السمع والتخاطب الصرع والتشنج الشلل الدماغي العوق الفكري التوحد وطيف التوحد متلازمة داون الصلب المشقوق وعيوب العامود الفقري
الاستشارات
الإعاقة دوت نت دليل الخليج لذوي الاحتياجات الخاصة مقالات مجلات ندوات وؤتمرات المكتبة العلمية

صحة الوليد - الأطفال حديثي
الولادة

صحة الطفل

أمراض الأطفال

المشاكل السلوكية

مشاكل النوم

الـربـو

الحساسية

أمراض الدم

التدخل المبـكـــر

الشفة الارنبية وشق الحنك

السكري لدى الأطفال

فرط الحركة وقلة النشاط

التبول الليلي اللاإرادي

صعوبات التعلم

العوق الحركي- الاعاقة الحركية

العوق البصري - الإعاقة البصرية

الدمج التربوي

المتلازمات

الإرشاد الأسري ونقل الخبر

امراض الروماتيزم

أمراض الغدد



اشتراك انسحاب


108644015 زائر
من 1 محرم 1425 هـ

البحث في الموقع
 

المكتبة العلمية
الاستشارات
اتصل بنا

سجل الزوار

مذاق الصبر

عزومة على الشاي

الكاتب : محمد عيد العريمي

القراء : 6064

عزومة على الشاي
إبريق الشاي وبابور النار وصفيحة "المعسل" على الطاولة وقصبة أرجيلة تدور على الحضور

بعد مضي حوالي ثلاثة أشهر علي وجودي في المستشفي، قطعت شوطاً متقدماً في العلاج الطبيعي الذي كان يشتمل على تمرينات عامة تنقسم إلى نوعين حسب حالة جزء الجسم الذي يخضع للعلاج: التمارين التنشيطية، وهي التي تهتم بتقوية عضلات ومفاصل الأجزاء غير المصابة بالشلل وتنشيطها لأداء وظائفها المعتادة فضلا عن إعدادها للمساعدة في تأدية مهام إضافية أخرى؛ والتمارين السلبية، وهي التي توجه للعناية بالأجزاء المصابة بالشلل من الجسم بغية الحفاظ على مرونة المفاصل والحيلولة دون ضمور العضلات وتشوه العظام وتنشيط الدورة الدموية في هذه الأجزاء.

ويشمل العلاج الطبيعي أيضاً تدريب المعوق على بعض الأنشطة اليومية مثل التنقل من الكرسي إلى السرير أو إلى مقعد السيارة وبالعكس. وكان الكرسي المتحرك وسيلة أساسية لتحقيق بعض الاستقلال في التنقل والحركة، فضلاً عن إعادة التأهيل كاستخدام فرشاة الأسنان والأكل باستخدام أدوات مناسبة، بالإضافة إلى التأهيل المهني كتعلم الكتابة (من جديد) والطباعة وتشغيل بعض الآلات.

وبعد أن تمكنت من الجلوس على الكرسي وتيسر لي التحرك من مكان إلى آخر في ردهات وأجنحة المستشفي تعرفت على معظم النزلاء الذين جاء معظمهم من الدول العربية وبالتحديد من دول الجزيرة؛ أبرزهم كان أبو صلاح: شيخ المستشفي بلا منازع ـ في العقد السادس من عمره ـ يتمتع بروح مرحة ودعابة سمجة، أحيانا، يسددها أينما شاء بين الممرضات وموظفات المستشفي. عرفت منه أنه تعرض لحادث سيارة بعد عودته من المطار حيث ذهب لتوديع مجموعة من الأصدقاء نزلوا عليه ضيوفاً خلال عطلة نهاية الأسبوع.

بدا لي أبي صلاح في الوهلة الأولى فخورا بسمات الوجاهة التي صبغها على نفسه والتي عززتها الممرضات بإطلاق لقب "الشيخ" عليه، لذلك كان يحاول دائما أن يكون عند مستوى التسمية. فبعد عدة أيام من جلوسي على الكرسي جاء أبو صلاح لدعوتي إلى غرفته لشرب الشاي والتعرف على بقية الشباب.

ذهبت لتلبية الدعوة، وعندما دخلت الغرفة كانت الجلسة أبعد ما تكون عن أجواء المستشفيات وأشبه ما تكون بمقهى شعبي في وسط إحدى أسواق الأحياء الشعبية في مدينة خليجية، حيث وضع إبريق الشاي الأحمر والاستكانات (الأكواب) وبابور النار (موقد كهربائي) وصفيحة "المعسل" على الطاولة بجانب السرير وكانت قصبة الأرجيلة تدور على الحضور بين حين وآخر.

توثقت علاقتي بأبي صلاح خلال الأشهر التالية وعرفته عن كثب، حدثني كثيراً عن نفسه وعن حياته السابقة وعن مغامراته – ليست العاطفية وإنما العملية – فتشكلت في ذهني صورة واضحة الملامح عن هذا الرجل.

لقد عمل في بداية حياته ولفترة طويلة في إحدى شركات النفط الكبيرة في بلده.. استطاع خلالها جمع ثروة يحسد عليها. لم يخف الرجل ماضيه والأسلوب الذي سلكه لجمع هذه الثروة، فهو كما قال لم يدخر جهداً خلال عمله كمسئول عن النقليات والتموين الغذائي للشركة في تسخير إمكانات وظيفته وعلاقاته العامة المرتبطة بها لتعزيز مؤسسته الخاصة وتوسيع نشاطاتها.

وبعد استقالته من شركة النفط، وسع صاحبنا تجارة شركته التي أصبحت تتعامل في تموين وتجهيز شركات النفط والشركات المرتبطة بها بالمواد الغذائية ووسائل النقل.

بعد أيام من زيارتي لأبي صلاح تعرفت إلى شخص آخر كان أكثر تحفظاً في علاقاته الشخصية وأقل اختلاطا ببقية النزلاء. سمعت الممرضات يدعونه "الكولونيل" وهي رتبة عسكرية تقابلها في العربية رتبة "مقدم" فأثار ذلك من نفسي خصلة الفضول.

استقصيت! وعرفت أنه ضابط برتبة ملازم ثان فقط في سلاح الطيران في وطنه. وبسبب تعامله مع الممرضات بنفس سلوك الضابط اتجاه جنوده أصبحت الممرضات يطلقن عليه لقب "الكولونيل"، بل أن بعضهن يؤدين له التحية العسكرية عندما يأمرهن بتلبية حاجاته. ويبدو أن صديقنا لم يعترض على هذه الترقية الكبيرة فالتصقت به وأصبح الجميع يناديه بها.

وفي الجناح المقابل لسريري ينزل شخص آخر اسمه "أبو مشعل". بدأت علاقتي بأبي مشعل منذ الأيام الأولى من وصولي وقبل أن تتاح لي حرية الحركة على الكرسي. وهو أيضا حديث العهد بالمستشفي ولم يتحرك من سريره بعد.

كانت العادة أن يأتي طباخ المستشفي صباحاً إلى كل مريض قبل إعداد وجبات الطعام لتسجيل رغبات كل شخص على حده من الأكل، وكان أبو مشعل يواجه صعوبة في التفاهم مع الطباخ بشأن طلباته. وفي إحدى المرات سمعته يصرخ بأعلى صوته وهو يطلب من الطباخ أن يحضر له شيئا أسمه "حبحب".. نوع من الفاكهة لم أسمع بها من قبل.

حاولت التدخل من سريري مستفسرا عن نوع الطعام الذي يريده حتى أستطيع ترجمته للطباخ فعرفت منه أنه يريد كما قال "فاكهة صفراء كبيرة" فخمنت أنه يقصد "شمام" فنقلت للطباخ ما يريد.

ومنذئذ وأنا أتولى ترجمة طلبات أبي مشعل ليس للطباخ فحسب، بل للممرضات والدكتور وكل من يتعامل معه من الإنجليز. وأصبحت مترجمه الخاص حتى في غرفة العلاج الطبيعي التي يصر فيها أبو مشعل على وضعه خلال العلاج في مكان قريب مني حتى أستطيع تخليصه من "هذر" المتخصصات بالعلاج الطبيعي.

تنطبق على أبي مشعل المواصفات النموذجية لبدو صحراء الجزيرة العربية، فهو سخي كريم يصر دائما على دفع حساب طلباتنا الليلية من الوجبات التي نطلبها من المطعم الهندي الموجود في وسط المدينة.

وحتى حادثته مرتبطة ببيئته الصحراوية، حيث كان الجمل، الذي لا يخفي إعجابه به، سبباً فيما هو فيه.. وهي حالة مشتركة بيننا وان اختلف الشكل، فقد سقط أبو مشعل على رأسه من فوق ظهر الجمل بينما سقط الجمل على رأسي.

يرافق أبي مشعل ابنه مشعل: شاب في أوائل العشرينات من عمره، يشعر الإنسان عندما يراه إلى جانب والده بمفارقة فجة وقبيحة بين الأب والابن. فالأول نتاج خالص لبيئة الصحراء العربية التي شكلت ملامحه وسلوكه وحتى طريقة كلامه بقسوتها من جانب وصفاء فيافيها من جانب آخر. ففي حين يبدو لك جلفاً قاسياً يصعب التعامل معه أو حتى التحدث إليه، إلا انه سرعان ما تظهر طبيعته السمحة وكرمه السخي ونفسه الطيبة.

وطفحت على الابن أشكال ومظاهر غريبة من الشارع الغربي، فتراه حلق شعر رأسه بطريقة تستفزك قبل أن تثير اشمئزازك، وعلق حول عنقه أشكالا لا حصر لها من السلاسل والسيور وصور الحيوانات ونماذج مصغرة لأشياء أخرى لا يمكن ذكرها هنا! أما ملابسه فحدث ولا حرج ـ كما يقال ـ كثرت ألوانها وتعددت الرسومات عليها، وبدا الشاب كله كشجرة عيد ميلاد متحركة أو أشبه بالكازينوهات التي تزين واجهاتها لوحات "النيون" الملونة والمصابيح البراقة.

 أطبع الموضوع أرسل الموضوع لصديق

فهرس الموضوعات

المؤلف في سطور

نبذة عن الكتاب

توطئة الجزء الأول

مذاق الصبر

صور لم تبرح ذاكرتي

الكرسي المتحرك

عزومة على الشاي

اليأس والسأم

لم احسن الظن

التصالح مع الإعاقة

الانطباعات المقولبة

لست بطلا ولا اطلب بطولة!

هواجس

عزلة ليست من اختياري

معوًّقون لا معوقين

تكافؤ الفرص

ذوو الاحتياجات الخاصة

المعاشرة الزوجية

كيف يتحول مهندس فجأة إلى مترجم

السيارة

التبعات الصحية للإعاقة

توطئة (الجزء الثاني)

عوض

وطني الأكبر

عبق لا يزول من الذاكرة

الوجه الآخر للشمس

الشعلة التي أضاءت الصحراء

المدينة

الريحان والدخان

البرزة

تجليات الجنون

الشمروخ

ود مطر

الحرف والعصا

المقراع

دمعة

سوق المسباخ

سكة البنايين

صور

كلمة اخيرة


[   من نحن ? |  سياسة الخصوصية | منتدى أطفال الخليج (جديد) | الصفحة الرئيسية ]

خدمة الخلاصات تاريخ آخر تحديث: 1/4/2022

أطفال الخليج ذوي الإحتياجات الخاصة

جميع الحقوق محفوظة