعيدة، وإقامة علاقات مرضية مع آخرين.

وبالمقابل هناك ظروف أخرى قد تحول حياة المعوق إلى "جحيم" لا ينفع معها الصبر ولا العزم ولا القوة، ومنها: مشاكل مالية، شدة الإعاقة، صعوبة الحصول على الوظيفة، وصعوبة القبول به زوجا إذا كانت إعاقته تتيح له ذلك، وصعوبة الحصول على الشخص المناسب للعناية به إذا كانت إعاقته تستدعي ذلك.

ولا يفوتني التنويه هنا أن متطلبات الشخص المعوق جسدياً مكلفة جداً! فهو دائماً بحاجة إلى أجهزة تعويضية ومتابعة طبية وعلاج طبيعي مناسب، وأجهزة للتمارين تحافظ على وضعه الصحي، وأدوات خاصة مكلفة لا تتوفر كثيراً في المستشفيات العامة، بالإضافة إلى تهيئة مرافق المنزل لتكون صالحه لاستخداماته، وسيارة مهيأة وأشياء أخرى من ضروريات الحياة.

وأعود إلى سياق حديثي السابق حول التفريط بالحقوق نتيجة الفشل في التعبير عنها بصدق. فقد تعين عليّ مع تكرار مثل هذه المواقف استخدام أسلوب أطلقت عليه "أنا هنا!" إذا أردت تحقيق إرادتي. وخلاصته هو الدفاع عن أفكاري وأحاسيسي ورغباتي بالتعبير المباشر، مع الأخذ بالاعتبار شعور الآخرين طبعاً. وهو أسلوب ينطوي على الاحترام لي وللغير ويتطلب أن أتحدث بوضوح وان تكون كلماتي دقيقة ومحددة.. وقبلهما أن تكون مقنعة!

ويحدث في بعض الأحيان أن اقف عاجزا عن التعامل مع ضغوط الحياة اليومية. ولا أجد حلاً يمكن أن يخلصني من تأثير تلك الضغوط إلا أن هناك بعض الطرق التي أتقنتها لخفض تأثير هذه العوامل على صحتي النفسية، منها تجاهل كل ما يحدث وكأنه لا يقع، حيث أضع نفسي في وضع الاسترخاء التدريجي العميق للذهن والأعصاب والمصحوب بتمارين التنفس. وهذا يساعد على خفض التوتر النفسي والجسدي أيضا!

ويتفق الأطباء والمتخصصون أن الضحك يخفف تأثير الضغط النفسي على الصحة العقلية والجسدية أيضا. ومن المؤكد أن الضحك ليس علاجاً لمواجع الإعاقة، ولكنه دون شك يساعد على تجاوز الاحباطات. ومن تجربتي الطويلة مع الإعاقة اكتشفت أن مشاهدة فيلم فكاهي أو قراءة مقال فيه ما ينتزع الابتسامة أو الاستمتاع بجلسة مع صديق طيب الحديث لها تأثير إيجابي على صحتي البدنية والنفسية.

وثمة أساليب ومهارات كان عليّ أيضا أن احددها خلال السنوات الأولى من التعايش مع الإعاقة لمواجهة تحديات اجتماعية معينة قد تفرضها طبيعة إعاقتي. وهي أساليب تساعدني على آن أفكر في نفسي كشخص أولا ومن ثم كشخص معوق. مثل هذه التحديات الاجتماعية كثيرة، منها تكوين صداقات، أو لقاء ناس جدد.

ورغم أن التعرف على أشخاص جدد بعد الحادث لم يختلف عمَا كان عليه قبله، إلا أن طبيعة إعاقتي وشدتها حدت من اتصالي ولقائي بالناس والوصول إلى أماكن التجمعات (أماكن العمل، أندية، مطاعم، مجالس.. الخ)، لذلك فأن صداقاتي بعد الحادثة أصبحت اقل عدداً ولكنها اكثر "جودة" حيث توثقت علاقاتي بمجموعة من الاخوة كنت لا اعرفهم أو أن معرفتي بهم كانت عابرة، وازدادت قوة مع بعض الأصدقاء القدامى.

وبعضها ـ أي التحديات ـ مرتبطة مباشرة بالإعاقة، مثل أن يسأل "جرسون" المطعم الشخص المرافق لي: "ماذا يأكل؟" وفي هذا السياق لي بعض التجارب منها: قصة الممرضة التي ظلت تتحدث إلى مرافقي، دون آن تلتفت إليّ ولو برمشه عين، عن طبيعة الأدوية التي وصفها الطبيب وأين مكان قسم الأشعة وكلام أخر متعلق بزيارتي للطبيب ذلك اليوم.

لم اعترض على سير الحوار حتى أنهت حديثها، وعندما تحدثت إليها التفتت إلىّ وكأنها تكتشف وجودي لأول مرة، قلت لها وبأسلوب هادي جدا وتهكمي جدا أنها أضاعت وقتي ووقتها، فصاحبي لا يجيد التحدث بالإنجليزية وكان الأحرى بها آن تتحدث إليّ مباشرة. ورغم أنني تابعت كل ما قالت وكان يمكن للموقف آن ينتهي عند ذلك الحد، إلا انه كان عليّ أن أسجل موقفا يذكر هذه الممرضة في المرة القادمة إذا تعاملت مع شخص معوق أن لا تتجاهله، ولو لم افعل ذلك لتركت المكان وفي نفسي بعض من غصة!

ورغم أن كل هذه التحديات، وان كان بعضها يبدو عادياً لمن ينظر إليها متجردا، تشكل مصدراً للإزعاج ويتعذر تبريرها، إلا أنني أتفهم تفكير وردود أفعال الآخرين حين تكون أفعالهم مجرد ردود غافلة أو مرتبكة وغير واعين لتأثير مواقفهم.

وثمة اعتقاد أن المعوَقين يصابون بـ "البرانويا" (عقدة عند الفرد تجعله شديد الارتياب في الآخرين) حين يعتقد الشخص انه مضطهد وحقوقه مغتصبة وحياته مهمشة وكرامته مهدورة، وتبدو له ردود أفعال الناس وكلماتهم قاسية ويقصد بها الإهانة والتصغير. وهذا انطباع آخر مقولب وان تغلف بتفاسير سيكولوجية.

 أطبع الموضوع أرسل الموضوع لصديق

فهرس الموضوعات

المؤلف في سطور

نبذة عن الكتاب

توطئة الجزء الأول

مذاق الصبر

صور لم تبرح ذاكرتي

الكرسي المتحرك

عزومة على الشاي

اليأس والسأم

لم احسن الظن

التصالح مع الإعاقة

الانطباعات المقولبة

لست بطلا ولا اطلب بطولة!

هواجس

عزلة ليست من اختياري

معوًّقون لا معوقين

تكافؤ الفرص

ذوو الاحتياجات الخاصة

المعاشرة الزوجية

كيف يتحول مهندس فجأة إلى مترجم

السيارة

التبعات الصحية للإعاقة

توطئة (الجزء الثاني)

عوض

وطني الأكبر

عبق لا يزول من الذاكرة

الوجه الآخر للشمس

الشعلة التي أضاءت الصحراء

المدينة

الريحان والدخان

البرزة

تجليات الجنون

الشمروخ

ود مطر

الحرف والعصا

المقراع

دمعة

سوق المسباخ

سكة البنايين

صور

كلمة اخيرة


[   من نحن ? |  سياسة الخصوصية | منتدى أطفال الخليج (جديد) | الصفحة الرئيسية ]

خدمة الخلاصات تاريخ آخر تحديث: 1/4/2022

أطفال الخليج ذوي الإحتياجات الخاصة

جميع الحقوق محفوظة