|
110626592 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
>> الشلل الدماغي
<< |
كيف صنعت أم من طفلها المصاب بالشلل الدماغي متفوقاً في دراسته!! |
الكاتب : رهادة عبدوش |
القراء :
13356 |
كيف صنعت أم من طفلها المصاب بالشلل الدماغي متفوقاً في دراسته!! رهادة عبدوش لم يكن وقع الخبر عادياً عليها فما أن أخبرها الطبيب بالنتيجة النهائية لفحص طفلها وهي إصابته بالشلل الدماغي حتى كانت أمام أحد أمرين: -- إما أنها ستنهار وتقف عاجزة أمام هذه المشكلة -- وإما أنها ستصمد بل وستتحدى بكل طاقتها مع زوجها لتساند طفلها وتدعمه ليحيى حياة عادية كباقي الأطفال. وهنا اختارت الحل الثاني، وقررت أنها ستصنع من طفلها المصاب بالشلل الدماغي طفلاً مميزاً فبدأت رحلتها لتخوض معارك في البحث عن حلول وعن شركاء يساندونها ويؤمنون بقضيتها.. إنها (هبة رعد) التي روت حكايتها من البداية فقالت: فوجئت أثناء حملي بطفلي الثاني وأنا ما زلت بمنتصف الشهر السابع بأني على وشك الولادة وهذا ما حصل فولدت طفلي وهو لم يكمل شهره السابع، ومن هنا بدأت المشاكل مع طفلي فقد وضع بالحاضنة في أحد المشافي وبدأت عملية مراقبته والاهتمام به من قبل الجميع، وعندما خرج لم تظهر عليه أية أعراض تدل عل أنه مصاب بالشلل الدماغي، لكني لمست تأخر نموه والمشاكل التنفسية التي كان يعني منها ما أوقعني بالشك فابني مريض ولا أحد يجزم بذلك، فالأطباء كانوا يؤكدون لي سلامته، إلا أنني لم أقتنع فعندما كنت أقارنه بأخيه الأكبر وبمن هم في عمره كنت أتيقن أنه يوجد خلل ما، وهذا ما لم يقرره أحد من الأطباء بعد، وهكذا إلا أن أصبح عمره ثلاث سنوات، وهنا عرفت يقيناً أنه مصاب بالشلل الدماغي وحينها عاهدنا نفسنا أنا ووالده على المضي لمقاومة الإعاقة ليحيا ابننا حياة طبيعية -- وشكلنا مع الأطباء من مختلف الاختصاصات فريقاً متكاملاً للحركة والنطق والعلاج النفسي والتربوي وما إلى ذلك، وأدركت أني يجب أن أكون كل هؤلاء ومع كل هؤلاء فكرست جزءاً كبيراً من وقتي لهذه المهمة فالبداية كانت صعبة وكان يجب أن أتحمل عبئاً ليس بقليل. رحلة البحث عن روضة وتتابع السيدة(هبة رعد) في مسيرة رحلتها مع طفلها فتقول: المشكلة الكبرى التي كادت أن تحبطنا هي عدم وجود مدرسة تستقبل مثل هذه الحالات، حيث إني بحثت في جميع المدن لكني لم أعثر عليها إلى أن عثرت وبعد عناء على مدرسة قبلت وجود طفلي فيها بل آمنت بأهمية تعليم أولئك الأطفال وقررت أن تقوم بمشروع دمج للأطفال المعوقين، وكان هدفي الأساسي من دخول ابني المدرسة هو الاندماج الاجتماعي مع الأطفال في سنه، وهذا ما حدث وبطريقة مذهلة حيث أن الأطفال لم يشعروا بأن المشكلة التي يعاني منها تشكل إعاقة للتعامل معه فكلهم يلعبون معاً ويأكلون معاً ويتعلمون معاً، ومن جهتي عملت في المدرسة نفسها لكي أكون قريبة منه كونه يحتاج لعناية خاصة والمدرسة لن تستطيع تأمينها بعد وأيضاً كانت لي مهمة أخرى وهي إقناع الأهالي بعدم سحب أطفالهم من المدرسة لوجود طفل معوق، وهذا ما كان يحدث لا بل أيضاً يقف حائلاً أمام تسجيل أبنائهم في هذه المدرسة كونهم يرفضون فكرة دمج الأطفال المعوقين مع الأصحاء، لكن مع الأيام تبين ذكاء طفلي ما جعل المدرسة تقدمه صفاً كاملاً وبما أنه يعاني من صعوبة في تحريك جسده كونه يجلس على كرسي متحرك ويعاني شللاً في يديه عملنا على تعليمه بطريقة خاصة على الكمبيوتر بإصبع واحد ليستطيع كتابة وظائفه ودروسه وهذا احتاج مني وقتاً طويلاً لتدريبه على هذه الطريقة، وهكذا الآن هو في الصف الرابع وهو الأول على صفه. لحظات مؤلمة- لحظات سعيدة دائماً تمر عليّ ظروف صعبة وتمر كذلك على ولدي، فالطفل المصاب بالشلل الدماغي يدرك ما يجري حوله فبعض الأحيان كان يسألني ابني لم هو بهذه الحالة؟ لماذا لا يستطيع العيش كباقي الأطفال؟ وكنت دوماً أشجعه فأقول له مثلاً أنك تستطيع أن تكتب على الكمبيوتر بإصبع واحدة، وهذا ما لا يستطيعه زملائك وما إلى ذلك بأن أعزز لديه الأمور الإيجابية بحياته، وأيضاً أريد أن أؤكد أن التجربة والمتابعة أساسان في عملية النهوض بأوضاع أطفالنا وعلى المجتمع أن يتقبل هؤلاء الأطفال بأن يسمح لهم بالاندماج مع أقرانهم واللعب معهم كي لا يشعروا بالاختلاف السلبي وعلى الدولة أن تهتم بمناهج التعليم والطرق وإيجاد مدارس تعنى بالدمج وكوادر قادرة على التعامل مع الأطفال المعوقين وأيضاً الاهتمام بالطرق وتصميم البيوت بشكل يتناسب وحركتهم والاعتراف بوجود معوقين خطوة أساسية كطريق لحل مشاكلهم. )1060) طفلاً في سورية يصابون سنوياً بالشلل الدماغي ولدى سؤالنا الدكتور (ماريو لحلوح) الاختصاصي بالطب الفيزيائي والتأهيل عن ماهية الشلل الدماغي أجاب: أنه إصابة الدماغ في مرحلة مهمة أثناء تشكله وتطوره قبل أو أثناء أو بعد الولادة ينتج عنها عقابيل حركية مع الحفاظ على إمكانيات فكرية جيدة هذه الإصابة الدماغية غير مترقية يمكن أن تترافق مع اضطرابات في التواصل (النطق-البلع- اللعاب- التعلم- النظر- السمع) والصرع ونسبة حدوثه هي (2/1000) مولود حي وفي سورية يوجد (530000) ولادة جديدة منها (1060) طفلاً مصاباً سنوياً يمكن العمل على تأهيل المصابين عن طريق عدد من الوسائل المشتركة والمنسقة من طبيبة اجتماعية نفسية والعمل على الحصول على أفضل استقلالية في الحياة اليومية عن طريق فريق عمل خاص ويوجد عدة طرق للتأهيل انكليزية فرنسية ألمانية ويجب هنا تعاون عدة اختصاصات للعمل مع هذه الإعاقة .
أخيراً إنها تجربة غنية فهي خلقت حتماً صورة لأفق أفضل لا يقف عند حدود بل يستمر ليعطي دفقاً لأشخاص كثيرين موجودين ومهملين فمتابعة تلك الأم وصبرها وإصرارها بمنهجية على تعليم ابنها جعل منه معجزة حقيقية وجعل منها قدوة لجميع الآباء والأمهات الذين يريدون أن يساندوا أبناءهم ويريدوا لهم مستقبلاً أفضل، إنهم يستحقون المحاولة. |
أطبع
المقال |
أرسل المقال لصديق
|
|
|