|
108740827 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
>> مقالات نفسية وسلوكية
<< |
العلاج السلوكي |
الكاتب : د/ خالد محمود عبد الوهاب |
القراء :
7244 |
العلاج السلوكي
د/ خالد محمود عبد الوهاب استشاري الصحة النفسية مجمع الأمل للصحة النفسية بالدمام
أولا : تعريف السلوك : السلوك هو الموضوع الأساسي لعلم النفس , وهو يعني نشاط الإنسان في تفاعله مع البيئة ليتمكن من التكيف معها . والسلوك يتضمن ما هو ظاهر ويمكن ملاحظته , وأيضا ما هو كامن داخل الفرد ولا يمكن ملاحظته مثل التفكير والتخيل والتذكر . ويمكن تعريف السلوك بأنه : " ردود أفعال داخلية أو خارجية, تصدر عن الفرد , ردا علي منبهات أو مثيرات داخلية أو خارجية أيضا " والسلوك الإنساني بمعناه السابق لا يكون دون دافع أو سبب من ورائه , سواء كان هذا السبب واضحا للآخرين وللفرد ذاته , أو غير واضح . ففي كثير من الأحيان تصدر عن الفرد سلوكيات لا يري سببا واضحا للقيام بها . إلا أن علم النفس يقرر أن هناك أسبابا ولكنها قد تكون لاشعورية . ومتى كان الدافع أو السبب قويا كانت شدة السلوك . وتختلف تلك الدوافع والأسباب باختلاف الكثير من الأمور منها علي سبيل المثال : أهمية الدافع بالنسبة للفرد , إدراك الفرد للموقف المحيط به وكيفية تفسيره له , وكذلك خبرات الشخص وعلاقاته وحاجاته .
كيف يتم اكتساب السلوك ؟ هناك مجموعة من القوانين الهامة التي تساعد في تفسير عملية اكتساب السلوك منها : 1. قانون الاستعداد : وهو خاص بالفرد , ومدى رغبته في عملية التغيير أو اكتساب سلوك جديد . 2. قانون المران أو التدريب : تزداد قوة السلوك بالتكرار والممارسة , وتضعف بالإهمال . 3. قانون الأثر : الأثر الناتج عن قيام الفرد بسلوك ما , سواء كان هذا الأثر إيجابيا أو سلبيا , يلعب دورا هاما في إمكانية تكرار هذا السلوك أو عدم القيام به فيما بعد . 4. قانون التدعيم : للتدعيم الذي يحصل عليه الفرد من المحيطين به , سواء كان هذا التدعيم إيجابيا أو سلبيا, دورا هاما في تعزيز السلوك أو انطفاءه .
ويمكن تفسير عملية اكتساب السلوك وفقا للقوانين السابقة كما يلي : كما سبق وقلنا في التعريف السابق أن السلوك هو رد فعل يصدر عن الفرد لسبب ما , هذا السبب هو ما نطلق عليه في علم النفس كلمة -- المثير -- سواء كان هذا المثير واضحا وظاهرا للفرد والآخرين , أو غير واضح . أما ما يصدر عن الفرد من ردود أفعال تجاه ذلك المثير فهو ما نطلق عليه كلمة -- الاستجابة -- . ولكن هل الإنسان بهذه البساطة , بحيث أن كل تصرفاته ما هي إلا ردود أفعال تلقائية علي مجموعة المثيرات التي يتعرض لها ؟ الإجابة لا , فالإنسان تحكمه في ردود أفعاله الكثير من المتغيرات منها علي سبيل المثال : أفكاره وخبراته السابقة , أسلوبه في التفكير , طريقته في الحكم علي الأمور , كيفية إدراكه للموقف أو المثير وتفسيره له , أهمية الموقف بالنسبة له , علاقاته بالمحيطين به أتناء حدوث المثير , حالته المزاجية ودرجة استعداده , حالته الصحية ( الجسمية ) ..... الخ
ما الذي يحدث بعد أن يستجيب الفرد للمثير بسلوك ما ؟ الفرد لا يري نفسه إلا من خلال الآخرين , فالآخر هو الذي يحكم علي ما يصدر منا من أفعال وتصرفات , فإذا ما شعر الفرد باستحسان من الآخر علي سلوك ما قام به في موقف معين , كان ذلك سببا في إحداث أثر طيب في نفس الفرد , مما يدفعه للقيام بمثل هذا السلوك في المواقف التالية والمشابهة . وكلما حصل الفرد علي مثل هذا الأثر في المواقف التالية ازداد تعزيز هذا السلوك ( التعزيز الإيجابي ) مما يؤدى إلي استمراره وثباته ( تدعيمه ) . أما إذا حدث عكس ما سبق , وشعر الفرد بأن السلوك الذي صدر عنه في أحد المواقف أدي إلي استياء الآخرين ورفضهم , فالأثر هنا يكون سلبيا , وبالتالي فإن الفرد يسعى للتحكم في مثل هذا السلوك , ومحاولة عدم القيام به في المرات التالية , حني لا يتكرر مثل هذا الأثر السلبي , ومن هنا يكون هناك ( تعزيز سلبي ) . ومن المهم جدا أن يحدد الأخر سبب رفضه لبعض السلوكيات التي تصدر عن الفرد , لأن مثل هذا السلوك قد يكون مقبولا عند البعض الأخر . وما أن يصل الفرد إلي قناعة بأن ما صدر عنه من سلوك كان خاطئا , فإن الرغبة في التغيير والتعديل تبدأ في الظهور . ولكي يستمر مثل هذا السلوك الإيجابي لابد له من التكرار , حني تقوي الروابط ما بين المثير والاستجابة ( مع مراعاة استمرار التعزيز ) . فكما سبق وأن وضحنا أن تلك الروابط تقوى بالاستعمال وتضعف بالإهمال . ولكي تقوي الرابطة بشكل إيجابي لابد وأن يعرف الفرد الإيجابيات والسلبيات التي نتجت عن سلوكه في المرة السابقة , حني يتجنب قدر الإمكان أي أخطاء , مما قد ينتج عنها تثبيت سلوك قد يحتاج إلي تعديل فيما بعد .
ما هي طبيعة العلاقة بين الأفكار والسلوك ؟ مع استمرار تكرار كل من السلوك والتعزيز , وحصول الفرد علي الأثر الطيب الناتج عن سلوكه , فإن ذلك يؤدي إلي تكوين الفكرة , فبمجرد أن يتعرض الفرد للمثير أو الموقف تظهر فكرة الشخص عن هذا الموقف ( الخبرات السابقة ) وكيفية التعامل معه بشكل فعال . وبالتدريج تتحول تلك الأفكار ( مع استمرار ا لتكرار ) إلي معتقد , هذا المعتقد يشكل مع غيره من المعتقدات النظام الذي يحرك كل فرد في الحياة . ويمتاز المعتقد عن الفكرة بأنه أكثر ثباتا ورسوخا مما يجعله يقاوم التغيير والتعديل , وذلك لأنه قد يكون نتيجة لخبرات وتجارب عديدة . إن وجود مثل هذه المعتقدات قد يساهم في تفسير ما نطلق عليه السلوك الأوتوماتيكي ( التلقائي ) , الذي يعتقد البعض أنه يظهر دون أي تفكير , أو يمر بأي عملية من العمليات السابقة , نظرا لقيام الفرد به مباشرة بعد تعرضه للمثير ( أصبح عادة ) . السلوك وكيفية تعديله ( العلاج السلوكي ) :
عند القيام بعملية تعديل سلوكي لابد من مراعاة ما يلي : 1. التأكد من رغبة الفرد في التغيير والتعديل ( مستوى الدافعية ) , والعمل على تنميتها . 2. تحديد السلوك المراد تعديله تحديدا دقيقا ( يجب ألا يكون هذا التحديد بشكل عام " سلوك إدماني مثلا " ولكن يجب أن يحدد من خلال مظاهره وأعراضه . 3. تحديد مدى خطورة هذا السلوك بالنسبة للفرد ,وتأثيره على توافقه الشخصي والاجتماعي . 4. تحديد طبيعة العلاقة بين هذا السلوك وبعض السلوكيات الأخرى . 5. تحديد معدل تكرار السلوك الذي يعانى منه الفرد , حتى يمكن الحكم علي أهمية التعامل معه , أو اعتباره سلوكا طبيعيا , كذلك ليمكن الحكم من خلاله على مدي التحسن فيما بعد . 6. الإنفاق مع الفرد علي الأساليب التي سوف يتم استخدامها في عملية التعديل , مع التأكيد علي أهمية التزامه بالقيام بالمهام التي سوف يكلف بها . 7. تحديد أسلوب واضح لكل من التعزيز الإيجابي والسلبي , الذي سوف يستخدم خلال عملية التعديل . 8. يجب علي كل من المعالج والفرد عدم تعجل النتائج , لأن عملية التعديل ليست بالعملية البسيطة . 9. يجب أن يتوقع المعالج مقاومة من الفرد الذي يطلب المساعدة , وعليه أن يحدد كيف يمكنه أن يتعامل معها . 10. يجب أن يتوقع المعالج إمكانية حدوث انتكاسة خلال عملية التغيير ( العودة إلي السلوك القديم ) , وعليه أن يخطط لكيفية التعامل معها .
بعض فنيات العلاج السلوكي : العلاج السلوكي هو : شكل من أشكال العلاج النفسي , يهدف إلى إحداث تغييرات مباشرة في السلوك الغير مرغوب فيه , سواء كان يعاني منه الفرد , أو يعاني منه المحيطين به . معتمدا في ذلك على قوانين نظرية التعلم , وأساسيات العلاج المعرفي . ويهتم العلاج السلوكي بمفهومه التقليدي القديم , بعلاج الأعراض الظاهرة فقط , والمتمثلة في السلوكيات الغير سوية , دون الحاجة إلى البحث عن الأسباب اللاشعورية , والمعرفية التي تقف وراء هذا السلوك . إلا أن الاتجاهات الحديثة حاليا تؤكد على ضرورة التداخل بين المدارس العلاجية المختلفة , حتى يتحقق الهدف من التدخل العلاجي .
ويقوم العلاج السلوكي على أربعة مبادئي أساسية هي : التعلم الشرطي , التدعيم والتعزيز , التعلم الاجتماعي , والتعلم المعرفي . ومن فنيات العلاج السلوكي الشائع استخدامها ما يلي : 1- التعويد , والتعرض التدريجي : وهو شائع الاستخدام في علاج بعض المخاوف , ويتم ذلك من خلال التعرض التدريجي المنظم , لمثيرات الخوف بداية من تخيل هذا المثير , أو رؤية صورته , ثم مشاهدته عن بعد , وبالتدريج حتى يتم التعامل معه , بشرط وجود داعم بشكل مستمر خلال المراحل الأولى . 2- الكف بالنقيض : يستخدم أيضا في علاج بعض أنواع المخاوف , حيث يتم فيه استثارة استجابة معارضة للقلق , عند ظهور موضوع الخوف , تعمل على توقف القلق , أو انخفاض حدته . ويكون ذلك الأسلوب من خلال تقديم مثيرات محببة لدى الفرد , وأثناء انشغاله بها , يتم التعرض للمثير المسبب للخوف . 3- العلاج بالتعزيز ( السلبي , والايجابي ) . 4- العلاج من خلال التجاهل ( إطفاء الاستجابة ) . 5- العلاج بالنموذج . 6- العلاج بالغمر .
|
أطبع
المقال |
أرسل المقال لصديق
|
|