السمع والتخاطب الصرع والتشنج الشلل الدماغي العوق الفكري التوحد وطيف التوحد متلازمة داون الصلب المشقوق وعيوب العامود الفقري
الاستشارات
الإعاقة دوت نت دليل الخليج لذوي الاحتياجات الخاصة مقالات مجلات ندوات وؤتمرات المكتبة العلمية

صحة الوليد - الأطفال حديثي
الولادة

صحة الطفل

أمراض الأطفال

المشاكل السلوكية

مشاكل النوم

الـربـو

الحساسية

أمراض الدم

التدخل المبـكـــر

الشفة الارنبية وشق الحنك

السكري لدى الأطفال

فرط الحركة وقلة النشاط

التبول الليلي اللاإرادي

صعوبات التعلم

العوق الحركي- الاعاقة الحركية

العوق البصري - الإعاقة البصرية

الدمج التربوي

المتلازمات

الإرشاد الأسري ونقل الخبر

امراض الروماتيزم

أمراض الغدد



اشتراك انسحاب


108254162 زائر
من 1 محرم 1425 هـ

البحث في الموقع
 

المكتبة العلمية
الاستشارات
اتصل بنا

سجل الزوار

مذاق الصبر

الانطباعات المقولبة

الكاتب : محمد عيد العريمي

القراء : 4623

الانطباعات الـ"مقولبة"
بعضهم لا يتجاوز مجال رؤيتهم أطراف أنوفهم ويصعب عليهم النظر إلى المعوقين ابعد من الأجهزة التعويضية

بعد الاستقرار في مسقط، وعندما بدأت اخرج إلى الأماكن العامة (مركز تجاري، مطعم، حديقة، أو سواها من الأماكن العامة التي يرتادها الجمهور) تعرضت كثيرا لمواقف يمكن تسميتها "النظرات المستغربة". وهي انطباع أولى شائع ليس تجاه المعوقين حركيا، وإنما يتعرض له كل من شاءت له الأقدار أن يبتلي بشكل من أشكال الإعاقة.

كان وقعها في البداية مزعجاً.. مربكاً، وبغيضاً! وأمام ذلك كنت لا أجد مناصا، وأنا اخفي ضيقي.. اكبت خنقي، واستر كآبتي، من الهرب وترك المكان. تكرر هذا الموقف كثيرا، وكان لا بد من مراجعة الذات! فلا يمكن أن امضي بقية عمري مطاردا بتلك المواقف السلبية التي تبدر من الآخرون والتي يأتي معظمها عفوياً.

وبعد مراجعة متأنية مع نفسي واستعادة كل ما تعلمته أثناء فترة التأهيل للتعامل مع هذا النوع من السلوك، قررت آن لا ادع مواقف كتلك تحول بيني والاستمتاع ببعض مباهج الدنيا. وكان عليّ آن أتصرف حيال ذلك بحجم المواقف نفسها. فهي في الحقيقة لا يمكن تحميلها اكثر مما تحتمل ولا تستدعي كل تلك المعاناة. فلن ادع "غافلا" أو من يعوزه الوعي أن يدفع بي إلى مغادرة المكان.. التلعثم، أو غض البصر لأن هذه الأنماط من السلوك، رغم تفهمي لأسبابها، ولا رغبة لي بان أكون فظا، لا تستحق عناء التوتر والإحراج.

فأعاود الذهاب إلى تلك الأماكن وسلاحي الثقة بالنفس والعزم على تجاهل تلك النظرات السلبية. وكنت أرد عليها إما بابتسامة أو نظرة أو كلمة. وبمرور الوقت لم تخف تلك النظرات، وإنما وقعها عليّ أخذ يخف تدريجياً حتى تلاشى.

وعلى عكس ذلك يتفادى بعض الناس "النظرة العابرة" إليّ ظنا أن ذلك قد يسبب لي حرجا أو أنني سآخذ الموقف بمعان أخرى، ووجدت أن أفضل الطرق لتحرير الشخص من الارتباك أو التكلّف هو النظر إليه بابتسامة تحرره من الحرج.

كما أني لا أواجه صعوبة في التعامل مع الأشخاص الغرباء، ولكن أعتقد أنهم يجدون صعوبة أولية في التعامل معي. وأعني بالتعامل هنا ليس تقديم خدمات أو سواها من المعاملات وإنما التحدث وإقامة حوار ثنائي مع الآخر لفترة من الوقت.

فقد كنت انظر إلى الشخص في عينيه، بتحدث عن الأمور التي يتبادلها شخصان جمعت بينهم رحلة سفر بالطائرة أو قاعة الانتظار في المستشفى أو سواها من اللقاءات العابرة، علماً أن الدراسات الاجتماعية تظهر أن مستخدمي الكراسي المتحركة يجب آن يبذلوا في غالب المواقف جهدا إضافيا لإشاعة الألفة مع الآخرين عند التحدث إليهم أو إذا جمعهم عمل أو مصلحة وهذا ربما يعود إلى وضوح إعاقتهم.

وثمة أشخاص لا يتجاوز مجال رؤيتهم أطراف أنوفهم ويصعب عليهم النظر إلى المعوقين ابعد من الأجهزة التعويضية: كرسي متحرك وأطراف صناعية وسواها! وهي لسوء الحظ مواقف يتعرض لها معظم المعوقين. ويفترض هؤلاء الناس سلفا قصور القدرات العقلية والمهارات المهنية لدى الإنسان الذي ابتلي بأي نوع من القصور الوظيفي في أي جزء من بدنه، سواء قصوراً حركياً، بصرياً، أو سمعياً.

ويطلق هؤلاء أحكاما تعرف بالانطباعات الـ"مقولبة" (رأياً مبسطاً لحد الإفراط المشوه) وينسحب هذا النوع من التفكير على جوانب أخرى من شخصيته غير تلك المتصلة بطبيعة الإعاقة: كأن يفترض أن المصاب بكسر في الظهر وبالتالي شلل في الأطراف السفلية هو أيضا يعاني من قصور في قواه العقلية! ويعتبر التفكير المقولب أهم السلبيات التي تعيق اندماج المعوقين في مجتمعاتهم. وهنا يصبح المعوقون نتاج تفكير فئات من المجتمع يمكن أن نطلق عليّهم المعوِّقين (بكسر وشد الواو)

مواقف هؤلاء الناس أو انطباعاتهم تجاه المعوقين يمكن تلخيصها فيما يأتي:
• الشعور بالشفقة والأسف والرثاء تجاه الشخص المعوق والذي يسفر عنه تصرف
اقرب إلى التعالي أو التفضل بهذا الشعور
• الافتراض أن الإعاقة الجسدية تنسحب على القوى العقلية ـ وهو ما أتيت على ذكره
في الفقرة السابقة
• انزعاج شخصي وقلق من التواجد إلى جانب صاحب إعاقة
• الافتراض أن الشخص المعوق يحتاج دائما لمد يد العون وبالتالي يتم تجاهله

إن "التسامح" ـ إذا صح التعبير ـ مع تلك المواقف وفهم الأسباب التي تدفع بعض الناس إلى التصرف على ذلك النحو يستدعي النظر إلى قضية الإعاقة في سياقها الاجتماعي والتاريخي. ففي مجتمعات كثيرة، وحتى وقت قريب، فرضت عوامل اجتماعية كالجهل والعصبية والخرافة أحيانا عزلة قهرية على الشخص المعوَق، فكان يواجه التهميش والإهمال ويصبح وجوده خزيا على أسرته، ويتعرض لكثير من أشكال التمييز بين اخوته وأفراد أسرته ناهيك عن المجتمع ككل. وكان محيط حياته يقتصر على جدران المنزل الأربعة، فهو محروم من التعليم وممارسة حياته كأي إنسان آخر في المجتمع.

ولأنه يعيش في بيئة اجتماعية تتجاهل ابسط حقوقه الآدمية كالعمل والزواج أو التدرب على حرفة يرتزق منها، تصبح حياة المعوق عبئا على الأسرة وتغدو غير جديرة بان تعاش، فهو عاجز عن إطعام نفسه.. دع جانبا التفكير في الزواج وتكوين أسرة خاصة به!

هذا على الجانب الأسرى، أما على المستوى الاجتماعي فقد زاولت المؤسسات العاملة في مجال رعاية المعوقين عملية "الإنابة" عنهم، حيث كان معظمها يفتقر لوجود أعضاء معوقين فيها.. خاصة في مواقع اتخاذ القرار، وبالتالي فان هذه المؤسسات التي أنشئت أصلا لرعاية المعوقين وتوفير السبل لدمجهم في المجتمع كانت تمارس دون آن تشعر التمييز الذي تسعى إلى إزالته!

وعندما تحسنت نظرة الناس في العقود الأخيرة للمعوقين فان هذا التحسن لم يتجاوز الاعتقاد أن الشخص المعوق يحتاج دائما لمن يرعاه ويحسن عليه ويشفق لحالته! ولشد ما يغيضني عندما يوصف شخص ما بكلمة "مسكين" دلالة على إعاقته!

ويظن أيضا، أخذا بالمثل القائل "كل ذي عاهة جبار!"، أن الإعاقة تولد في صاحبها ملكة الإبداع وتجبره على اكتساب مهارات وتطوير قدرات يتفوق بها على غيره من الناس تعويضا عن ما يفقده ـ أي انه مطلوب من كل معوق أن يكون طه حسن آخر أو "بتهوفن" ثان أو ذائع الشهرة عالم الفيزياء المعاصر ستيفن هاوكينج. وهذا الاعتقاد، وان كان تمييزاً إيجابياً، إلا انه في النهاية يضع على الشخص المعوق عبئا آخر ومن ثم هو لا يختلف عن التفكير المقولب.

إن الأشخاص البسطاء غير ملامين في هذا التفكير النمطي "المقولب" في ظل غياب سلوك اجتماعي توعوي يشجع أفراد المجتمع على التقرب والاتصال بالمعوقين وتهيئة مناخ اكبر للاختلاط بهم سواء ضمن ترتيبات خاصة أو في مناشط عامة.

ولعل بعض المعوًقين يتحمل جانبا من انتشار هذا النوع من التفكير حين يستسهل الاعتماد على الآخرين ويركن إلى الشعور أنه ضعيف وغير قادر على إدارة حياته.

تغيير ردود أفعال الآخرين تجاه الشخص المعوق يبدأ أولا بتغيير سلوكه ـ هو ـ تجاه نفسه من خلال تطوير قدراته وإمكانياته والتحلي بالثقة والمطالبة بتطوير أساليب وبرامج تعزز قواعد تكافؤ الفرص وتتيح له ممارسة دور اكبر فيما يخص حياته.

إن إحساس المعوق بأهميته كفرد منتج وقادر على المساهمة في حياة مجتمعه، وإبراز مهاراته المكتسبة أو إظهار القدرة على اكتساب الجديد من المهارات، احد العوامل الرئيسية التي تصوغ شكل الموقف الذي يتخذه الآخرون منه. بيد أن تغيير الأفكار والمواقف لا يأتي بين ليلة وضحاها، وإنما هو عملية بطيئة تتبلور عبر متواليات من التعليّم والتوعية واثبات الذات ودحض الأفكار المقولبة!
واهم من كل ذلك بذل جهود منظمة لشن حملات إعلامية توصل للجمهور مبدأ أن المعوَقين ليسوا إلا مواطنين يتمتعون بنفس الحقوق والواجبات مثل غيرهم، ويجب ألا تحول إعاقاتهم دون الحياة في المجتمع بشكل طبيعي بلا تهميش أو تحيز.

وأؤكد هنا، في ضوء تجربتي، أن نظرة المعوق إلى نفسه هي من أهم العوامل التي تغير التفكير والسلوك السلبي تجاهه. فإن قدَّم إعاقته للناس قبل أن يقدم نفسه ومهاراته، فان الآخرين سيعاملونه على ذلك الأساس. فأنا اقدم نفسي من خلال من أنا وليس ما هي إعاقتي، وانظر إلى نفسي بإيجابية قبل آن اطلب ذلك من الآخرين.


 أطبع الموضوع أرسل الموضوع لصديق

فهرس الموضوعات

المؤلف في سطور

نبذة عن الكتاب

توطئة الجزء الأول

مذاق الصبر

صور لم تبرح ذاكرتي

الكرسي المتحرك

عزومة على الشاي

اليأس والسأم

لم احسن الظن

التصالح مع الإعاقة

الانطباعات المقولبة

لست بطلا ولا اطلب بطولة!

هواجس

عزلة ليست من اختياري

معوًّقون لا معوقين

تكافؤ الفرص

ذوو الاحتياجات الخاصة

المعاشرة الزوجية

كيف يتحول مهندس فجأة إلى مترجم

السيارة

التبعات الصحية للإعاقة

توطئة (الجزء الثاني)

عوض

وطني الأكبر

عبق لا يزول من الذاكرة

الوجه الآخر للشمس

الشعلة التي أضاءت الصحراء

المدينة

الريحان والدخان

البرزة

تجليات الجنون

الشمروخ

ود مطر

الحرف والعصا

المقراع

دمعة

سوق المسباخ

سكة البنايين

صور

كلمة اخيرة


[   من نحن ? |  سياسة الخصوصية | منتدى أطفال الخليج (جديد) | الصفحة الرئيسية ]

خدمة الخلاصات تاريخ آخر تحديث: 1/4/2022

أطفال الخليج ذوي الإحتياجات الخاصة

جميع الحقوق محفوظة